457
شرح فروع الکافي ج3

شرح فروع الکافي ج3
456

باب أقلّ ما يعطى من الزكاة وأكثره

لا خلاف بين الأصحاب في أنّه لا حدّ لما يعطى من الزكاة فقير كثرة، وأنّه يجوز إعطاؤه قدر غناه وأزيد دفعةً، ۱ وهو المشهور بين العامّة أيضاً. وعن أبي ثور منهم عدم جواز إعطاء ما زاد على غناه، وعن أحمد في إحدى الروايتين عنه عدم جواز إعطاء قدر الغنى أيضاً. ۲
ويدلّ على ما ذهبنا إليه ما ذكره المصنّف قدس سرهفي هذا الباب، وما رواه الشيخ عن زياد بن مروان، عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال: «أعطه ألف درهم». ۳
وعن إسحاق بن عمّار، قال: قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : أعطي الرجل من الزكاة مئة درهم؟ قال: «نعم»، قلت: مئتين؟ قال: «نعم»، قلت: ثلاثمئة؟ قال: «نعم»، قلت: أربعمئة؟ قال: «نعم»، قلت: خمسمئة؟ قال: «نعم، حتّى تُغنيه». ۴
ويؤيّدها إطلاق الأخبار المتكثّرة جانب القلّة، فالمشهور بين الأصحاب أنّه لا حدّ لها أيضاً وإن استحبّ أن لا يكون أقلّ ممّا ورد في النصاب الأوّل من النقدين؛ جمعاً بين صحيحة أبي ولّاد الحنّاط، ۵ ومثلها ما رواه الشيخ عن عبداللّه بن بكير ومعاوية بن عمّار، عن أبي عبداللّه عليه السلام ، قال: قال: «لا يجوز أن تدفع الزكاة أقلّ من خمسة دراهم، فإنّها أقلّ الزكاة»، ۶ وبين صحيحة محمّد بن أبي الصهبان، قال: كتبت إلى الصادق عليه السلام : هل يجوز لي ـ يا سيّدي ـ إذا أعطي الرجل من إخواني من الزكاة الدرهمين والثلاثة الدراهم، فقد اشتبه ذلك عليَّ؟ فكتب: «ذلك جائز». ۷
ويؤيّده إطلاق بعض الأخبار، وإليه ذهب السيّد رضى الله عنهفي الجمل ۸ على ما نقل عنه في المختلف، ۹ وقد حكى عنه أنّه قال في المسائل المصرية ۱۰ بعدم جواز دفع أقلّ من الدرهم.
وفصّل الصدوق رضى الله عنه في المقنع، فجوّز إعطاء ما دون النصاب الأوّل من الفضّة دون الذهب. حكى في المختلف عنه أنّه قال: «ويجوز أن يعطى الرجل الواحد الدرهمين، ولا يجوز في الذهب إلّا نصف دينار». ۱۱ ووجهه غير ظاهر.
وظاهر الشيخ والمفيد في المقنعة عدم جواز إعطاء أقلّ من خمسة دراهم، قال: «أقلّ ما يعطى الفقير من الصدقة المفروضة خمسة دراهم فصاعداً» ۱۲ ؛ لصحيحة أبي ولّاد ۱۳ ورواية عبداللّه بن بكير ومعاوية بن عمّار. ۱۴
وقال الشيخ في النهاية:
أقلّ ما يعطى الفقير من الزكاة خمسة دراهم أو نصف دينار، وهو أقلّ ما يجب في النصاب الأوّل، فأمّا مازاد على ذلك فلا بأس أن يعطى كلّ واحدٍ ما يجب في نصاب، وهو درهم إن كان من الدراهم أوعشر دينار إن كان من الدنانير، وليس لأكثره حدّ. ۱۵
وإليه ذهب في الكتابين؛ للجمع بين الأخبار حيث حمل صحيحة محمّد بن أبي الصهبان على ما تجب في النصب بعد النصاب الأوّل. ۱۶
وعن سلّار أنّه قال: «أقلّ ما يجزي إخراجه من الزكاة ما يجب في نصاب». ۱۷ وظاهره اعتبار ذلك في الأصناف التسعة الزكوية كلّها.
وعن ابن حمزة أنّه قال: «لا يجوز أن يعطى مستحقّ من الذهب والفضّة والمواشي أقلّ من نصاب». ۱۸ ويفهم منه جواز إعطاء أقلّ من نصاب من الغلّات الأربع، وظاهر هؤلاء الوجوب.
وعن ابن البرّاج أنّه قال: «أقلّ ما ينبغي دفعه [من الزكاة] إلى مستحقّها هو ما يجب في نصاب واحد». ۱۹
و تنكير النصاب النصاب في كلاميهما يشمل ما يجب في النصاب الثاني من النقدين، وهو منقول في المنتهى عن ابن الجنيد أيضاً، قال: «وقال سلّار: يجوز الاقتصار على ما يجب في النصاب الثاني، وهو درهمان أو قيراطان، وبه قال ابن الجنيد». ۲۰
وفي المختلف عن ابن حمزة أنّه قال: «لا يجوز أن يعطى المستحقّ من الذهب والفضّة والمواشي أقلّ من نصاب». ۲۱ ويفهم منه جواز إعطاء أقلّ من نصاب من الغلّات الأربع.
وقال ابن إدريس:
اختلف أصحابنا في أقلّ ما يعطى الفقير من الزكاة في أوّل دفعة، فقال بعض منهم: أقلّ ما يجب في النصاب الأوّل من سائر أجناس الزكاة. وقال بعض منهم: أخصّه بأوّل نصاب الذهب والفضّة فحسب، وقال بعض: أقلّه ما يجب في النصاب[الثاني] من الذهب والفضّة. وذهب بعض آخر إلى أنّه يجوز أن يعطى من الزكاة الواحد من الفقراء القليل والكثير، ولا يحدّ القليل بحدّ لا يجزي غيره، وهو الأقوى عندي. ۲۲

1.اُنظر: النهاية ، ص ۱۸۹؛ مختلف الشيعة ، ج۳ ، س ۲۲۰؛ تذكرة الفقهاء ، ج ۵ ، ص ۳۴۰؛ منتهى المطلب ، ج۱ ، ص ۵۲۸ ؛ مدارك الأحكام ، ج ۵ ، ص ۲۸۳.

2.اُنظر: بداية المجتهد ، ج۱ ، ص ۲۲۲ ـ ۲۲۳؛ الاستذكار ، ج ۳ ، ص ۲۱۰ ـ ۲۱۱؛ أحكام القرآن للجصّاص ، ج۳ ، ص ۱۷۷.

3.تهذيب الأحكام ، ج ۴ ، ص ۶۳ ، ح ۱۷۱؛ وسائل الشيعة ، ج ۹ ، ص ۲۶۰ ، ح ۱۱۹۷۵.

4.تهذيب الأحكام ، ج ۴ ، ص ۶۳ـ ۶۴ ، ح ۱۷۲؛ وسائل الشيعة ، ج ۹ ، ص ۲۶۰ ، ح ۱۱۹۷۶.

5.هو الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي.

6.تهذيب الأحكام ، ج۴ ، ص ۶۲ ـ ۶۳ ، ح ۱۶۸؛ الاستبصار ، ج۲ ، ص ۳۸ ، ح ۱۱۷؛ وسائل الشيعة ، ج۹ ، ص ۲۵۷ ـ ۲۵۸ ، ح ۱۱۹۶۸. و كان في الأصل: «خمسة الدارهم» ، فصّوبناه حسب المصادر.

7.تهذيب الأحكام ، ج۴ ، ص ۶۳ ، ح ۱۶۹؛ الاستبصار ، ج۲ ، ص ۳۸ ، ح ۱۱۸؛ وسائل الشيعة ، ج۹ ، ص ۲۵۸ ، ح ۱۱۹۶۹.

8.جمل العلم و العمل (رسائل المرتضى ، ج۳ ، ص ۷۹).

9.مختلف الشيعة ، ج۳ ، ص ۲۲۷.

10.لم أعثر عليه في رسالة جوابات المسائل المصريّات ؛ فإنّ موضوعه غير الفروع العمليّة ، نعم هذا القول موجود في جوابات المسائل التبّانيات (رسائل المرتضى ، ج۱ ، ص ۲۲۵).

11.مختلف الشيعة ، ج۳ ، ص ۲۲۶. و لفظه في المقنع، ص ۱۶۲ هكذا: «و لايجزي في الزكاة أن يعطى أقلّ من نصف دينار».

12.المقنعة ، ص ۲۴۳.

13.هو الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي.

14.وسائل الشيعة ،ج ۹ ، ص ۲۵۷ ، ح ۱۱۹۶۸.

15.النهاية ، ص ۱۸۹.

16.تهذيب الأحكام ، ج۴ ، ص ۶۳ ، ح ۱۶۹؛ الاستبصار ، ج۲ ، ص ۳۸ ، ح ۱۱۸.

17.المراسم العلويّة ، ص ۱۳۳.

18.الوسيلة ، ص ۱۳۰.

19.المهذّب ، ج۱ ، ص ۱۷۲ ، و ما بين الحاصرتين منه.

20.منتهى المطلب ، ج۱ ، ص ۵۳۰ . و حكاه أيضا عنهما المحقق في المعبتر ، ج۲ ، ص ۵۹۰ . و تقدّم كلام سلّار.

21.مختلف الشيعة ، ج۳ ، ص ۲۲۷؛ الوسيلة ، ص ۱۳۰. و تقدّم كلام ابن حمزة آنفا.

22.السرائر ، ج۱ ، ص ۴۶۴.

  • نام منبع :
    شرح فروع الکافي ج3
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقيق : المحمودی، محمد جواد ؛ الدرایتی محمد حسین
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 171418
صفحه از 550
پرینت  ارسال به