463
شرح فروع الکافي ج3

باب تفضيل أهل الزكاة بعضهم على بعض

ولا خلاف بين الأصحاب في جواز تفضيل بعض المستحقّين على بعض في الزكاة، ولا في جواز تخصيص صنف من الأصناف الثمانية، بل واحد من صنف بها. وحكي ذلك عن ابن عبّاس وحذيفة، وبه قال مالك وأبو حنيفة، وزعم الشافعي وجوب التشريك بين الأصناف الثمانية ودفعها إلى ثلاثة من كلّ صنف. ۱
ومنشأ النزاع الخلاف في أنّ اللام في قوله: «إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ» الآية، ۲ هل هي لبيان المصرف أو للتمليك؟ والحقّ الأوّل؛ لأصالة عدم الملك، وعموم اللام.
ويؤيّده «وَفِي الرِّقَابِ»«وَفِي سَبِيلِ اللّه ِ» ، فإنّ «في» ليس للملكيّة اتّفاقاً، ولا قائل بالفصل.
وتخصيص الفقراء بالذِّكر في قوله تعالى: «الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللّه ِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبا فِي الْأَرْضِ»۳ لو كان في الزكاة، وفي قوله تعالى: «إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْتُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ» ، ۴ لشمول الصدقات الزكاة وعدم ذكر أكثر الأصناف في قوله عزّ وجلّ: «يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللّه َ بِهِ عَلِيمٌ»۵ بناءً على شموله للصدقة المندوبة والواجبة.
ويدلّ عليه الأخبار من الطريقين، فمن طريق الأصحاب بعض ما رواه المصنّف قدس سرهفي الباب وفي الباب الآتي، وحسنة زرارة ۶ التي رويناها في الباب السابق، فإنّ ظاهرها صرف جميع الزكاة في دين الأب.
وصحيحة عليّ بن يقطين أنّه قال لأبي الحسن عليه السلام : يكون عندي المال من الزكاة، فأحجّ به مواليّ وأقاربي؟ قال: «نعم لا بأس به». ۷
وصحيحة عمرو، عن أبي بصير، ۸ عن أبي عبداللّه عليه السلام ، قال: سألته عن الرجل يجتمع عنده من الزكاة الخمسمئة أو الستّمئة، أيشتري منها نسمة ويعتقها؟ فقال: «إذن يظلم قوماً آخرين حقوقهم»، ثمّ مكث مليّاً ثمّ قال: «إلّا أن يكون عبداً مسلماً في ضرورة فيشتريه ويعتقه». ۹
ومن طريق الجمهور عن النبيّ صلى الله عليه و سلم أنّه قال لمعاذ: «فإن أجابوك فأعلمهم أنّ عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد في فقرائهم». ۱۰
والاكتفاء بالفقراء في مقام الإعلام يعني عدم لزوم الدفع إلى غيرهم.
وما روي أنّه صلى الله عليه و آله جاءه مالٌ فجعله في المؤلّفة، ۱۱ كالأقرع بن حابس ۱۲ وعيينة بن حصن ۱۳ وعلقمة ۱۴ وزيد الخيل، ۱۵ وقسّم فيهم الصدقة التي بعث بها عليّ عليه السلام من اليمن، ۱۶ وأنّه أمر لسلمة بن صخر ۱۷ بصدقة قومه[ولو وجب] صرفها إلى الأصناف الثمانية بأسرهم، [لم يجز دفعها الى واحد]. ۱۸
وفي المنتهى: «لأنّ لكلّ واحدٍ منهم قسطا، أو لأنّه يخرج به عن الخلاف». ۱۹ نعم، يستحبّ عندنا.
ويستفاد ذلك من صحيحة عمرو عن أبي بصير ۲۰ المتقدّمة.
ويستحبّ أيضاً إعطاء جماعة من كلّ صنف فيما ورد فيه لفظ الجمع، ويستحبّ تفضيل ذوي العقل والدين والقرابة والمتعفّفين عن السؤال ونحوها كما ذكره الأصحاب وفهم من بعض الأخبار المذكورة، وما سيأتي في الباب الآتي.
قوله في خبر عبداللّه بن سنان: (إنّ صدقة الخفّ والظلف تدفع إلى المتجمّلين، فأمّا صدقة الذهب والفضّة وما كيل بالقفيز ممّا أخرجت الأرض فللفقراء المدقعين) . [ح3/5919] المدقع كمحسن: الملصق بالدقعاء، وهو التراب، ۲۱ واستحباب ذلك مصرّحٌ به في كلام الأصحاب.
قوله في خبر عنبسة بن مصعب: (فخصصت اُناسا منكم خشينا جزعهم وهلعهم) .[ح5/5921] قال الجوهري: الهلع: أفحش الجزع، وقد هلع بالكسر فهو هلع وهلوع. ۲۲

1.الخلاف ، ج۴ ، ص ۲۲۷ ـ ۲۲۸ ، المسألة ۷؛ المجموع للنووي ، ج۶ ، ص ۲۱۶؛ المغني لعبد اللّه بن قدامة ، ج۶ ، ص ۵۵۷ ؛ الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة ، ج۲ ، ص ۷۰۷؛ و ج ۶ ، ص ۴۸۰؛ الإنصاف ، ج۳ ، ص ۲۴۸؛ تفسير الآلوسي ، ج۱۰ ، ص ۱۲۴؛ الاستذكار ، ج۳ ، ص ۲۰۷.

2.التوبة(۹): ۶۰ .

3.البقرة(۲): ۲۷۳.

4.البقرة(۲): ۲۷۱.

5.البقرة(۲): ۲۱۵.

6.وسائل الشيعة ، ج۹ ، ص ۲۵۰ ، ح ۱۱۹۴۹.

7.الفقيه ، ج۲ ، ص ۳۵ ـ ۳۶ ، ح ۱۶۳۳؛ وسائل الشيعة ، ج۹ ، ص ۲۹۰ ، ح۱۲۰۴۵.

8.في الأصل: «عمرو بن أبي نصر» و التصويب من مصادر الحديث ، و يحتمل أن يكون في نسخة الشارح كذلك ، و عمرو بن أبي نصر أيضا من أصحاب أبي عبداللّه عليه السلام ، وثّقه النجاشى في رجاله ، ص ۲۹۰ ، الرقم۷۷۸.

9.الكافي ، باب الرجل يحج من الزكاة أو يعتق ،ح ۲ ؛ تهذيب الأحكام ، ج۴ ، ص ۱۰۰ ، ح۲۸۲؛ وسائل الشيعة ، ج۹ ، ص ۲۹۱ ـ ۲۸۲ ، ح ۱۲۰۴۹.

10.مسندالشافعي ، ص ۳۷۸؛ مسند أحمد ، ج ۱، ص ۲۳۳؛ سنن الدارمي ، ج۱ ، ص ۳۷۹؛ صحيح البخاري ، ج۲ ، ص ۱۰۸ و ۱۳۶؛ و ج۵ ، ص ۱۰۹؛ صحيح مسلم ، ج ۱ ، ص ۳۸؛ سنن ابن ماجة ، ج۱ ، ص ۵۶۸ ، ح ۱۷۸۳؛ سنن أبي داود ، ج۱ ، ص۳۵۶ـ ۳۵۷ ، ح۱۵۸۴؛ سنن الترمذي ، ج۲ ، ص ۶۹ ، ح ۶۲۱ ؛ سنن النسائي ، ج۵، ص ۳ ـ ۴ اول كتاب الزكاة؛ و ص ۵۵ ؛ و السنن الكبرى له أيضا ، ج۲ ، ص ۴ ـ ۵ ، ح ۲۲۱۵؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج ۴ ، ص ۹۶ و... .

11.المغني لابن قدامة ، ج۲ ، ص ۵۲۹ ؛ المجموع للنووي ، ج۶ ، ص ۱۹۷؛ بدائع الصنائع ، ج۲ ، ص ۴۴.

12.الأقرع بن حابس بن عقال التميمي ، شهد مع النبى صلى الله عليه و آله فتح مكّة و حنينا ، و كان اسمه فراس، فلقّب بالأقرع لقرع كان في رأسه ، و استعمله عبداللّه بن عامر على جيش سيّرة إلى خراسان فاُصيب بالجوزجان هو والجيش، وذلك في خلافه عثمان. راجع: اُسدالغابة ، ج۱۰۷ ـ ۱۱۰؛ تاريخ الإسلام ، ج۳ ، ص ۲۸۵.

13.عيينة بن حصن بن خذيقة بن بدر الفزاري ، أسلم بعد الفتح . و قيل: قبله ، و شهد حنينا والطائف ، و كان من الأعراب الجفاة ، و كان ممّن ارتدّ و تبع طليحة الأسدي فاُخذ أسيرا فأطلقه أبوبكر ، مات في خلافة عثمان ، و قيل في خلافة عمر. راجع: اُسد الغابة، ج ۴، ص ۱۶۶ ـ ۱۶۷؛ الإصابة، ج ۴، ص ۶۳۸ ـ ۶۴۱ ، الرقم ۶۱۶۶ .

14.علقمة بن علاثة بن عوف الكندي العامري ، لمّا عاد النبي من الطائف ارتدّ علقمة و لحق بالشام ، فكما توفّى رسول اللّه صلى الله عليه و آله أقبل مسرعا و عسكر في بنى كلاب ، فأرسل إليه أبوبكر جيشا فانهزم منهم و اُسر أهله ، فأطلقهم أبوبكر ، ثمّ أسلم علقمة ، واستعمله عمر على حوران فمات بها. راجع: الاستيعاب ، ج ۳ ، ص ۱۰۸۸ ، الرقم ۱۸۴۸ ؛ اسدالغابة ، ج ۴ ، ص ۱۳.

15.زيد بن مهلهل بن زيد الطائي ، قدم على رسول اللّه صلى الله عليه و آله وفي وفد طيء سنة تسع و أسلم ، و سمّاه ، النبى صلى الله عليه و آله زيد الخير ، و كان شاعرا لسينا شجاعا كريما . قيل: مات عند منصرفه من عند النبي صلى الله عليه و آله . و قيل: بل مات في خلافة عمر. راجع: الاستيعاب ، ج۲ ، ص ۵۵۹ ، الرقم ۸۶۲ .

16.مسند أحمد ، ج۳ ، ص ۴؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج۷ ، ص ۱۸؛ مسند الطيالسي ، ص ۲۹۶؛ السنّة لابن أبي عاصم ، ص ۴۲۶ ، ح ۹۱۰؛ مسند أبي يعلى ، ج۲ ، ص ۲۹۰ ـ ۲۹۱ ، ح ۱۸۹؛ سنن أبي داود ، ج۲ ، ص ۴۲۸ ـ ۴۲۹ ، ح ۴۷۶۴؛ سنن النسائي ، ج ۷ ، ص ۱۱۸.

17.سلمة بن صخر بن سلمان بن حارثه البياضيّ الأنصاري ، و هو الّذي ظاهر من امرأته ثمّ وقع عليها ، فأمره رسول اللّه صلى الله عليه و آله أن يكفّر ، و كان أحد البكائين. راجع: الاستيعاب، ج ۲، ص ۶۴۱ ـ ۶۴۲ ، الرقم ۱۰۲۳؛ اُسد الغابة ، ج ۲ ، ص ۳۳۷ ـ ۳۳۸؛ الثقات لابن حبّان ، ج۳ ، ص ۱۶۵ ـ ۱۶۶.

18.تذكرة الفقهاء ، ج۵ ، ص ۳۳۷؛ المغني لابن قدامة ، ج۲ ، ص ۵۲۹ ؛ نصب الراية للزيلعي ، ج۲ ، ص ۴۸۱ ، ومابين الحاصرات من تذكرة الفقهاء.

19.منتهى المطلب ،ج۱ ، ص ۵۲۸ .

20.في الأصل: «عمروبن أبينصر»، و صوّبناه حسب مصادر الحديث ، و قد تقدّم آنفا.

21.القاموس المحيط ، ج۳ ، ص ۲۱ (دقع).

22.صحاح اللغة ، ج۳ ، ص ۱۳۰۸ (هلع).


شرح فروع الکافي ج3
462
  • نام منبع :
    شرح فروع الکافي ج3
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقيق : المحمودی، محمد جواد ؛ الدرایتی محمد حسین
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 171400
صفحه از 550
پرینت  ارسال به