97
شرح فروع الکافي ج3

باب السجود والتسبيح والدعاء فيه في الفرائض والنوافل وما يقال بين السجدين

في المنتهى: «السجود في اللغة: الخضوع والانحناء، وفي الشرع: عبارة عن وضع الجبهة على الأرض». ۱ والخضوع والمطأطأة، ۲ يقال: سجدت النخلة، إذا مالت، وسجدت الناقة: طاطات رأسها. ۳
وقيل: إنّما السجود هو الخضوع واستعمل في الثلاثة الباقية مجازا؛ لأنّها لازمة للخضوع، ورجّح هذا بأن المجاز خير من الاشتراك عند التعارض.
وقال بعض المحقّقين: إنّه حقيقة لغوية في الجميع؛ لصدق الخضوع والانحناء عليها، والأقوال جارية في جميع الألفاظ المستعملة في الشرع في غير المعنى اللغوي ظاهرا.
قوله في حسنة الحلبيّ: (وأجرني) [ح1/ 5024] قال طاب ثراه: ويحتمل أن يكون هذا أمرا من الأجر، تقول: آجر[ه] اللّه يأجُره ويأجِره من باب طلب وضرب، وأن يكون أمرا من الإيجار، يقال: آجره اللّه إيجارا وهما بمعنى أعطاه أجر عمله، وأن يكون أمرا من إلاجارة، تقول: أجاره اللّه من العذاب، أي أنقذه منه، فهمزته على الأوّل همزة وصل والجيم مضمومة أو مكسورة، وعلى الأخيرين همزة قطع، لكن على الثاني ممدودة كهمزة آمن، وعلى الثالث مفتوحة كما في أقم، فإنّه مأخوذ من تأجور فعل به ما فعل بتأقوم .
قوله في خبر حفص: (يتخوّى كما يتخوّى البعير الضامر) . [ح2 / 5025] في نهاية ابن الأثير ۴ :
التخوية: هي إلقاء الخواء بين الأعضاء بأن يفرّق الفخذين بين الساقين، وبين البطن والفخذين، وبين الجنبين والعضدين، وبين العضدين والساعدين، وبين الركبتين والمرفقين، وبين الرجلين. وهذا مختصّ بالرجال كما يستفاد من الأخبار، وستأتي.
قوله في صحيحة أبي عبيدة الحذّاء: (إلّا بدّلت سيّئاتي حسنات) [ح4 / 5027 ]مستثنى عن مقدّر تقديره أسألك بحقّ حبيبك محمّد صلى الله عليه و آله وما أسألك شيئا إلّا أن تبدّل سيّئاتي حسنات، وكذا نظائره.
وفي القاموس: «سفع السموم وجهه: لفحه لفحا يسيرا». ۵ وفيه: لفحة: أحرقه. ۶
ونسبته عليه السلام السيّئة والذنب إلى نفسه المقدّسة من باب التواضع للّه عزّ وجلّ، أو مبني على ما ثبت من قولهم عليهم السلام : «حسنات الأبرار سيّئات المقرّبين». ۷ وقيل: هو من باب التعليم.
قوله في خبر عبد اللّه بن سليمان: (إنّ الصلاة على نبيّ اللّه كهيئة التكبير والتسبيح) . [ح5 / 5028] الظاهر أنّ المراد أنّ الصلاة على النبيّ صلى الله عليه و آله تقوم مقام التكبير والتسبيح في ذكر الركوع والسجود بناء على ما هو الأصحّ من إجزاء مطلق الذكر فيهما.
ويؤيّده ما رواه الشيخ عن أبي بصير، قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : أصلّي على النبيّ صلى الله عليه و آله وأنا ساجد؟ فقال: «نعم، هو مثل سبحان اللّه واللّه أكبر». ۸
ويحتمل أن يكون المراد بيان جوازها فيهما زائدا على ذكرهما، وضمير هي عائد إلى الصلاة عليه، وضمير إيّاه إليه صلى الله عليه و آله .
قوله في موثّق إسحاق بن عمّار: (فسمعت لحنينه) [ح9 / 5032] بالحاء المهملة في أكثر النسخ المصحّحة، وهو من حنين الناقة وصوتها في انزاعها إلى ولدها. وفي بعض النسخ بالخاء المعجمة، وهو أصوب، ففي النهاية: «أنّه كان يسمع خنينه في الصلاة، الخنين: ضرب من البكاء دون الانتحاب، وأصل الخنين خروج الصوت من الأنف كالحنين من الفم». ۹
وفي القاموس: «الخنين كالبكاء في الأنف والضحك في الأنف». ۱۰
قوله في خبر عبد اللّه بن هلال: (قد فعل ذلك رسول اللّه صلى الله عليه و آله ) . [ح11 / 5034] قال طاب ثراه: روي عن النبيّ صلى الله عليه و آله أنّه قال في صلاته: «اللّهمّ انج الوليد بن الوليد ۱۱ وسلمة بن هشام ۱۲ وعياش بن أبي ربيعة ۱۳ والمستضعفين من المؤمنين، ۱۴ واشدد وطأتك على مضر ورعل، وذكوان». ۱۵
وقنت أمير المؤمنين عليه السلام في صلاة الغداة فدعا على أبي موسى وعمرو بن العاص ومعاوية وأبي الأعور وأشياعهم. ۱۶ وروي أنّه لعن الأربعة في قنوته. ۱۷
ولا نزاع بين العامّة والخاصّة في جواز الدعاء على الكفّار واللّعن عليهم وإن انتحلوا ملّة الإسلام، وإنّما الخلاف في الدعاء على أهل المعاصي من المسلمين، ولم يحضرني الآن تصريح الأصحاب وتفاصيل أقوالهم.
وأمّا العامّة فمنهم من أجاز و منهم من منع، قال المانع: إنّما يدعى لهم إلّا أن يكونوا منتهكين لحرمة الدين وأهله.
وقيل: إنّما يدعى على أهل الانتهاك في حين الانتهاك، وأمّا بعده فإنّما يدعى لهم بالتوبة. ۱۸
قوله في خبر أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام : (أبوء إليك بالنعم) إلخ. [ح12 / 5035] في نهاية ابن الأثير: «أبوء بنعمتك عليّ وأبوء بذنبي، أي ألتزم وأرجع وأقرّ، وأصل البواء اللزوم ۱۹ ».
وقال طاب ثراه: قال الخطّابي: في الاستعاذات المذكورة في الحديث معنى لطيف، استعاذ من الشيء: انتهى إلى ما لا ضدّ له استعاذته منه، فقال: واعوذ بك منك.
وقيل: الأولى أن لا يستعاذ به منه؛ لما في حديث المرأة الّتي استعاذت منه صلى الله عليه و آله فأبعدها عنه، بل إنّما يستعاذ به من عقوبته، فالتقدير أعوذ بك من عقوبتك، وقد سبق تأويل استغفار المعصومين عليهم السلام .
والعامّة أيضا صرّحوا بأنّه يحتاج إلى التأويل، فقال عياض: قال ذلك تواضعا، وقال بعضهم: قال ذلك تعليما للاُمّة. ۲۰
وقال القرطبي:
معنى كلّ ذلك عندي أنّه ممكن أن يقع منه، ودليل الإمكان التكليف؛ لأنّ الأنبياء عليهم السلام مكلّفون؛ ولولا إمكان الوقوع ما كلّفوا، وإذا كان ممكنا فعليه الخوف، فلذلك يعدّون الممكن كالواقع، فيستعيذون منه ويستغفرون ويتوبون.
قوله في خبر جعفر بن عليّ: (وألصق جؤجؤه بالأرض) [ح14 / 5037] الجؤجؤ كهُدهد: الصدر. ۲۱
قوله في خبر عبد اللّه بن جندب: (اللّهمّ إنّي اُنشدك دم المظلوم) إلخ. [ح17 / 5040] في نهاية ابن الأثير:
في الحديث: نشدتك اللّه والرّحم، أي سألتك باللّه وبالرحم، يقال: نشدتك اللّه وأنشدك اللّه وباللّه وناشدتك اللّه و باللّه ، أي سألتك وأقسمت عليك، و نشدته نشدة و نشدانا و منا شدةً، و تعديته إلى مفعولين إمّا لأنّه بمنزلة دعوت، حيث قالوا: نشدتك اللّه و باللّه ، كما قالوا دعوت زيدا و بزيد، أو لأنّهم ضمّنوه معنى: ذكرّت، فإمّا أنشدتك باللّه فخطأ. ۲۲
و فيه أيضا:
في حديث عبدالرحمن بن عوف: كان لي عند رسول اللّه صلى الله عليه و آله و أي، أي و عد. و قيل: الوأي: التعريض بالعدة من غير تصريح. و قيل: هو العدة المضمونة. و أصل الوأي الوعد الّذى يوثقه الرجل على نفسه و يعزم على الوفاء به. و منه حديث وهب: «قرأت في الحكمة أنّ اللّه تعالى يقول: إنّي قد وأيت على نفسي أن أذكر من ذكرني» عدّاه بعلى؛ لأنّه أعطاه معنى جعلت على نفسي. ۲۳
و اللام في لتظفرنّهم للتأكيد، و هي هنا بمنزلة لام جواب القسم، و تعييني المذاهب، أي تعجزني طريق النجاة.
و بما رحبت، أي برحبها و سعتها، و الجهد بالضم: الوسع و الطاقة، و بالفتح المشقّة. و قيل: المبالغة و الغاية. و قيل: هما لغتان في الوسع و الطاقة، فإمّا في المشقّة و الغاية فالفتح لا غير، و يقال: جهد الرجل فهو مجهود، إذا وجد مشقّة. ۲۴
وبلغ مجهودي، أي وصل مشقّتي غاية طاقتي.
قوله في خبر محمّد بن سليمان: (تغرغر دموعه) إلخ. [ح19 / 5042] الغرغرة: ترديد الماء إلى الحلق. ۲۵ و الأكمه: الّذى يولد أعمى. ۲۶ و الأكنع: بالنون الأشلّ، و قد كنعت أصابعه كنعا، إذا تشنّجت و يبست. ۲۷ او العقم بالضم: هزمة تقع في الرحم فلا يقبل الولد، عقم كفرح و نصر و كرم، و عقّمه اللّه تعقيما. ۲۸
و «بؤت إليك بذنبي»، أي رجعت عنه و اعترفت و أقررت به فتب عليّ انّك أنت التوّاب الرّحيم.
قوله: (و كان أبو جعفر عليه السلام يقول و هو ساجد: لا إله إلّا أنت حقّا حقّا) إلخ. [ح21 / 5044] حقّا نصب على المصدر لفعل مقدّر لازم الحذف، أي حقّ ذلك حقّا، والثاني تأكيد للأوّل وتعبّدا ورقّا منصوبان على العلّيّة.

1.منتهى المطلب ، ج ۵ ، ص ۱۴۲ .

2.كذا بالأصل ، والظاهر أنّ الصحيح : «التطأطؤ» . اُنظر التعليق التالي .

3.اُنظر : بدائع الصنائع ، ج ۱ ، ص ۱۶۲ ؛ غريب الحديث لابن قتيبة ، ج ۱ ، ص ۱۵ .

4.كذا بالأصل ، وهذا سهو من القلم ؛ فإنّ هذه العبارات من نهاية الأحكام للعلّامة الحلّي ، ج ۱ ، ص ۴۹۲ ـ ۴۹۳ ، ومثله في تذكرة الفقهاء ، ج ۳ ، ص ۱۹۵ ، المسألة ۲۶۷ . لا من النهاية لابن الأثير.

5.القاموس المحيط ، ج ۳ ، ص ۳۸ (سفع) .

6.اُنظر : القاموس المحيط ، ج ۱ ، ص ۲۴۷ (لفح) .

7.في كشف الخفاء للعجلوني ، ج ۱ ، ص ۳۵۷ ، ح ۱۱۳۷ : «هو من كلام أبي سعيد الخزّاز كما رواه ابن عساكر في ترجمته ، وهو من كبار الصوفيّة ، مات في سنة مئتين وثمانين ، وعدّه بعضهم حديثا وليس كذلك» .

8.تهذيب الأحكام ، ج ۲ ، ص ۳۱۴ ، ح ۱۲۷۹ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۶ ، ص ۳۲۶ ، ح ۸۰۹۸ .

9.النهاية ، ج ۲ ، ص ۸۵ (خنن) .

10.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۲۲۰ (خن) ، ولفظه هكذا : «والخنين كالبكاء أو الضحك في الأنف» . والمذكور هنا من صحاح اللغة ، ج ۵ ، ص ۲۱۰۹ .

11.الوليد بن الوليد بن المغيرة المخزومي أخو خالد، شهد بدرا مع المشركين فأيسر، ثمّ فدي، ثم أسلم وحبس بمكّة، ثمّ فرّ منها إلى المدينة وشهد مع النَّبيّ صلى الله عليه و آله عمرة القضيّة. اُسد الغابة، ج ۵، ص ۹۲ ـ ۹۳.

12.سلمة بن هشام بن المغيرة المخزومي أخو أبي جهل وابن عمّ الخالد بن الوليد ، أسلم قديما وهاجر إلى الحبشة ، ومنع من الهجرة إلى المدينة ، وعذّب في اللّه عزّوجلّ ، ولم يشهد بدرا لذلك ، وهاجر سلمة إلى المدينة بعد غزوة الخندق ، وشهد مؤتة وعاد منهزما ، ولم يزل بالمدينة حتّى توفّي رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، فخرج إلى الشام مجاهدا فقتل بمرج الصفر سنة أربع عشرة . وقيل : بل قتل بأجنادين في جمادي الاُولى قبل وفاة أبي بكر . اُنظر: اُسد الغابة ، ج ۲ ، ص ۳۴۱ .

13.عيّاش بن أبي ربيعة بن المغيرة المخزومي أخو أبي جهل لاُمّة وابن عمّه ، أسلم قديما قبل أن يدخل رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، دار الأرقم وهاجر إلى الحبشة ، ثمّ عاد إلى مكّه ، وهاجر إلى المدينة ، فقدم عليه أخواه لاُمّه أبو جهل والحارث إبنا هشام، فذكرا له أن اُمّه حلفت أن لايدخل رأسها دهن ولا تستظلّ حتّى تراه ، فرجع معهما فأوثقاه وحبساه بمكّه ، قتل عيّاش يوم اليرموك . وقيل: مات بمكّة . اُسد الغابة ، ج ۴ ، ص ۱۶۱ .

14.في هامش الأصل : «هم كانوا اُسراء في أيدي المشركين . (منه رحمه الله) .

15.ورد بهذا اللفظ في السرائر ، ج ۱ ، ص ۲۲۸ ثمّ قال : «رَعل بالراء غير المعجمة المكسورة والعين غير المعجمة المسكنة واللام ، وذكوان بالذال المعجمة ، وهما قبيلتان من بني سليم» . وأيضا بهذا اللفظ في المعتبر ، ج ۲ ، ص ۲۳۹ وزاد : «وأرسل عليهم سنين كسني يوسف» . والحديث في غالب المصادر ورد بغير كلمتي : «رعل وذكوان». اُنظر : مسند الشافعي ، ص ۱۸۵ ؛ مسند أحمد ، ج ۲ ، ص ۲۳۹ و ۲۵۵ و ۴۱۸ و ۴۷۰ و ۵۰۲ و ۵۲۱ ؛ سنن الدارمي ، ج ۱ ، ص ۳۷۴ ؛ صحيح البخاري ، ج ۱ ، ص ۱۹۴ ـ ۱۹۵ ، وج ۲ ، ص ۱۵ ، و ج ۳ ، ص ۲۳۴ ، وج ۴ ، ص ۱۲۲ ، وج ۵ ، ص ۱۷۱ ، و ج ۷ ، ص ۱۱۸ و ۱۶۵ ؛ صحيح مسلم ، ج ۲ ، ص ۱۳۴ ـ ۱۳۵ ؛ سنن ابن ماجة ، ج ۱ ، ص ۳۹۴ ، ح ۱۲۴۴ ؛ السنن الكبرى للنسائي ، ج ۱ ، ص ۲۲۵ ، ح ۶۶۰ .

16.الذكرى ، ج ۳ ، ص ۲۹۱ ؛ أمالي الطوسي ، المجلس ۴۳ ، ح ۹ .

17.جامع المقاصد ، ج ۲ ، ص ۳۳۵ . وانظر: اُصول الستّة عشر ، ص ۸۸ ، أصل محمّد بن المثنّى .

18.اُنظر : عمدة القاري ، ج ۷ ، ص ۲۷ .

19.النهاية ، ج ۱ ، ص ۱۵۹ (بوأ) .

20.اُنظر : شرح صحيح مسلم للنووي ، ج ۶ ، ص ۵۶ ؛ عمدة القاري ، ج ۲۰ ، ص ۲۳ .

21.النهاية ، ج ۱ ، ص ۲۳۲ (جؤجؤ) .

22.النهاية ، ج ۵ ، ص ۵۳ (نشد) .

23.النهاية ، ج ۵ ، ص ۱۴۴ (وأي) .

24.النهاية ، ج ۱ ، ص ۳۲۰ (جهد) .

25.القاموس المحيط ، ج ۲ ، ص ۱۰۲ (غرغر) .

26.صحاح اللغة ، ج ۶ ، ص ۲۲۴۷ (كمه) .

27.النهاية ، ج ۴ ، ص ۲۰۴ (كنع) .

28.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۱۵۲ (عقم) .


شرح فروع الکافي ج3
96
  • نام منبع :
    شرح فروع الکافي ج3
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقيق : المحمودی، محمد جواد ؛ الدرایتی محمد حسین
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 171393
صفحه از 550
پرینت  ارسال به