175
شرح فروع الکافي ج4

قاصد للإفساد والتهتّك .
ويؤيّد ما ذكرناه ما رواه الشيخ عن سماعة ۱ الخبر ، وعن الريّان بن الصلت ۲ الخبر .
احتجّ أبو حنيفة بأنّه أوصل الماء إلى جوفه ذاكرا لصومه ، فأفطر كما تعمّد شربه . ۳
والجواب : الفرق ؛ لأنّه فعل فعلاً مشروعا فيما ادّعينا سقوط القضاء فيه من غير إسرافٍ بخلاف المتعمّد ، ثمّ قال : حكم الاستنشاق حكم المضمضة على تردّد ؛ لعدم النصّ فيه ونحن لا نقول بالقياس . ۴ انتهى .
والظاهر عدم وجوب شيء فيه أصلاً إذا لم يتعمّد الإيصال إلى الجوف ، وإن قلنا بالقضاء في المضمضة ؛ لأنّ الفعل جائز شرعا فلا يستعقب العقوبة ، ولأصالة البراءة مع انتفاء دليل على وجوب شيء عليه .
لا يقال : إنّ خبر سليمان يدلّ على وجوب الكفّارة عليه .
لأنّا نقول : إنّما يدلّ على وجوبها عليه بمجرّد المضمضة والاستنشاق ولم يقل به أحد ، فالظاهر تعلّق قوله عليه السلام : «فعليه صوم شهرين» بالأخير ، أعني دخول الغبار في حلقه ، مع أنّه قد سبق ضعف الخبرين لوجهين آخرين أيضا .
لقد أجمع أهل العلم على جواز المضمضة والاستنشاق ، لكن مع الكراهة في غير الطهارة ؛ معلّلين بأنّ الفم والأنف في حكم الظاهر كالعين .
ويدلّ عليه خبر زيد ۵ فيما سيأتي ممّا دلّ على عدم بطلان الصوم إذا دخل الماء حلقه .
ومن طرق العامّة عن النبيّ صلى الله عليه و آله أنّه قال لعمر لمّا سأله عن القُبلة : «أرأيت لو تمضمضت من إناء وأنت صائم ؟» فقال : «لا بأس» . ۶

1.تهذيب الأحكام ، ج ۴ ، ص ۳۲۲ ۳۲۳ ، ح ۹۹۱ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۱۰ ، ص ۷۱ ، ح ۱۲۸۵۵ .

2.تهذيب الأحكام ، ج ۴ ، ص ۲۰۵ ، ح ۵۹۳ ؛ الاستبصار ، ج ۲ ، ص ۹۴ ، ح ۳۰۴ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۱۰ ، ص ۷۱ ، ح ۱۲۸۵۴ .

3.المغني لابن قدامة ، ج ۳ ، ص ۴۴ ؛ الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة ، ج ۳ ، ص ۴۴ .

4.منتهى المطلب ، ج ۲ ، ص ۵۷۹ ۵۸۰ .

5.هو الحديث الثاني من هذا الباب من الكافي .

6.المغني ، ج ۳ ، ص ۴۴ و ۴۷ ؛ الشرح الكبير ، ج ۳ ، ص ۳۹ و ۴۴ و ۷۵ ؛ مسند أحمد ، ج ۱ ، ص ۲۱ ، وتقدّم سائر تخريجاته .


شرح فروع الکافي ج4
174

فقال : لا بأس ، فقال : «فمه» . ۱
ولأنّ الفم في حكم الظاهر فلا يبطل الصوم بالواصل إليه كالأنف والعين ، أمّا لو تمضمض فدخل الماء حلقه ، فإن تعمّد ابتلاع الماء وجب عليه القضاء والكفّارة ، وهو قول كلّ من أوجبها بالأكل والشرب ، وإن لم يقصده بل كان ابتلاعه بغير اختياره ، فإن كان قد تمضمض للصلاة فلا قضاء عليه ولا كفّارة ، وإن كان للتبرّد والعبث وجب عليه القضاء خاصّة . وهو قول علمائنا .
وقال الشافعيّ : إن لم يكن بالغ فسبق الماء فقولان ؛ أحدهما يفطر ، وبه قال أبو حنيفة ومالك والمزنيّ . والثاني : لا يفطر ، وبه قال الأوزاعيّ وأحمد وإسحاق وأبو ثور ، واختاره الربيع والحسن البصريّ . ۲
وإن بالغ بأن زاد على ثلاث مرّات ، فوصل الماء إلى جوفه فأفطر قولٌ واحد ، وبه قال أحمد . ۳
وروي عن عبداللّه بن عبّاس أنّه إن توضّأ لمكتوبة لم يفطر وإن كان للنافلة أفطر ، ۴ وهو رواية الحلبيّ عن أبي عبداللّه عليه السلام ، ۵ وبه قال النخعيّ . ۶
لنا : أنّه إذا توضّأ للصلاة فعل فعلاً مشروعا ، فلا يترتّب عليه عقوبة ؛ لعدم التفريط شرعا ، ولأنّه وصل إلى حلقه من غير إسراف ولا قصد ، فأشبه ما لو طارت ذبابة إلى حلقه ، أمّا إذا كان متبرّدا أو عابثا فلأنّه فرّط بتعريض الصوم للإفساد ، فلزمته العقوبة للتفريط ، ولأنّه وصل إلى حلقه بفعل منهيّ عنه فأشبه المتعمّد ، ولا كفّارة عليه ؛ لأنّه غير

1.مسند أحمد ، ج ۱ ، ص ۲۱ ؛ المستدرك للحاكم ، ج ۱ ، ص ۴۳۱ ؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج ۴ ، ص ۲۱۸ و ۲۶۱ ؛ السنن الكبرى للنسائي ، ج ۲ ، ص ۱۹۹ ۲۰۰ ، ح ۳۰۴۸ .

2.فتح العزيز ، ج ۶ ، ص ۳۹۳ ؛ المجموع للنووي ، ج ۶ ، ص ۳۲۷ ؛ المغني لابن قدامة ، ج ۳ ، ص ۴۴ ؛ الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة ، ج ۳ ، ص ۴۴ .

3.المغني لابن قدامة ، ج ۳ ، ص ۴۴ ؛ الشرح الكبير ، ج ۳ ، ص ۴۴ .

4.المجموع للنووي ، ج ۶ ، ص ۳۲۷ .

5.هو الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي ؛ تهذيب الأحكام ، ج ۴ ، ص ۳۲۴ ، ح ۹۹۹ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۱۰ ، ص ۷۰ ۷۱ ، ح ۱۲۸۵۲ . وفي رواية الكافي ينقل حمّاد عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، وفي رواية التهذيب يروي حمّاد عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام .

  • نام منبع :
    شرح فروع الکافي ج4
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقيق : المحمودی، محمد جواد ؛ الدرایتی محمد حسین
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 142227
صفحه از 662
پرینت  ارسال به