قاصد للإفساد والتهتّك .
ويؤيّد ما ذكرناه ما رواه الشيخ عن سماعة ۱ الخبر ، وعن الريّان بن الصلت ۲ الخبر .
احتجّ أبو حنيفة بأنّه أوصل الماء إلى جوفه ذاكرا لصومه ، فأفطر كما تعمّد شربه . ۳
والجواب : الفرق ؛ لأنّه فعل فعلاً مشروعا فيما ادّعينا سقوط القضاء فيه من غير إسرافٍ بخلاف المتعمّد ، ثمّ قال : حكم الاستنشاق حكم المضمضة على تردّد ؛ لعدم النصّ فيه ونحن لا نقول بالقياس . ۴ انتهى .
والظاهر عدم وجوب شيء فيه أصلاً إذا لم يتعمّد الإيصال إلى الجوف ، وإن قلنا بالقضاء في المضمضة ؛ لأنّ الفعل جائز شرعا فلا يستعقب العقوبة ، ولأصالة البراءة مع انتفاء دليل على وجوب شيء عليه .
لا يقال : إنّ خبر سليمان يدلّ على وجوب الكفّارة عليه .
لأنّا نقول : إنّما يدلّ على وجوبها عليه بمجرّد المضمضة والاستنشاق ولم يقل به أحد ، فالظاهر تعلّق قوله عليه السلام : «فعليه صوم شهرين» بالأخير ، أعني دخول الغبار في حلقه ، مع أنّه قد سبق ضعف الخبرين لوجهين آخرين أيضا .
لقد أجمع أهل العلم على جواز المضمضة والاستنشاق ، لكن مع الكراهة في غير الطهارة ؛ معلّلين بأنّ الفم والأنف في حكم الظاهر كالعين .
ويدلّ عليه خبر زيد ۵ فيما سيأتي ممّا دلّ على عدم بطلان الصوم إذا دخل الماء حلقه .
ومن طرق العامّة عن النبيّ صلى الله عليه و آله أنّه قال لعمر لمّا سأله عن القُبلة : «أرأيت لو تمضمضت من إناء وأنت صائم ؟» فقال : «لا بأس» . ۶
1.تهذيب الأحكام ، ج ۴ ، ص ۳۲۲ ۳۲۳ ، ح ۹۹۱ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۱۰ ، ص ۷۱ ، ح ۱۲۸۵۵ .
2.تهذيب الأحكام ، ج ۴ ، ص ۲۰۵ ، ح ۵۹۳ ؛ الاستبصار ، ج ۲ ، ص ۹۴ ، ح ۳۰۴ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۱۰ ، ص ۷۱ ، ح ۱۲۸۵۴ .
3.المغني لابن قدامة ، ج ۳ ، ص ۴۴ ؛ الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة ، ج ۳ ، ص ۴۴ .
4.منتهى المطلب ، ج ۲ ، ص ۵۷۹ ۵۸۰ .
5.هو الحديث الثاني من هذا الباب من الكافي .
6.المغني ، ج ۳ ، ص ۴۴ و ۴۷ ؛ الشرح الكبير ، ج ۳ ، ص ۳۹ و ۴۴ و ۷۵ ؛ مسند أحمد ، ج ۱ ، ص ۲۱ ، وتقدّم سائر تخريجاته .