199
شرح فروع الکافي ج4

وفي المنتهى :
وكلام الشيخ جيّد ؛ إذ لا نزاع في سقوط التكليف بالصوم لكنّا نقول : إنّه سقط إلى بدل هو الكفّارة ؛ عملاً بالأحاديث الدالّة عليه ، وهي مطلقة لا دلالة فيها على التفصيل الذي ذكره المفيد رحمه اللهفيجب حملها على إطلاقها . ۱
وفي المختلف :
والوجه قول المفيد رحمه الله : لنا : قوله تعالى : «وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ» ، ۲ دلّ بمفهومه على سقوط الفدية على الذي لا يطيقه ، ولأنّه عاجز عن الصوم ، فسقط عنه أداءً وقضاءً ، وإلّا لزم تكليف ما لا يطاق ، والكفّارة إمّا بدل عن فعل واجب أو مسقطة لذنب صدر من المكلّف ، وهما منفيّان هنا ؛ ولأنّ الأصل براءة الذمّة .
وقول الشيخ : لا استبعاد في إيجاب الكفّارة على العاجز . قلنا : مسلّم ، لكن نفي الاستبعاد ليس دليلاً على الإيجاب .
والأحاديث التي رواها محتملة للتأويل ، منها : رواية الحلبيّ الصحيحة ، ۳ وهذه الرواية ليست دالّة على مطلوبه ؛ لأنّ الضعف لا يستلزم العجز ، ونحن نقول : إذا ضعف وأطاق الصوم بمشقّة عظيمة وجبت الكفّارة .
ومنها : رواية محمّد بن مسلم الصحيحة في قوله عزّ وجلّ وهذه دالّة عليه ؛ لأنّه عليه السلام سئل عن الذين يطيقونه ، فقال : «الشيخ الكبير» ، ۴ ولو كان عاجزا بالكليّة لما صحّ ذلك منه .
ومنها : رواية عبد الملك بن عتبة الهاشميّ الصحيحة ، ۵ يعني ذكر المذكورة فيها الضعف ، وهي مأوّلة بما تقدّم .
ومنها : رواية محمّد بن مسلم الصحيحة عن الباقر عليه السلام قال : سمعته يقول : «الشيخ الكبير والذي به العطاش لا حرج عليهما أن يفطرا في شهر رمضان ، ويتصدّق عن كلّ واحدٍ

1.البقرة (۲) : ۱۸۴ .

2.منتهى المطلب ، ج ۲ ، ص ۶۱۸ .

3.تهذيب الأحكام، ج ۴، ص ۲۳۷، ح ۶۹۴، وص ۳۲۶، ح ۱۰۱۰؛ الاستبصار، ج ۲، ص ۱۰۳، ح ۳۳۶؛ وسائل الشيعة، ج ۱۰، ص ۲۱۲، ح ۱۳۲۴۸.

4.تهذيب الأحكام ، ج ۴ ، ص ۲۳۷ ۲۳۸ ، ح ۶۹۵ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۱۰ ، ص ۲۱۰ ، ح ۱۳۲۴۲ .

5.تهذيب الأحكام ، ج ۴ ، ص ۲۳۸ ، ح ۶۹۶ ؛ الاستبصار ، ج ۲ ، ص ۱۰۳ ۱۰۴ ، ح ۳۳۷ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۱۰ ، ص ۲۱۱ ، ح ۱۳۲۴۳ .


شرح فروع الکافي ج4
198

والأجود حينئذٍ ما اختاره في الدروس من وجوبها معه ؛ لأنّها وجّبت الإفطار أوّلاً بالنصّ الصحيح ، والقضاء حيث تجدّد القدرة ، والأصل بقاء الفدية ؛ لإمكان الجمع ، ولجواز أن يكون عوضا عن الإفطار لا بدلاً عن القضاء . ثمّ قال في ذي العطاش أيضا مثله .
وفي المنتهى :
وقال المفيد قدس سره ۱ والسيّد المرتضى رضى الله عنه ۲ وأكثر علمائنا : ۳ لا تجب الكفّارة مع عجزهما عن الصوم ، وبه قال مالك وأبو ثور وربيعة ومكحول والشافعيّ في أحد القولين . ۴
ونفاه فيه ، ولكن رجّحه في المختلف على ما ستعرفه .
وقال الشيخ قدس سره في التهذيب في شرح تفصيل المفيد قدس سره :
هذا الذي فصّل به بين من يطيق الصيام بمشقّة وبين من لا يطيقه أصلاً ، لم أجد به حديثا مفصّلاً ، والأحاديث كلّها دالّة على أنّه متى عجزا كفّرا عنه ، والذي حمله على هذا التفصيل هو أنّه ذهب إلى أنّ الكفّارة فرع على وجوب الصوم ، ومتى ضعف عن القيام ضعفا لا يقدر عليه جملةً فإنّه يسقط عنه وجوبه جملةً ؛ لأنّه لا يحسن تكليفه للصيام وحاله هذه ، وقد قال اللّه تعالى : «لَا يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسا إِلَا وُسْعَهَا»۵ ، وهذا ليس بصحيح ؛ لأنّ وجوب الكفّارة ليس مبنيّا على وجوب الصوم ؛ إذ لا امتناع في أن يكلّف اللّه من لا يطيق الصوم الكفّارة للمصلحة المعلوم له تعالى ، وليس لأحدها تعلّق بالآخر . ۶

1.المقنعة ، ص ۳۵۱ .

2.جمل العلم والعمل ، (رسائل المرتضى ، ج ۳ ، ص ۵۶) .

3.منهم السلّار في المراسم العلويّة ، ص ۹۵ ، وابن إدريس في السرائر ، ج ۱ ، ص ۴۰۰ . وفي المختصر النافع ، ص ۷۲ ، وشرائع الإسلام ، ج ۱ ، ص ۱۵۶ ، نسب هذا القول إلى «قيل» .

4.منتهى المطلب ، ج ۲ ، ص ۶۱۸ . وانظر : المجموع ، ج ۶ ، ص ۲۵۹ ؛ فتح العزيز ، ج ۶ ، ص ۴۵۸ ؛ بدائع الصنائع ، ج ۲ ، ص ۹۷ ؛ المغني ، ج ۳ ، ص ۷۹ ؛ الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة ، ج ۳ ، ص ۱۶ ؛ عمدة القاري ، ج ۱۱ ، ص ۵۱ .

5.الأنعام (۶) : ۱۵۲ .

6.تهذيب الأحكام ، ج ۴ ، ص ۲۳۷ ، ذيل ح ۶۹۳ ، ومن قوله : «إذ لا امتناع» إلى قوله : «المعلوم له تعالى» منقول بالمعنى .

  • نام منبع :
    شرح فروع الکافي ج4
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقيق : المحمودی، محمد جواد ؛ الدرایتی محمد حسین
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 177262
صفحه از 662
پرینت  ارسال به