205
شرح فروع الکافي ج4

والجواب : أنّهما يطيقان القضاء فلزمهما القضاء كالحائض والنفساء ، والآية أوجبت الإطعام ولم يتعرّض للقضاء بنفي ولا إثبات . ونحن أثبتنا وجوبه بدليل آخر ، والمراد بوضع الصوم وضعه عنهما في حال عذرهما كما في قوله عليه السلام : «إنّ اللّه وضع عن المسافر الصوم» .
هذا كلامه أعلى اللّه مقامه . ۱
وقد ذهب عليّ بن بابويه أيضا بما نسبه سلّار من القول بسقوط القضاء إذا خافتا على ولدهما ، لكن رخّص الحكم بالحامل ، حيث قال في الرسالة على ما نقل عنه في المختلف :
وإذا لم يتهيّأ للشيخ أو الشاب أو المرأة الحامل أن يصوم من العطش أو الجوع ، أو تخشى المرأة أن تضرّ مولودها ، فعليهم جميعا الإفطار ، وتصدّق عن كلّ يوم بمدّ من طعام ، وليس عليه القضاء . ۲
وقد صرّح بالتفصيل الذي نقله عن الشافعي المحقّق الشيخ فخر الدِّين ۳ وبعض من تأخّر عنه ۴ على ما ذكره صاحب المدارك . ۵
[و] اعلم أنّ إطلاق النصّ والأدب يقتضي عدم الفرق في المرضع بين الاُمّ وغيرها ، ولا بين المتبرّعة والمستأجرة ، أمكن قيام [غيرها] مقامها أم لا ، وتخصيص الحكم بما إذا لم يمكن قيام غيرها مقامها كما عدّه صاحب المدارك أجود من غير مخصّص ، وقال : «الفدية من مال المرأة وإن كان لها زوج» . ۶
ولم أجد تصريحا من غيره بذلك نفيا ولا إثباتا ، ولا يبعد أن يُقال : إنّها من مال

1.منتهى المطلب ، ج ۲ ، ص ۲۱۹ .

2.مختلف الشيعة ، ج ۳ ، ص ۵۴۸ ، ولم أعثر على رسالة ابن بابويه ، وتجد هذه العبارة في فقه الرضا عليه السلام ، ص ۱۱ ، ومثله في المقنع ، ص ۱۹۴ .

3.إيضاح الفوائد ، ج ۱ ، ص ۲۳۵ .

4.كالمحقّق الكركي في جامع المقاصد ، ج ۳ ، ص ۷۷ .

5.مدارك الأحكام ، ج ۶ ، ص ۲۹۹ .

6.مدارك الأحكام ، ج ۶ ، ص ۳۰۰ .


شرح فروع الکافي ج4
204

وقال ابن عبّاس : كانت رخصة للشيخ الكبير والمرأة الكبيرة ، وهما يطيقان الصيام ، أن يفطرا ويطعما لكلّ يومٍ مسكينا . والحبلى والمرضع إذا خافتا على أولادهما أفطرتا وأطعمتا . رواه أبو داود ، ۱ ونحوه روي عن ابن عمر . ۲
ومن طريق الخاصّة ما تقدّم في حديث محمّد بن مسلم عن الباقر عليه السلام ۳ فإنّه سوّغ لهما الإفطار مطلقا ، وأوجب عليهما القضاء والصدقة ، وهو يتناول ما إذا خافتا على الولد كما يتناول ما إذا خافتا على أنفسهما ، وأنّ المشقّة التي يخشى معها على الولد تسقط وجوب الصوم ؛ لأنّه حرج وإضرار ، وهما منفيّان . ويتصدّقان ؛ لأنّه جزاء إخلالهما مع المكنة والطاقة وإمكان الصوم ، وأمّا وجوب القضاء فبالآية وبما تلوناه من الحديث ، ولأنّه فطر بسبب نفس عاجزة من طريق الخلقة ، فوجب به الكفّارة كالشيخ الكبير .
واحتجّ الشافعيّ على الفرق بأنّ المرضع يمكنها أن تسترضع لولدها بخلاف الحامل ؛ ولأنّ الحمل متّصل بالحامل ، فالخوف عليه كالخوف على بعض أعضائها . ۴
وجوابه : أنّ الفرق لا يقتضي سقوط القضاء مع ورود النصّ به .
واحتجّ أبو حنيفة بما رواه أنس بن مالك عن النبيّ صلى الله عليه و آله أنّه قال : «إنّ اللّه وضع عن المسافر شطر الصلاة ، وعن الحامل والمرضع الصوم» . ۵
ولأنّه فطر اُبيح لعذر فلم تجب به كفّارة كالمريض .
والجواب : أنّ الحديث لم يتعرّض لسقوط الكفّارة فكانت موقوفة على الدليل كالقضاء ، فإنّ الحديث لم يتعرّض له . والمريض أخفّ حالاً منهما ؛ لأنّه يفطر بسبب نفسه .
واحتجّ سلار بأنّ الآية تناولتهما وليس فيها إلّا الإطعام ؛ ولأنّ النبيّ صلى الله عليه و آله قال : «إنّ اللّه وضع عن الحامل والمرضع الصوم» . ۶

1.سنن أبي داود ، ج ۱ ، ص ۵۲۰ ، ح ۲۳۱۸ .

2.المغني لابن قدامة ، ج ۳ ، ص ۷۸ ؛ الشرح الكبير ، ج ۳ ، ص ۲۰ ۲۱ .

3.وسائل الشيعة، ج ۱۰، ص ۲۱۵، ح ۱۳۲۵۴.

4.المغني ، ج ۳ ، ص ۷۷ ۷۸ ؛ الشرح الكبير ، ج ۳ ، ص ۲۰ .

5.المبسوط ، ج ۳ ، ص ۹۹ ؛ المغني ، ج ۳ ، ص ۷۸ ؛ الشرح الكبير ، ج ۳ ، ص ۲۰ ؛ سنن الترمذي ، ج ۲ ، ص ۱۰۹ ، ح ۷۱۱ .

6.إشارة إلى الحديث المتقدّم آنفا .

  • نام منبع :
    شرح فروع الکافي ج4
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقيق : المحمودی، محمد جواد ؛ الدرایتی محمد حسین
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 177481
صفحه از 662
پرینت  ارسال به