ثمّ قال [في المنتهى] :
احتجّ المخالف بعموم قوله تعالى : «فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ» ، ۱
وبأنّ العبادة لا تسقط بفوات وقتها كالفرض ، وبما رواه سماعة ، قال : سألته عن رجل أدركه رمضان وعليه رمضان قبل ذلك لم يصمه ، فقال : «يتصدّق بدل كلّ يوم من الرمضان الذي عليه بمدّ من طعام ، وليصم هذا الذي أدرك ، فإذا أفطر فليصم رمضان الذي كان عليه ، فإنّي كنت مريضا فمرَّ عَليَّ ثلاث رمضانات لم أصح فيهن ، ثمّ أدركت رمضانا ، فتصدّقت بدل كلّ يوم ممّا مضى بمدّين من طعام ، ثمّ عافاني اللّه وصمتهنّ» . ۲
والجواب : العموم قد يخصّ بأخبار الآحاد ، خصوصا إذا استفاضت واشتهرت واعتضدت بعمل أكثر الأصحاب ؛ ولأنّ وقت القضاء قد فات على ما بيّناه ، فيسقط والقضاء في العبادة إنّما يجب بأمرٍ جديد على ما حقّق في اُصول الفقه ، بخلاف الدّين فإنّه لا وقت له .
ورواية سماعة ضعيفة السند ولم يسندها إلى إمام ، ويحتمل التأويل بوجهين :
الأوّل : أنّه لم يذكر في الرواية استمرار المرض فيما بين الرمضانات. الثاني جاز أن يتبرّع الإمام عليه السلام بالقضاء والصدقة ؛ لأنّه مستحبّ لا واجب والإمام عليه السلام كان يواظب على فعل المندوبات كالواجبات . ۳ انتهى .
ويؤيّد الاستحباب صحيحة عبداللّه بن سنان ، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «مَن أفطر شيئا من رمضان في عذر ثمّ أدرك رمضان آخر وهو مريض فليتصدّق بمدّ لكلّ يوم ، وأمّا أنا فإنّي صمت وتصدّقت» . ۴
وكأنّ هؤلاء حملوا الأمر بالفدية في الصورة الثانية أعني تأخير القضاء مع التواني ـ
1.البقرة (۲) : ۱۸۴ .
2.تهذيب الأحكام ، ج ۴ ، ص ۲۵۱ ، ح ۷۴۷ ؛ الاستبصار ، ج ۲ ، ص ۱۱۲ ، ح ۳۶۶ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۱۰ ، ص ۳۳۶ ، ح ۱۳۵۴۷ .
3.مختلف الشيعة ، ج ۳ ، ص ۵۲۰ .
4.تهذيب الأحكام ، ج ۴ ، ص ۲۵۲ ، ح ۸۴۸ ؛ الاستبصار ، ج ۲ ، ص ۱۱۲ ، ح ۳۶۷ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۱۰ ، ص ۳۳۶ ، ح ۱۳۵۴۶ .