249
شرح فروع الکافي ج4

ويظهر منه أنّ الندب ليس من خصائص أفعال المكلّفين .
ونِعمَ ما قال صاحب المدارك :
إنّ العقل لا يأبى توجّه الخطاب إلى الصبيّ المميّز ، والشرع إنّما اقتضى توقّف التكليف بالواجب والمحرّم على البلوغ بحديث القلم ونحوه ، أمّا التكليف بالمندوب وما في معناه فلا مانع منه عقلاً ولا شرعا .
وبالجملة ؛ فالخطاب بإطلاقه متناول له ، والفهم الذي هو شرط التكليف حاصل كما هو المقدّر ، ومن ادّعى اشتراط ما زاد على ذلك طُولب بدليله . ۱ انتهى .
وظاهر ما نقلنا عن المنتهى قوله بذلك ، لكن رجع عنه أخيرا حيث قال : «وقال أبو حنيفة : إنّه ليس بشرعيّ وإنّما هو إمساك عن المفطرات للتأديب ، وفيه قوّة» . ۲ واستقربه في المختلف أيضا . ۳
وأمّا اتّصافها بالصحّة والفساد فينبغي أن لا ينكر ؛ لأنّهما من خطاب الوضع ، وهو غير مختصّ بالمكلّفين ، وربّما اختلف فيه أيضا بناءً على الخلاف الواقع في تفسيرهما ، وتمام تحقيق ذلك في الاُصول فليراجع ثمّة .
إذا عرفت ما ذكر فنقول : يحتمل أن يريد المصنّف بالمؤاخذة في قوله : «ومتى يؤخذون به المؤاخذة بطريق الإيجاب ، وبطريق الندب أيضا ، فإنّ المندوب أيضا قد يقال : إنّه مأخوذ به بناءً على تأكّده كما ورد في خبر معاوية بن وهب . ۴
وقال المفيد قدس سره في المقنعة : «يؤخذ الصبيّ بالصيام إذا بلغ الحلم أو قدر على صيام ثلاثة أيّام متتابعات قبل أن يبلغ الحلم» . ۵
وعلامة البلوغ أحد من اُمور ثلاثة :

1.مدارك الأحكام ، ج ۶ ، ص ۴۲ .

2.منتهى المطلب، ج ۲، ص ۵۸۵ . ومثله في تحرير الأحكام، ج ۱، ص ۴۵۸. ونحوه في تذكرة الفقهاء، ج ۶، ص ۱۰۱.

3.مختلف الشيعة ، ج ۳ ، ص ۳۸۶ .

4.هو الحديث الثاني من هذا الباب من الكافي .

5.المقنعة ، ص ۳۶۰ ۳۶۱ .


شرح فروع الکافي ج4
248

وفي المنتهى :
لا خلاف بين أهل العلم في شرعيّته ؛ لأنّ النبيّ صلى الله عليه و آله أمر وليّ الصبيّ بذلك .
ومن طريق الخاصّة ما رواه الشيخ في الحسن عن الحلبيّ عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «إنّا نأمر صبياننا بالصيام إذا كانوا بني سبع سنين لما أطاقوا من صيام اليوم وإن كان إلى نصف النهار أو أكثر من ذلك أو أقلّ ، فإذا غلبهم العطش والغرث ۱ أفطروا حتّى يتعوّدوا الصوم ويطيقوه ، فمروا صبيانكم إذا كانوا أبناء تسع سنين على قدر ما يطيقه» . ۲ قال : إذا أطاق إلى الظهر أو بعده ، فإذا غلبه الجوع والعطش أفطر ؛ لأنّ فيه تمرينا على الطاعة ومنعا عن الفساد إلى قوله : وكذا المرأة تؤمر بالصيام قبل سنّ البلوغ ، وهو تسع سنين أو الإنزال أو الحيض ؛ لأنّ المقتضى في الصبيّ موجود فيه . ۳
واختلفوا في أنّ عبادة الصبيّ هل هي شرعيّة مستندة إلى أمر الشارع ويستحقّ عليه الثواب وينوي الندب ، أم لا بل تمرينيّة فقط ولا يعتبر نيّته فيها ؟ فالمشهور الثاني بناءً على ما ادّعوا من اختصاص الأحكام الشرعيّة بأفعال البالغين ، وذهب جماعة منهم الشيخ ۴ على ما نقل عنه والمحقّق في الشرائع ۵ إلى الأوّل لتوجّه الخطاب إليهم .
ولو قيل : إنّ الخطاب إنّما توجّه إلى الوليّ لقلنا إنّ الأمر بالأمر بالشيء أمرٌ بذلك الشيء على ما تقرّر في الاُصول .
وفي المنتهى بعدما ذكر أنّ في صومهم تمرينا على الطاعة ومنعا عن الفساد ، قال :
فكان شرعه ثابتا في نظر الشرع إذا ثبت ذلك ، فإنّ صومه صحيح شرعيّ ، ونيّته صحيحة ، وينوي الندب ؛ لأنّه الوجه الذي يقع عليه فعله فلا ينوي غيره . ۶

1.الغرث : الجوع .

2.تهذيب الأحكام ، ج ۴ ، ص ۲۸۲ ، ح ۸۵۳ ؛ الاستبصار ، ج ۲ ، ص ۱۲۳ ، ح ۴۰۰ ؛ وهذا الحديث هو الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي ؛ وسائل الشيعة ، ج ۱۰ ، ص ۲۳۴ ، ح ۱۳۲۹۹ . وفي الجميع في آخر الحديث : « ... كانوا ابناء تسع سنين بما أطاقوا من صيام ، فإذا غلبهم العطش أفطروا» .

3.منتهى المطلب ، ج ۲ ، ص ۵۸۴ ۵۸۵ .

4.المبسوط ، ج ۱ ، ص ۲۷۸ .

5.شرائع الإسلام ، ج ۱ ، ص ۱۴۶ . وانظر : مدارك الأحكام ، ج ۶ ، ص ۴۱ ۴۲ .

6.منتهى المطلب ، ج ۲ ، ص ۵۸۵ .

  • نام منبع :
    شرح فروع الکافي ج4
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقيق : المحمودی، محمد جواد ؛ الدرایتی محمد حسین
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 142221
صفحه از 662
پرینت  ارسال به