ويظهر منه أنّ الندب ليس من خصائص أفعال المكلّفين .
ونِعمَ ما قال صاحب المدارك :
إنّ العقل لا يأبى توجّه الخطاب إلى الصبيّ المميّز ، والشرع إنّما اقتضى توقّف التكليف بالواجب والمحرّم على البلوغ بحديث القلم ونحوه ، أمّا التكليف بالمندوب وما في معناه فلا مانع منه عقلاً ولا شرعا .
وبالجملة ؛ فالخطاب بإطلاقه متناول له ، والفهم الذي هو شرط التكليف حاصل كما هو المقدّر ، ومن ادّعى اشتراط ما زاد على ذلك طُولب بدليله . ۱ انتهى .
وظاهر ما نقلنا عن المنتهى قوله بذلك ، لكن رجع عنه أخيرا حيث قال : «وقال أبو حنيفة : إنّه ليس بشرعيّ وإنّما هو إمساك عن المفطرات للتأديب ، وفيه قوّة» . ۲ واستقربه في المختلف أيضا . ۳
وأمّا اتّصافها بالصحّة والفساد فينبغي أن لا ينكر ؛ لأنّهما من خطاب الوضع ، وهو غير مختصّ بالمكلّفين ، وربّما اختلف فيه أيضا بناءً على الخلاف الواقع في تفسيرهما ، وتمام تحقيق ذلك في الاُصول فليراجع ثمّة .
إذا عرفت ما ذكر فنقول : يحتمل أن يريد المصنّف بالمؤاخذة في قوله : «ومتى يؤخذون به المؤاخذة بطريق الإيجاب ، وبطريق الندب أيضا ، فإنّ المندوب أيضا قد يقال : إنّه مأخوذ به بناءً على تأكّده كما ورد في خبر معاوية بن وهب . ۴
وقال المفيد قدس سره في المقنعة : «يؤخذ الصبيّ بالصيام إذا بلغ الحلم أو قدر على صيام ثلاثة أيّام متتابعات قبل أن يبلغ الحلم» . ۵
وعلامة البلوغ أحد من اُمور ثلاثة :
1.مدارك الأحكام ، ج ۶ ، ص ۴۲ .
2.منتهى المطلب، ج ۲، ص ۵۸۵ . ومثله في تحرير الأحكام، ج ۱، ص ۴۵۸. ونحوه في تذكرة الفقهاء، ج ۶، ص ۱۰۱.
3.مختلف الشيعة ، ج ۳ ، ص ۳۸۶ .
4.هو الحديث الثاني من هذا الباب من الكافي .
5.المقنعة ، ص ۳۶۰ ۳۶۱ .