إليه الشيخان .
لنا : على عدم السقوط أنّه حقّ ثابت في الذمّة للفقراء فلا يسقط بخروج وقته كالدَّين وزكاة المال وعلى كونها قضاء أنّها عبادة مؤقّتة ، فإنّ وقّتها وفعلت بعد فواته فيكون قضاءً .
واحتجّ القائلون بالسقوط بأنّها حقّ موقّت فتسقط بفواته كالأضحية ؛ ولافتقار القضاء إلى أمرٍ جديد ، ولقوله عليه السلام : «هي قبل الصلاة زكاة مقبولة ، وبعد الصلاة صدقة من الصدقات» ، ۱ وهو يدلّ على أنّها ليست زكاة بعد الصلاة ، بل صدقة مستحبّة .
واحتجّ القائلون بكونها أداءً بأنّها زكاة تجب لوقتها ، فلا تكون قضاءً بفواته كزكاة المال .
والجواب عن الأوّل بالمنع عن سقوطه بعد الفوات لتحقّق شغل الذمّة ولم يثبت المسقط .
وعن الثاني : أنّ الحقّ وإن كان ذلك لكن الاحتياط يقتضي عدم السقوط .
وعن الثالث بالمنع من كونها مستحبّة . وكونها صدقة لا ينافي وجوبها ، ومنع كونها كزكاة المال ؛ لأنّ ثوابها يقصر عن ذلك .
وعن الرابع : أنّ امتداد وقتها إلى آخر العمر ينافي تضيّقها عند الصلاة ، وقد أجمعنا على ذلك ؛ ولأنّها لو امتدّ وقتها لوجبت أو استحبّت على من بلغ أو أسلم بعد الزوال كما تجب الصلاة على من أسلم أو بلغ وقتها ، ۲ انتهى .
ويظهر منه أنّ الأقوال الثلاثة إنّما هي مع عدم العزل حسب لا معه أيضا .
ويظهر ذلك من المختلف أيضا حيث قال :
لو أخّرها عن الزوال لغير عذر أثم بالإجماع ، وإن كان لعذر كعدم المستحقّ وغيره لم يأثم إجماعا ، فإن كان قد عزلها أخرجها مع الإمكان ، وإن لم يكن قد عزلها قال المفيد رحمه الله : سقطت . ۳ إلى آخر الأقوال .
وأنت خبير بأنّه لا مدخل للعزل في بقاء الوجوب ولا لعدمه في عدمه ، ولمّا وجب بهلال شوّال ، والأصل في الماليّات الواجبة البقاء إلى أن يظهر دليل على خلافه ،
1.منتهى المطلب ، ج ۱ ، ص ۵۴۱ .
2.سنن ابن ماجة ، ج ۱ ، ص ۵۸۵ ، ح ۱۸۲۷ .
3.مختلف الشيعة ، ج ۳ ، ص ۳۰۲ ، وكلام المفيد في المقنعة ، ص ۲۴۹ .