ونسبه إلى أحمد والليث بن سعد وبعض أصحاب الشافعي . وحكى عن عكرمة والقاسم وسالم وإسحاق تعدّد أحكام البلاد بالرؤية وعدمها من غير تقييد بالمتباعدة . ۱
وإنّما أرادوا بالتقارب والتباعد الطوليين منهما دون العرضيين ، فإنّه إنّما يختلف مطالع الكواكب منها في البلاد بالأوّلين دون الثانيين ، وطول البلاد على اصطلاح أهل الهيئة بُعدها عن منتهى المعمورة في جهة الغرب ، أعني جزائر الخالدات التي يُقال : إنّها صارت معمورة في البحر المحيط ، ۲ وعرضها بُعدها عن خط الاعتدال .
ثمّ احتجّ على ما ذهب إليه بأنّ هذا اليوم الذي رؤي الهلال في ليلة في بعض البلاد يوم من شهر رمضان بالرؤية في هذا البلد ، وبالثبوت بالبيّنة في باقي البلاد ، فيجب صومه عموما ؛ ۳ لعموم قوله تعالى : «فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ» ، ۴ وعمومات أكثر الأخبار المذكورة . ۵
وأنت خبير بأنّ هذه العمومات ليست بحيث تشمل جميع الناس في جميع البلاد ، وقد ثبت بالضرورة أنّ اختلاف مطالع القمر ومغاربها بالتباعد الطولي ، فربّما كان القمر حين خروجه عن تحت شعاع الشمس وصيرورته هلالاً فوق الأرض في بلدة قد غرب في بلد آخر يكون شرقيّا لتلك البلدة ، وكلّ بلد غربي بعد عن الشرقي بألف ميل يتأخّر عن غروب القمر فيه عن غروبه في البلد الشرقي ساعة ، على ما نقل عن المحقّق الشيخ فخر الدِّين في شرح القواعد ۶ أنّه ذكروه ، وذكر أنّه عرفه بإرصاد الكسوفات
1.منتهى المطلب ، ج ۲ ، ص ۵۹۲ .
2.المجموع للنووي ، ج ۶ ، ص ۲۷۴ ؛ المغني لابن قدامة ، ج ۳ ، ص ۷ ؛ الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة ، ج ۳ ، ص ۷ ؛ التمهيد ، ج ۱۴ ، ص ۳۵۶ .
3.الجزائر الخالدات : وهى جزائر السعادة الّتي يذكرها المنجّمون في كتبهم ، كانت عامرة في أقصى المغرب في البحر المحيط ، وكان بها مقام طائفة من الحكماء ، ولذلك بنوا عليها قواعد علم النجوم . معجم البلدان ، ج ۲ ، ص ۱۳۲ .
4.في النسخة : «عموم» ، والمناسب ما اُثبت .
5.البقرة (۲) : ۱۵۸ .
6.إيضاح الفوائد ، ج ۱ ، ص ۲۵۲ .