كون الصائد محرماً ، وهذا الاحتجاج مبنيّ على ما أصّله من عدم الاعتبار بالخبر الواحد ، ورجّحه العلّامة في المختلف ۱ ، لكن مع استحباب الفداء؛ حملاً للخبر عليه، وهو المشهور بين المتأخّرين. ۲
وظاهر قوله عليه السلام : «أو جرحته » ثبوت الكفّارة وجوباً أو استحباباً لكلّ جناية في الأطراف وقعت على صيد البريد من غير اختصاص لها بفقأ العين وكسر القرن، فلا يتّجه قول صاحب المدارك:
ولم يتعرّض الأصحاب لغير هاتين الجنايتين؛ لعدم النصّ. وأصالة البراءة تقتضي عدم ترتّب الكفّارة في غيرهما وإن كانت الجناية مطلقاً حراماً؛ إذ ليس من لوازم التحريم ترتّب الكفّارة . ۳
وهناك مسألة اُخرى، وهو صيد القاصد للحرم، واختلف الأصحاب فيه أيضاً، فحرّمه الشيخ في التهذيب، وأوجب الفدية له، وظاهره وجوب الفدية لقتله، وحرمة لحمه وإن مات في الحلّ حيث قال : «ولا يجوز لأحد أن يرمي صيدا وهو يؤمّ الحرم وإن كان محلّاً، فإن رماه وقتله كان لحمه حراماً وعليه الفداء» . ۴
ويدلّ عليه ما رواه الشيخ في الموثّق عن عليّ بن عقبة بن خالد، عن أبي عبداللّه عليه السلام ، قال : سألته عن رجل قضى حجّة، ثمّ أقبل حتّى إذا خرج من الحرم فاستقبله صيد قريباً من الحرم، والصيد متوجّه نحو الحرم، فرماه فقتله، ما عليه في ذلك؟ قال : «يفديه على نحوه». ۵
وقيّد في المبسوط الفداء وحرمة لحمه بما إذا مات في الحرم، فقال : «ولا يجوز لأحد أن يرمي الصيد والصيد يؤمّ الحرم وإن كان محلّاً، فإن رماه وأصابه ودخل في الحرم ومات فيه كان لحمه حراماً، وعليه الفداء» . ۶ وكأنّه بذلك جمع بين ما ذكر .
1.المبسوط، ج ۱، ص ۳۴۳.
2.مختلف الشيعة، ج ۳، ص ۱۳۰ ۱۳۱.
3.اُنظر: مدارك الأحكام، ج ۸ ، ص ۳۷۹.
4.نفس المصدر، ص ۳۸۱.
5.تهذيب الأحكام ، ج ۵، ص ۳۵۹، ذيل الحديث ۱۲۴۸.
6.تهذيب الأحكام ، ج ۵، ص ۳۶۰، ح ۱۲۵۱؛ الاستبصار، ج ۲، ص ۲۰۶، ح ۷۰۳، و ليس فيه: «على نحوه»؛ وسائل الشيعة، ج ۱۳، ص ۶۶، ح ۱۷۲۴۷.