والشيخ في التهذيب أورد خبر النخعي معارضاً لما ذهب إليه ، ثمّ قال :
هذا الخبر ليس بمناف لما قدّمناه ؛ لأنّ هذا الخبر محمول على مَن رمى الصيد في هذه الحال ناسياً أو جاهلاً، فإنّه لا يستحقّ على رميه شيئاً من العقاب وإن كان يلزمه الفداء ، ويكون قوله عليه السلام : «لا شيء عليه » يعني من العقاب، ويكون هذا فرقاً بين مَن رمى الصيد وهو متعمّد وبين من رماه وهو جاهل أو ناس . 1
واستند في ذلك الفرق بما رواه الحسين بن سعيد عن أحمد بن محمّد، قال : سألت أبا الحسن عليه السلام عن المحرم يصيب الصيد بجهالة أو خطأً أو عمدا، هم فيه سواء؟ قال : «لا» ، قلت : جعلت فداك، ما تقول في رجل أصاب صيدا بجهالة وهو محرم؟ قال : «عليه الكفّارة» ، قلت : فإن أصابه خطأً؟ قال : «وأيّ شيء الخطأ عندك؟» قلت : يرمي هذه النخلة فيُصيب نخلة اُخرى ، فقال : «نعم، هذا الخطأ، وعليه الكفّارة »، قلت : فإنّه أخذ ظبياً متعمّدا فذبحه وهو محرم؟ قال : «عليه الكفّارة» ، قلت : جعلت فداك، ألست قلت : إنّ الخطأ والجهالة والعمد ليس بسواء، فبأيّ شيء يفضل المتعمّد من الخاطئ؟ قال : «بأنّه أثم ولعب بدينه». 2
وهو تكلّف من غير ضرورة؛ لإمكان الجمع بما ذكر من غير تعسّف ، فتأمّل .
قوله في صحيحة الحلبيّ : (إذا أدخله [إلى ]الحرم فقد حرم عليه أكله وإمساكه).[ح 4 / 6804] ذهب إليه الأصحاب أجمع وأكثر العامّة ، ويؤكّدهما منطوق خبر بكير 3 ومفهوم خبر حمزة بن اليسع 4 ، وما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمّار، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن طائر أهلي اُدخل الحرم حيّاً ، فقال : «لا تمسّ؛ لأنّ اللّه تعالى يقول : «وَمَنْ
1.تهذيب الأحكام ، ج ۵، ص ۳۶۰، ذيل الحديث ۱۲۵۲.
2.تهذيب الأحكام ، ج ۵، ص ۳۶۰ـ ۳۶۱، ح ۱۲۵۳؛ وسائل الشيعة، ج ۱۳، ص ۶۹، ح ۱۷۲۵۳.
3.هو الحديث ۲۷ من هذا الباب من الكافي. و كان في الأصل: «خبري بكير» فصوّبناه؛ لأنّه ليس في الباب لبكير خبر غير هذا.
4.هو الحديث ۲۸ من هذا الباب من الكافي.