463
شرح فروع الکافي ج4

أبي بكر أن يخرج معها إلى التنعيم فاعتمرت بعد الحجّ . ۱
وروى في موضع آخر هذا الخبر بعينه عن جابر ، وأضاف قوله : وأنّ سراقة بن مالك بن جعشم لقي النبيّ صلى الله عليه و آله بالعقبة وهو يرميها، فقال : ألكم هذه خاصّة يارسول اللّه ؟ قال : «لا ، بل للأبد ». ۲
وروى أخبارا متكثّرة في هذا المعنى تذكر أكثرها في باب أصناف الحجّ .
وقال طاب ثراه : وروى مسلم: أنّ عمر قال : قد علمت أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله أمر به وفعله أصحابه، ولكن كرهت أن يظلّوا معرّسين بهنّ في الأراك ثمّ يروحون في الحجّ تقطر رؤوسهم . ۳
وروى أيضاً عن جابر بن عبداللّه حديثاً طويلاً في صفة حجّ النبيّ صلى الله عليه و آله وذكر فيه: أنّه صلى الله عليه و آله قام على المروة وقال : «لو استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي، ولجعلتها عمرة، فمن كان منكم ليس معه هدي فليحلّ وليجعلها عمرة »، فقام سراقة بن مالك بن جعشم فقال : يارسول اللّه ، ألعامنا هذا أم للأبد؟ فشبّك رسول اللّه صلى الله عليه و آله أصابعه واحدة في اُخرى فقال : «دخلت العمرة في الحجّ مرّتين ، لا بل لأبد الأبد ». ۴
وعن عائشة أنّها قالت : قدم رسول اللّه صلى الله عليه و آله لأربع مضين من ذي الحجّة أو خمس، فدخل عليَّ وهو غضبان فقلت : مَن أغضبك يارسول اللّه أدخله النار؟ قال : «وما شعرت أنّي آمر الناس بأمر فإذا هم متردّدون، ولو أنّي استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي معي ». ۵
وعن الجريريّ، عن أبي العلاء، عن مطرف، قال : قال لي عمران بن حصين : إنّي لأحدّثك بحديث اليوم ينفعك اللّه به بعد اليوم ، واعلم أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله قد اعتمر طائفة

1.صحيح البخاري، ج ۲، ص ۱۷۱ ۱۷۲.

2.صحيح البخاري، ج ۲، ص ۲۰۱.

3.صحيح مسلم، ج ۴، ص ۴۶؛ و رواه أحمد في المسند، ج ۱، ص ۵۰؛ و ابن ماجة في السنن، ج ۲، ص ۹۹۲، ح ۲۹۷۹؛ سنن النسائي، ج ۵، ص ۱۵۳؛ و السنن الكبرى له أيضا، ج ۲، ص ۳۴۸ ۳۴۹، ح ۳۷۱۵؛ السنن الكبرى للبيهقي، ج ۵، ص ۲۰.

4.صحيح مسلم، ج ۴، ص ۴۰.

5.صحيح مسلم، ج ۴، ص ۳۳ ـ۳۴؛ و رواه البيهقي في السنن الكبرى، ج ۵، ص ۱۹.


شرح فروع الکافي ج4
462

وأجاب بعضهم ممّن أوجب الفور بأنّه إنّما أخّره حتّى لا يرى مناكر المشركين في تلبيتهم وطوافهم عُراة . ۱
وبعضهم بأنّه أدّى فرضه بمكّة .
وردّ بأنّ فرض الحجّ إنّما كان بالمدينة، وبأنّه لم يأمر الناس به قبل العاشرة ، فلو كان فوريّاً لأمرهم به عام الفرض .
والعوالي: القرى التي حول المدينة، أقطعها عثمان زيد بن ثابت .
والسماط بكسر السين: الصفّ من الناس ۲ ، وغرضه صلى الله عليه و آله من قوله : «هذا جبرئيل» إلخ دفع توهّم مَن توهّم أنّه أمر بذلك على سبيل الاجتهاد والتظنّي .
ومن أعجب العجائب أنّه مع ذلك قال الآبي :
الظاهر أنّه صلى الله عليه و آله قال عن اجتهاد كما يدلّ عليه قوله : «لو استقبلت من أمري ما استدبرت »؛ وغرضه من هذا القول بيان أنّ قوله صلى الله عليه و آله ذلك كان عن اجتهاد كقول شيخه، وأنّ اجتهاد شيخه راجح، فقد كذّب النبيّ صلى الله عليه و آله لتصديق شيخه، وما عرف أنّه صلى الله عليه و آله أراد بقوله : «لو استقبلت من أمري ما استدبرت» نزول الوحي بالتمتّع قبل سياق الهدي . انتهى .
واعلم أنّ هذا الخبر مرويّ في طرق العامّة أيضاً بطرق متعدّدة ، فقد روى البخاري بإسناده عن جابر بن عبداللّه ، قال : أهلَّ النبيّ صلى الله عليه و آله هو وأصحابه بالحجّ، وليس مع أحد منهم هدي غير النبيّ صلى الله عليه و آله وطلحة، وقدم عليّ من اليمن ومعه هدي، فقال : «أهللت بما أهلّ به النبيّ صلى الله عليه و آله »، فأمر النبيّ صلى الله عليه و آله أصحابه أن يجعلوها عمرة ويطوفوا، ثمّ يقصّروا ويحلّوا، إلّا مَن كان معه الهدي ، قالوا : ننطلق إلى منى وذكر أحدنا يقطر، فبلغ النبيّ صلى الله عليه و آله فقال : «لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما أهديت، ولولا أنّ معي الهدي لأحللت »، وحاضت عائشة فنسكت المناسك كلّها غير أنّها لم تطف بالبيت ، فلمّا طهرت وطافت بالبيت قالت : يارسول اللّه ، أتنطلقون بحجّة وعمرة وأنطلق بحجّ ، فأمر عبد الرحمن بن

1.عمدة القاري، ج ۹، ص ۲۶۵؛ المغني لابن قدامة، ج ۳، ص ۱۹۵؛ الشرح الكبير، ج ۳، ص ۱۷۶.

2.مجمع البحرين، ج ۲، ص ۴۱۸ (سمط).

  • نام منبع :
    شرح فروع الکافي ج4
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقيق : المحمودی، محمد جواد ؛ الدرایتی محمد حسین
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 177338
صفحه از 662
پرینت  ارسال به