فلا ينبغي أن يستبعد ذلك، فقد صدر عن يوسف عليه السلام ما هو أعظم منها؛ لفائدة هي أدنى من تلك الفائدة ، بل لا نسبة بينهما، ونسبه سبحانه إلى نفسه، فقال : «كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ»۱ .
ثمّ رأيت قد سبقني على ذلك جبرئيل عليه السلام والسيّد المرتضى رضى الله عنه ، ففي التفسير المنسوب إلى الإمام الهمام الحسن بن عليّ العسكريّ عليهماالسلامأنّه: «بعث رسول اللّه صلى الله عليه و آله عشر آيات من سورة براءة مع أبي بكر بن أبي قحافة: ذكر نبذ العهد إلى الكافرين، وتحريم قرب مكّة على المشركين، وأمر أبا بكر ليحجّ بمن ضمّه الموسم ويقرأ عليهم الآيات ، فلمّا صدر عنه أبو بكر جاءه المطوّق بالنور جبرئيل عليه السلام وقال : إنّ العليّ الأعلى يقرأ عليك السلام ويقول لك :
يا محمّد، لا يؤدّي عنك إلّا أنت أو رجلٌ منك، فابعث عليّاً عليه السلام ليتناول الآيات، فيكون هو الذي ينبذ العهود ويقرأ الآيات .
وقال جبرئيل : يا محمّد، ما أمرك ربّك بدفعها إلى عليّ عليه السلام ونزعها من أبي بكر لا سهوا ولا شكّاً ولا استدراكاً على نفسه غلطاً، ولكن أراد أن يبيّن لضعفاء المسلمين أنّ المقام الذي يقوم أخوك عليّ عليه السلام أن يقومه غيره سواك.
يا محمّد، وإن جلّت في عيون الضعفاء من اُمّتك مرتبته وشرفت عندهم منزلته ، فلمّا انتزع عليّ عليه السلام الآيات من يده لقي أبو بكر بعد ذلك رسول اللّه صلى الله عليه و آله فقال : بأبي أنت واُمّي لموجدةٍ كان نزع الآيات منّي؟
فقال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : لا، ولكن العليّ العظيم أمرني أن لا ينوب عنّي إلّا مَن هو منّي ، وأمّا أنت فقد عرّضك بما حملك من آياته، وكلّفك من طاعاته الدرجات الرفيعة والمراتب الشريفة ، أما أنّك إن دمت على موالاتنا ووافيتنا في عرصات القيامة وفيّاً بما أخذنا به عليك من العهود والمواثيق كنت من خيار شيعتنا وكرام أهل مودّتنا» ، ۲ الحديث .