515
شرح فروع الکافي ج4

فلا ينبغي أن يستبعد ذلك، فقد صدر عن يوسف عليه السلام ما هو أعظم منها؛ لفائدة هي أدنى من تلك الفائدة ، بل لا نسبة بينهما، ونسبه سبحانه إلى نفسه، فقال : «كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ»۱ .
ثمّ رأيت قد سبقني على ذلك جبرئيل عليه السلام والسيّد المرتضى رضى الله عنه ، ففي التفسير المنسوب إلى الإمام الهمام الحسن بن عليّ العسكريّ عليهماالسلامأنّه: «بعث رسول اللّه صلى الله عليه و آله عشر آيات من سورة براءة مع أبي بكر بن أبي قحافة: ذكر نبذ العهد إلى الكافرين، وتحريم قرب مكّة على المشركين، وأمر أبا بكر ليحجّ بمن ضمّه الموسم ويقرأ عليهم الآيات ، فلمّا صدر عنه أبو بكر جاءه المطوّق بالنور جبرئيل عليه السلام وقال : إنّ العليّ الأعلى يقرأ عليك السلام ويقول لك :
يا محمّد، لا يؤدّي عنك إلّا أنت أو رجلٌ منك، فابعث عليّاً عليه السلام ليتناول الآيات، فيكون هو الذي ينبذ العهود ويقرأ الآيات .
وقال جبرئيل : يا محمّد، ما أمرك ربّك بدفعها إلى عليّ عليه السلام ونزعها من أبي بكر لا سهوا ولا شكّاً ولا استدراكاً على نفسه غلطاً، ولكن أراد أن يبيّن لضعفاء المسلمين أنّ المقام الذي يقوم أخوك عليّ عليه السلام أن يقومه غيره سواك.
يا محمّد، وإن جلّت في عيون الضعفاء من اُمّتك مرتبته وشرفت عندهم منزلته ، فلمّا انتزع عليّ عليه السلام الآيات من يده لقي أبو بكر بعد ذلك رسول اللّه صلى الله عليه و آله فقال : بأبي أنت واُمّي لموجدةٍ كان نزع الآيات منّي؟
فقال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : لا، ولكن العليّ العظيم أمرني أن لا ينوب عنّي إلّا مَن هو منّي ، وأمّا أنت فقد عرّضك بما حملك من آياته، وكلّفك من طاعاته الدرجات الرفيعة والمراتب الشريفة ، أما أنّك إن دمت على موالاتنا ووافيتنا في عرصات القيامة وفيّاً بما أخذنا به عليك من العهود والمواثيق كنت من خيار شيعتنا وكرام أهل مودّتنا» ، ۲ الحديث .

1.يوسف (۱۲) : ۷۶ .

2.التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري، ص ۵۵۸ ۵۵۹، ح ۳۳۰.


شرح فروع الکافي ج4
514

و قيل: انّه صلى الله عليه و آله أخذها من أبي بكر قبل الخروج و دفعها إلى عليّ عليه السلام و قال: «لا يبلغ عنّي إلّا أنا أو رجلٌ منّي» عن عروة بن الزبير وأبي سعيد الخدري وأبي هريرة.
وروى أصحابنا أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله ولّاه [أيضا] الموسم وأنّه حين أخذ (البراءة) من أبي بكر رجع أبو بكر .
وروى الحاكم أبو القاسم الحسكاني بإسناده عن سماك بن حرب، عن أنس بن مالك: أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله بعث براءة مع أبي بكر إلى أهل مكّة، فلمّا بلغ ذا الحليفة بعث إليه فردّه، وقال : «لا يذهب بها إلّا رجل من بيتي» ، فبعث عليّاً عليه السلام ۱ . ۲
وبذلك يعلم أنّ ما ذكره البيضاويّ إنّما هو من تحريف المخالفين المعاندين حيث قال :
روي أنّها لمّا نزلت أرسل رسول اللّه صلى الله عليه و آله عليّاً عليه السلام راكب العضباء ليقرأها على أهل الموسم، وكان قد بعث أبا بكر أميرا على الموسم فقيل: لو بعثت بها إلى أبي بكر؟ فقال : لا يؤدّي عنّي إلّا رجل منّي ، فلمّا دنا عليّ سمع أبو بكر الرغاء ، فوقف فقال : هذا رغاء ناقة رسول اللّه صلى الله عليه و آله فلمّا لحقه قال : أمير أو مأمور؟ قال : مأمور ، فلمّا كان قبل التروية خطب أبو بكر وحدّثهم عن مناسكهم، وقام عليّ يوم النحر عند جمرة العقبة فقال : «أيّها الناس، إنّي رسول رسول اللّه صلى الله عليه و آله إليكم» ، فقالوا : بماذا؟ فقرأ عليهم ثلاثين أو أربعين آية ، ثمّ قال : «اُمرت بأربع: أن لا يقرب البيت بعد هذا العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان، ولا يدخل الجنّة إلّا كلّ نفس مؤمنة، وأن يتمّ إلى كلّ ذي عهدٍ عهده» . ۳
وفيه أخبار غير محصورة، مَن أراد الاطّلاع عليها فعليه بباب نزول براءة من كتاب بحار الأنوار ۴ ، وقد خطر ببالي أنّ السرّ في ذلك النصب ثمّ العزل إعلام الناس أنّه ليس بقابل لتبليغ هذه الآيات إلى قريش، فكيف لتبليغ علوم الكتاب والسنّة التي لا حصر لها إلى كافّة الناس؟! وهذه فائدة جليلة يجوز على اللّه تعالى الاحتيال لها بمثل هذه الحيلة،

1.شواهد التنزيل، ج ۱، ص ۳۶۲، ح ۳۱۲.

2.مجمع البيان، ج ۵، ص ۸ ۹.

3.تفسير البيضاوي، ج ۳، ص ۱۲۸. و مثله في الكشّاف للزمخشري، ج ۲، ص ۱۷۲؛ و تفسير النسفي، ج ۲، ص ۷۷.

4.بحارالأنوار، ج ۲۱، ص ۲۶۴ ۲۷۶.

  • نام منبع :
    شرح فروع الکافي ج4
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقيق : المحمودی، محمد جواد ؛ الدرایتی محمد حسین
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 192473
صفحه از 662
پرینت  ارسال به