521
شرح فروع الکافي ج4

المسلمين على ما هو المقرّر من ملّة إبراهيم عليه السلام وقد حجّ المشركون في ذي القعدة على قاعدتهم، وإنّما حضروا منى مع المسلمين تبعاً لهم لا للحجّ ، فتأمّل .
وأجاب خالي المحقّق المدقّق العلّامة الفهّامة شيخ الإسلام والمسلمين محمّد، المدعوّ باقر علوم المجتهدين دامت أيّام إفاداته عن أصل الإشكال شفاهاً: بأنّ العرب على قاعدة النسيء كانوا يحجّون عامين في عاشر كلّ شهر، وذلك العام كان أوّل العامين اللّذين كانت نوبة الحجّ فيهما في عاشر ذي الحجّة، والثاني منهما العام القابل الذي فيه وقعت حجّة الوداع. وهو جواب شاف لو أيّده نقل، ولم أجده، بل بعض ما نقلناه يناقضه ، فتدبّر .
وعلى أيّ حال فحرمة هذه الأشهر الأربعة مخصوصة بذلك العام إجماعاً من أهل العلم، وهناك شهور اُخرى تسمّى بالأشهر الحرم حرّم فيها قتال من يرى لها حرمة كمشركي العرب، وهي أيضاً أربعة: ثلاثة سَردٌ ۱ ، وواحد فرد: ذو القعدة وذو الحجّة والمحرّم ورجب، والأصل فيها قوله تعالى : «فَإِذَا انسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ»۲ .
فالمشهور بين الأصحاب أنّها ما ذكرناه، وأنّ حرمتها باقية إلى يوم القيامة .
ويدلّ عليه بعض ما ذكر من الأخبار، وظاهر الصدوق أنّها أشهر الحجّ: شوّال وذو القعدة وذو الحجّة ورجب، حيث وضع باباً في الفقيه لأشهر الحجّ وأشهر السياحة والأشهر الحرم، ولم يرد فيه ما يتعلّق بالأشهر الحرم من الأخبار، إلّا قوله : وقال عليه السلام : «ما خلق اللّه في الأرض بقعة أحبّ إليه من الكعبة ولا أكرم عليه منها، ولها حرّم اللّه عزّ وجلّ الأشهر الحرم الأربعة في كتابه يوم خلق السماوات والأرض، ثلاثة منها متوالية للحجّ، وشهر مفرد للعمرة رجب .» ۳

1.أي متوالية و متتابعة. اُنظر: النهاية لابن الأثير، ج ۲، ص ۳۰۸ (سرد).

2.التوبة (۹) : ۵ .

3.الفقيه، ج ۲، ص ۴۵۷، ح ۲۹۶۱؛ وسائل الشيعة، ج ۱۱، ص ۲۷۳، ح ۱۴۷۷۵.


شرح فروع الکافي ج4
520

أعوام في شهر يكون حجّهم عام الفيل في عاشر شهر ربيع الأوّل، فإنّ النسيء على هذا يدور على ستّ وثلاثين، و إذا نقصت دورة من اثنتين وستّين تبقى ستّ وعشرون، الثلاث الأخيرة منها لذي القعدة، وثلاث قبلها لشوّال وهكذا، فتكون الاُوليان منها لربيع الأوّل: إحداهما لآخره، والاُخرى للعشرين منه، وهذا هو عام الفيل وعام ولادته صلى الله عليه و آله ، فمبدأ الحمل كان قبل ذلك العام في أيّام التشريق، فإذا فرض في الثانية عشر منه تكون مدّة الحمل لا محالة سنة كاملة أقصى الحمل .
قلنا : يدفع الأوّل ما سبق من الأخبار المتكثّرة الدالّة على أنّ مبدأ تلك الأشهر اليوم الحادي عشر من ذي الحجّة.
ويؤيّدها ما نقل في روضة الصفاء عن علماء السِّير والأخبار، من أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله أراد الحجّ في آخر ذي القعدة في السنة التاسعة من الهجرة، فسمع أنّ المشركين يحجّون عرياناً، فترك تلك العزيمة، وأمّر أبا بكر على ثلاثمئة رجل، وأرسلهم إلى قريش ۱ ، القصّة .
وحمل ذي الحجّة فيما ذكر من الأخبار على الشهر الذي يسمّونه بهذا الاسم في الجاهليّة غير موجب لمطابقة ليطابق القول المحكي من كلّ وجه، على أ نّه يأبى عنه أكثرها ، فتأمّل .
ويدفع الثاني أنّه لا يجوز قياس أمير المؤمنين عليه السلام في ذلك العام على عبداللّه رضى الله عنه، فإنّ عبداللّه كان يتّقي من قريش دائماً في أكثر أقواله وأفعاله حتّى في الإيمان ، ولعلّه كان يحجّ في الوقت الذي رسمه إبراهيم عليه السلام مستسرا ، كما أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله حجّ عشرين حجّة كذلك في الأزمنة التي لم يكن له يد على قريش بخلاف أمير المؤمنين في ذلك العام حيث كان بعد فتح مكّة وضعف قريش وعدم قدرتهم على معارضته عليه السلام .
ولا يبعد التفصّي عن الإشكال بأنّه عليه السلام كان معتمرا عمرة مفردة لا حاجّاً، على ما يستفاد من بعض ما تقدّم من الأخبار من قدومه عليه السلام مكّة يوم النحر، أو أنّه عليه السلام حجّ مع

1.روضة الصفا، ط ۱، ۱۳۸۰ ه ش، تهران، ج ۴، ص ۱۵۸۷، وقايع السنة التاسعة من الهجرة.

  • نام منبع :
    شرح فروع الکافي ج4
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقيق : المحمودی، محمد جواد ؛ الدرایتی محمد حسین
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 186996
صفحه از 662
پرینت  ارسال به