المسلمين على ما هو المقرّر من ملّة إبراهيم عليه السلام وقد حجّ المشركون في ذي القعدة على قاعدتهم، وإنّما حضروا منى مع المسلمين تبعاً لهم لا للحجّ ، فتأمّل .
وأجاب خالي المحقّق المدقّق العلّامة الفهّامة شيخ الإسلام والمسلمين محمّد، المدعوّ باقر علوم المجتهدين دامت أيّام إفاداته عن أصل الإشكال شفاهاً: بأنّ العرب على قاعدة النسيء كانوا يحجّون عامين في عاشر كلّ شهر، وذلك العام كان أوّل العامين اللّذين كانت نوبة الحجّ فيهما في عاشر ذي الحجّة، والثاني منهما العام القابل الذي فيه وقعت حجّة الوداع. وهو جواب شاف لو أيّده نقل، ولم أجده، بل بعض ما نقلناه يناقضه ، فتدبّر .
وعلى أيّ حال فحرمة هذه الأشهر الأربعة مخصوصة بذلك العام إجماعاً من أهل العلم، وهناك شهور اُخرى تسمّى بالأشهر الحرم حرّم فيها قتال من يرى لها حرمة كمشركي العرب، وهي أيضاً أربعة: ثلاثة سَردٌ ۱ ، وواحد فرد: ذو القعدة وذو الحجّة والمحرّم ورجب، والأصل فيها قوله تعالى : «فَإِذَا انسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ»۲ .
فالمشهور بين الأصحاب أنّها ما ذكرناه، وأنّ حرمتها باقية إلى يوم القيامة .
ويدلّ عليه بعض ما ذكر من الأخبار، وظاهر الصدوق أنّها أشهر الحجّ: شوّال وذو القعدة وذو الحجّة ورجب، حيث وضع باباً في الفقيه لأشهر الحجّ وأشهر السياحة والأشهر الحرم، ولم يرد فيه ما يتعلّق بالأشهر الحرم من الأخبار، إلّا قوله : وقال عليه السلام : «ما خلق اللّه في الأرض بقعة أحبّ إليه من الكعبة ولا أكرم عليه منها، ولها حرّم اللّه عزّ وجلّ الأشهر الحرم الأربعة في كتابه يوم خلق السماوات والأرض، ثلاثة منها متوالية للحجّ، وشهر مفرد للعمرة رجب .» ۳