523
شرح فروع الکافي ج4

يحلّوا شهرا من الحرام إلّا حرّموا مكانه شهرا من الحلال، ولم يحرّموا شهرا من الحلال إلّا أحلّوا مكانه شهرا من الحرام؛ لتكون موافقة في العدد . ۱
وفيه أيضاً :
وكانت العرب تحرّم الشهور الأربعة، وذلك ممّا تمسّكت به من ملّة إبراهيم وإسماعيل عليهماالسلاموهم كانوا أصحاب غارات وحروب، فربّما كان يشقّ عليهم أن يمكثوا ثلاثة أشهر متوالية لا يغيرون فيها، فكانوا يؤخّرون تحريم المحرّم إلى صفر فيحرّمونه، ويستحلّون المحرّم، فيمكثون بذلك زماناً، ثمّ يزول التحريم إلى المحرّم، ولا يفعلون ذلك إلّا في ذي الحجّة .
قال الفرّاء : والذي كان يقوم به رجل من كنانة يُقال له: نعيم بن ثعلبة، وكان رئيس الموسم، فيقول : أنا الذي لا اُعاب ولا اُخاب ولا يُردّ لي قضاء، فيقولون: نعم، صدقت أنسنا شهرا أو أخّر عنّا حرمة المحرّم واجعلها في صفر وأحلّ المحرّم ، فيفعل ذلك ، والذي كان ينسأها حين جاء الإسلام جنادة بن عوف بن اُميّة الكناني .
قال ابن عبّاس : أوّل من سنّ النسيء عمر بن يحيى بن قمعة بن خندف .
وقال أبو مسلم : بل رجل من بني كنانة يُقال له: القملَّس ۲ ، كان يقول : إنّي قد نَسَأتُ المحرّم، وهما العام صفران، فإذا كان العام القابل قضينا، فجعلناهما محرّمين ، قال شاعرهم : ومِنّا ناسِئُ الشهر القَلمَّسُ ۳
وقال الكميت :

ونحن النّاسِئون على مُعَدٍّشهورَ الحِلّ نجعلها حراماً
۴

1.نفس المصدر.

2.كذا بالأصل، و في المصدر: «القلمس»، و كلاهما بمعني الداهية.

3.في الأصل: «القملس»، و المثبت من المصدر و سائر المصادر مثل جامع البيان للطبري، ج ۱۰، ص ۱۷۱؛ و تفسير البغوي، ج ۲، ص ۲۹۱.

4.مجمع البيان، ج ۵، ص ۵۳.


شرح فروع الکافي ج4
522

وأوّله جدّي قدس سرهفي الشرح بحمل أشهر الحجّ فيه على ما يطابق المشهور، حيث قال :
أي ثلاثة منها متوالية حرّمت لأجل الحجّ: ذو القعدة وبعض ذي الحجّة للذهاب إلى مكّة وبعض ذي الحجّة للحجّ والعمرة، وبعضها مع المحرّم للعود؛ لأنّه تعالى جعل بيته الحرام في موضع كان أطرافه براري، وكان يعلم أنّها تكون مسكن الأعراب، والغالب عليهم القتال، فحرّم القتال في هذه الأشهر؛ ليأمن الناس من شرّهم، ويحجّوا آمنين ، وشهر مفرد قرّره اللّه تعالى للعمرة للأطراف من أهل المدينة وغيرهم ممّن كان بعدهم من مكّة إلى أربعة عشر يوماً؛ ليعتمروا آمنين في الذهاب والإياب . ۱
وحكى في مجمع البيان ۲ قولاً بأنّها أشهر السياحة بعينها، وكأنّ القائل منحصر في العامّة ، ورجّحه البيضاوي محتجّاً بالإجماع وباقتضاء السياق ايّاه، حيث قال في تفسير الآية الكريمة:
فإذا انقضى الأشهر الحرم اُبيح للناكثين أن يسيحوا فيها ، وقيل: رجب وذو القعدة وذو الحجّة والمحرّم، وهذا مخلّ بالنظم، مخالف للإجماع، فإنّه يقتضي بقاء حرمة الأشهر الحرم؛ إذ ليس فيما نزل بعد ما ينسخها . ۳
وحرمة هذه الأشهر على ما مذهب الأصحاب كانت مقرّرة قبل الإسلام بين العرب، وهي من سنّة إبراهيم عليه السلام ، ولكن حدث منهم نسيء آخر غير ما ذكر، فكانوا يؤخّرون في بعض السنوات تحريم المحرّم إلى صفر ، ففي مجمع البيان في تفسير قوله تعالى : «يُحِلُّونَهُ عَاما وَيُحَرِّمُونَهُ عَاما»۴ ، أي يجعلون الشهر الحرام حلالاً إذا احتاجوا إلى القتال فيه، وإذا لم يحتاجوا إلى القتال لم يفعلوا ذلك . ۵
وفي تفسير قوله تعالى : «لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللّهُ» ، معناه: أنّهم لم

1.مجمع البيان، ج ۵، ص ۵۴.

2.روضة المتّقين، ج ۵، ص ۸۷ .

3.مجمع البيان، ج ۵، ص ۱۵.

4.تفسير البيضاوي، ج ۳، ص ۱۲۹.

5.التوبة (۹) : ۳۷ .

  • نام منبع :
    شرح فروع الکافي ج4
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقيق : المحمودی، محمد جواد ؛ الدرایتی محمد حسین
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 174313
صفحه از 662
پرینت  ارسال به