رسوله وعلى كتابه ، بل سلّموا و رضوا» ۱ ، الحديث .
وقد ظهر لك ممّا ذكر أنّ علماء العامّة وسلاطينهم لم يرضوا بما فعله عمر في الحجّ، ولم يقبلوا إنكاره التمتّع؛ لغاية شناعته .
وأمّا إنكاره متعة النساء فقد تلقّوه بالقبول غيرةً على اُمّهاتهم وبناتهم وأخواتهم كما كان كذلك داعيا له إليه .
وقد حكي أنّ المأمون أراد نقض ذلك ومنعه الحديث الذي وضعه بعض المبدعين ، فقد حكى في مجالس المؤمنين: أنّ المأمون أراد أن يجري شرع متعة النساء وينقض أساس عمر، فبلغ ذلك يحيى بن أكثم، فقال لأبي العيناء : اُغد إليه، فإن تيسّر لك التكلّم معه في ذلك، وإلّا فاصبر هنيئة حتّى أجيء إليك ، فذهب أبو العيناء إلى المأمون غدوة، فرآه يمشي متحيّرا و هو يقول مخاطباً لعمر : ياجُعَل، مالكَ وما أحلّه رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، فلمّا رآه متغيّرا هذا التغيّر سكت ولم يتكلّم، فإذا هو بيحيى عبوساً ، فلمّا رآه يحيى متغيّر الحال قال له : ما لي أراك متنكّرا؟ فقال : بدعة ابتدعتَها ، قال : ما هي؟ قال : حلّ الزنا ، فقال : كلّا وحاشا عن ذلك ، قال : تريد أن تحلّ المتعة وما هي إلّا زنا، فإنّ اللّه تعالى حصر المحلّلات في الأزواج؛ وملك اليمين والمتعة ليست من الأزواج؛ لاستلزام الزوجيّة التوارث، ولا توارث هنا، وليست أيضاً مملوكة ، فقال المأمون : فكيف أحلّها رسول اللّه صلى الله عليه و آله ؟ فقال : قد أحلّها مدّة ثمّ نسخها في حجّة الوداع ، فاستخبر المأمون عن رجل آخر عن صدق هذا الخبر فصدّقه، فتوقّف عن عزمه عن هذا الرأي .
وقد سمعت عن بعض الثقات نقلاً عن بعض تواريخ العامّة أنّه قال يحيى بعد ذلك : ومن المراحم الربّانيّة عَليَّ إبقاء سنّة عمر أن لم يخطر ببال المأمون أن يعترض بأنّه إذا وقع النسخ فكيف قال عمر : أنا اُحرّمهما؟ وأن يقول : وكيف كان الناس يستمتعون من النساء في عهد أبي بكر ونبذ من عهده ؟ ۲