529
شرح فروع الکافي ج4

رسوله وعلى كتابه ، بل سلّموا و رضوا» ۱ ، الحديث .
وقد ظهر لك ممّا ذكر أنّ علماء العامّة وسلاطينهم لم يرضوا بما فعله عمر في الحجّ، ولم يقبلوا إنكاره التمتّع؛ لغاية شناعته .
وأمّا إنكاره متعة النساء فقد تلقّوه بالقبول غيرةً على اُمّهاتهم وبناتهم وأخواتهم كما كان كذلك داعيا له إليه .
وقد حكي أنّ المأمون أراد نقض ذلك ومنعه الحديث الذي وضعه بعض المبدعين ، فقد حكى في مجالس المؤمنين: أنّ المأمون أراد أن يجري شرع متعة النساء وينقض أساس عمر، فبلغ ذلك يحيى بن أكثم، فقال لأبي العيناء : اُغد إليه، فإن تيسّر لك التكلّم معه في ذلك، وإلّا فاصبر هنيئة حتّى أجيء إليك ، فذهب أبو العيناء إلى المأمون غدوة، فرآه يمشي متحيّرا و هو يقول مخاطباً لعمر : ياجُعَل، مالكَ وما أحلّه رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، فلمّا رآه متغيّرا هذا التغيّر سكت ولم يتكلّم، فإذا هو بيحيى عبوساً ، فلمّا رآه يحيى متغيّر الحال قال له : ما لي أراك متنكّرا؟ فقال : بدعة ابتدعتَها ، قال : ما هي؟ قال : حلّ الزنا ، فقال : كلّا وحاشا عن ذلك ، قال : تريد أن تحلّ المتعة وما هي إلّا زنا، فإنّ اللّه تعالى حصر المحلّلات في الأزواج؛ وملك اليمين والمتعة ليست من الأزواج؛ لاستلزام الزوجيّة التوارث، ولا توارث هنا، وليست أيضاً مملوكة ، فقال المأمون : فكيف أحلّها رسول اللّه صلى الله عليه و آله ؟ فقال : قد أحلّها مدّة ثمّ نسخها في حجّة الوداع ، فاستخبر المأمون عن رجل آخر عن صدق هذا الخبر فصدّقه، فتوقّف عن عزمه عن هذا الرأي .
وقد سمعت عن بعض الثقات نقلاً عن بعض تواريخ العامّة أنّه قال يحيى بعد ذلك : ومن المراحم الربّانيّة عَليَّ إبقاء سنّة عمر أن لم يخطر ببال المأمون أن يعترض بأنّه إذا وقع النسخ فكيف قال عمر : أنا اُحرّمهما؟ وأن يقول : وكيف كان الناس يستمتعون من النساء في عهد أبي بكر ونبذ من عهده ؟ ۲

1.الهداية، ص ۴۲۳؛ المستدرك، ج ۱۴، ص ۴۷۴ ۴۷۷، ح ۱۷۳۴۸.

2.اُنظر القصّة في ترجمة يحيى بن الأكثم من وفيات الأعيان، ج ۶، ص ۱۵۰ ۱۵۱؛ و تاريخ بغداد، ج ۱۴، ص ۲۰۲ ۲۰۳، الرقم ۷۴۸۹؛ و ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق، ج ۶۴، ص ۷۱ ۷۲، ترجمة يحيى بن أكثم برقم ۸۱۰۸ .


شرح فروع الکافي ج4
528

وقيل : رواه أبو داود ۱ و النسائيّ ۲ بتغيير يسير .
وأورده في جامع الاُصول ۳ وقال : وأخرج أبو داود في رواية اُخرى أنّه قال : واللّه ، ما أعمر رسول اللّه صلى الله عليه و آله عائشة في ذي الحجّة إلّا ليقطع بذلك أمر أهل الشرك، فإنّ هذا الحيّ من قريش ومن دان بدينهم كانوا يقولون: إذا عفا الأثر وبرأ الدّبر ودخل صفر، فكانوا يحرّمون العمرة حتّى ينسلخ ذو الحجّة والمحرّم . ۴
والداعي له على إنكار متعة النساء ما رواه المفضّل في حديث طويل عن الصادق عليه السلام قال : «تمتّع سائر المسلمين على عهد رسول اللّه صلى الله عليه و آله في الحجّ وغيره، وأيّام أبي بكر، وأربع سنين في أيّام عمر حتّى دخل على اُخته عفراء، فوجد في حجرها طفلاً يرتضع من ثديها، فنظر إلى درّة اللّبن في فم الطفل، فأغضب وأرعد وأزبد وأخذ الطفل على يده وخرج حتّى أتى المسجد ورقا المنبر، وقال : نادوا في الناس: أنّ الصلاة جامعة ، وكان غير وقت صلاة ، فعلم الناس أنّه لأمرٍ يريده عمر ، فحضروا فقال : معاشر الناس من المهاجرين والأنصار وأولاد قحطان مَن منكم يحبّ أن يرى المحرّمات من النساء ولها مثل هذا الطفل قد خرج من أحشائها ويرتضع من ثديها وهي غير متبعّلة؟ فقال بعض القوم : ما نحبّ هذا ، فقال : ألستم تعرفون اُختي عفراء بنت حَنْتَمة اُمّي وأبي الخطّاب غير متبعّلة؟ قالوا : بلى ، قال : فإنّي دخلت عليها في هذه الساعة فوجدت هذا الطفل في حجرها، فناشدتها أنّى لكِ هذا؟ فقالت : تمتّعت ، فاعلموا معاشر ۵ الناس أنّ هذه المتعة التي كانت حلالاً للمسلمين في عهد رسول اللّه صلى الله عليه و آله قد رأيت تحريمها، فمَن أبى ضربت جنبيه بالسّوط ، فلم يكن في القوم منكر قوله، ولا رادّ عليه، ولا قائل: لم يأتِ رسول بعد رسول اللّه صلى الله عليه و آله أو كتاب بعد كتاب اللّه ، لا نقبل خلافك على اللّه وعلى

1.الظاهر أنّه أراد منها الحديث التالي عن أبي داود.

2.سنن النسائي، ج ۵، ص ۱۸۰؛ و أيضا في السنن الكبرى، ج ۲، ص ۳۶۸، ح ۳۷۹۵.

3.جامع الاُصول، ج ۳، ص ۱۴۱۴.

4.سنن أبي داود، ج ۱، ص ۴۴۲، ح ۱۹۸۷.

5.في الأصل: «سائر» بدل «معاشر»، و ما أثبتناه موافق للمصادر.

  • نام منبع :
    شرح فروع الکافي ج4
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقيق : المحمودی، محمد جواد ؛ الدرایتی محمد حسین
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 178387
صفحه از 662
پرینت  ارسال به