فقال : أيّها الناس، لو استقبلت من أمري ما استدبرت صنعت كما صنع الناس، ولكنّي سقت الهدي، فلا يحلّ من ساق الهدي حتّى يبلغ الهدي محلّه . فقصّر الناس وأحلّوا وجعلوها عمرة.
فقام سراقة بن مالك بن جعشم المدلجي، فقال : يارسول اللّه ، هذا الذي أمرتنا به لعامنا هذا أم للأبد؟ فقال : لا، للأبد إلى يوم القيامة، وشبّك بين أصابعه، وأنزل اللّه في ذلك قرآناً: «فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْىِ»۱ ، فليس لأحدٍ إلّا أن يتمتّع؛ لأنّ اللّه نزّل ذلك في كتابه وجرت به السنّة .
وفي الصحيح عن الحلبيّ، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : إنّ عثمان خرج حاجّاً فلمّا صار إلى الأبواء أمر منادياً فنادى بالناس: اجعلوها حجّةً ولا تمتّعوا، فنادى المنادي، فمرّ المنادي بالمقداد بن الأسود، فقال : أَما لتجدنّ عند القلائص رجلاً ينكر ما تقول ، فلمّا انتهى المنادي إلى عليّ عليه السلام وكان عند ركائبه يلقمها خبطاً ۲
ودقيقاً، فلمّا سمع النداء تركها ومضى إلى عثمان، فقال : ما هذا الذي أمرت به؟ فقال : رأيٌ رأيته ، فقال : واللّه ، لقد أمرت بخلاف رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، ثمّ أدبر مولّياً رافعاً صوته : لبّيك بحجّةٍ وعمرة معاً، لبّيك ، وكان مروان بن الحكم يقول بعد ذلك : فكأنّي أنظر إلى بياض الدقيق مع خضرة الخبط على ذراعيه» . ۳
ومن طريق العامّة ما رواه مسلم عن عبداللّه بن شقيق، قال : كان عثمان ينهى عن المتعة، وكان عليّ يأمر بها ، فقال لعليّ كلمة، ثمّ قال عليّ : «لقد علمت قد تمتّعنا مع رسول اللّه صلى الله عليه و آله » قال : أجل، ولكنّا كنّا خائفين . ۴
1.تهذيب الأحكام، ج ۵، ص ۲۵، ح ۷۴؛ وسائل الشيعة، ج ۱۱، ص ۲۳۹، ح ۱۴۶۸۲.
2.الخبط: ضرب الشجر بالعصاليتنا ثرورقها، و اسم الورق الساقط خبط بالتحريك فعل بمعنى مفعول، و هو من علف الإبل. النهاية، ج ۲، ص ۷ (خبط).
3.تهذيب الأحكام، ج ۵، ص ۸۵ ۸۶ ، ح ۲۸۲؛ الاستبصار، ج ۲، ص ۱۷۱، ح ۵۶۴؛ وسائل الشيعة، ج ۱۲، ص ۳۵۰ ۳۵۱، ح ۱۶۴۸۶.
4.صحيح مسلم، ج ۴، ص ۴۶. و رواه أحمد في المسند، ج ۱، ص ۶۱ و ۹۷.