531
شرح فروع الکافي ج4

فقال : أيّها الناس، لو استقبلت من أمري ما استدبرت صنعت كما صنع الناس، ولكنّي سقت الهدي، فلا يحلّ من ساق الهدي حتّى يبلغ الهدي محلّه . فقصّر الناس وأحلّوا وجعلوها عمرة.
فقام سراقة بن مالك بن جعشم المدلجي، فقال : يارسول اللّه ، هذا الذي أمرتنا به لعامنا هذا أم للأبد؟ فقال : لا، للأبد إلى يوم القيامة، وشبّك بين أصابعه، وأنزل اللّه في ذلك قرآناً: «فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْىِ»۱ ، فليس لأحدٍ إلّا أن يتمتّع؛ لأنّ اللّه نزّل ذلك في كتابه وجرت به السنّة .
وفي الصحيح عن الحلبيّ، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : إنّ عثمان خرج حاجّاً فلمّا صار إلى الأبواء أمر منادياً فنادى بالناس: اجعلوها حجّةً ولا تمتّعوا، فنادى المنادي، فمرّ المنادي بالمقداد بن الأسود، فقال : أَما لتجدنّ عند القلائص رجلاً ينكر ما تقول ، فلمّا انتهى المنادي إلى عليّ عليه السلام وكان عند ركائبه يلقمها خبطاً ۲
ودقيقاً، فلمّا سمع النداء تركها ومضى إلى عثمان، فقال : ما هذا الذي أمرت به؟ فقال : رأيٌ رأيته ، فقال : واللّه ، لقد أمرت بخلاف رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، ثمّ أدبر مولّياً رافعاً صوته : لبّيك بحجّةٍ وعمرة معاً، لبّيك ، وكان مروان بن الحكم يقول بعد ذلك : فكأنّي أنظر إلى بياض الدقيق مع خضرة الخبط على ذراعيه» . ۳
ومن طريق العامّة ما رواه مسلم عن عبداللّه بن شقيق، قال : كان عثمان ينهى عن المتعة، وكان عليّ يأمر بها ، فقال لعليّ كلمة، ثمّ قال عليّ : «لقد علمت قد تمتّعنا مع رسول اللّه صلى الله عليه و آله » قال : أجل، ولكنّا كنّا خائفين . ۴

1.تهذيب الأحكام، ج ۵، ص ۲۵، ح ۷۴؛ وسائل الشيعة، ج ۱۱، ص ۲۳۹، ح ۱۴۶۸۲.

2.الخبط: ضرب الشجر بالعصاليتنا ثرورقها، و اسم الورق الساقط خبط بالتحريك فعل بمعنى مفعول، و هو من علف الإبل. النهاية، ج ۲، ص ۷ (خبط).

3.تهذيب الأحكام، ج ۵، ص ۸۵ ۸۶ ، ح ۲۸۲؛ الاستبصار، ج ۲، ص ۱۷۱، ح ۵۶۴؛ وسائل الشيعة، ج ۱۲، ص ۳۵۰ ۳۵۱، ح ۱۶۴۸۶.

4.صحيح مسلم، ج ۴، ص ۴۶. و رواه أحمد في المسند، ج ۱، ص ۶۱ و ۹۷.


شرح فروع الکافي ج4
530

وأقول : هذا الخبر موضوع لما عرفت، و قد اضطربوا في نقله، فكثيرا ما يروونه في فتح خيبر، فقد رواه البخاري ۱ ومسلم ۲ فيه بطرق متعدّدة .
وأمّا الدليل عليه فالأصل فيه قوله تعالى : «فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْىِ»۳ .
واحتجّ عليه في المنتهى بقوله سبحانه أيضاً : «وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ للّهِِ»۴ ،وقال : أمره تعالى للوجوب والفور، فإمّا أن يبدأ بالحجّ وينتهي بالعمرة، ولم يقل به أحد؛ إذ لم يوجب أحد تعقيب الحجّ بالعمرة بلا فصل . وإمّا أن يجمع بينهما في إحرام واحد وهو غير جائز، كما لا يجوز الجمع بين إحرام حجّتين وعمرتين، فلم يبقَ إلّا تقديم العمرة وتعقّبها بالحجّ بلا فصل، وهو التمتّع ۵ ، وفيه تأمّل .
وقد تظافرت الأخبار فيه من الطريقين، بل تواترت ؛ فمن طريق الأصحاب ما رواه المصنّف في الباب وفي بعض الأبواب السالفة، وما رواه الشيخ قدس سرهفي الصحيح عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبداللّه ، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام قال : «لمّا فرغ رسول اللّه صلى الله عليه و آله من سعيه أتاه جبرئيل عليه السلام عند فراغه من السعي، وهو على المروة، فقال : إنّ اللّه يأمرك أن تأمر الناس أن يحلّوا إلّا مَنْ ساق الهدي ، فأقبل رسول اللّه صلى الله عليه و آله على الناس بوجهه، فقال : أيُّها الناس، هذا جبرئيل عليه السلام وأشار بيده إلى خلفه يأمرني عن اللّه أن آمُرَ الناس أن يحلّوا إلّا مَن ساق الهدي ، فأمرهم بما أمر اللّه به.
فقام إليه رجل فقال : يا رسول اللّه ، نخرج من منى ورؤوسنا تقطر من النساء .
وقال آخرون: يأمرنا بشيء ويصنع هو غيره .

1.اُنظر: صحيح البخاري، ج ۵، ص ۷۸، باب غزوة خيبر، و ج ۶، ص ۱۲۹، كتاب النكاح، و ج ۸ ، ص ۶۱، كتاب الجبل.

2.صحيح مسلم، ج ۴، ص ۱۳۰ ۱۳۵، كتاب النكاح.

3.البقرة (۲) : ۱۹۶ .

4.البقرة (۲): ۱۹۶.

5.منتهى المطلب، ج ۲، ص ۶۶۰.

  • نام منبع :
    شرح فروع الکافي ج4
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقيق : المحمودی، محمد جواد ؛ الدرایتی محمد حسین
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 178355
صفحه از 662
پرینت  ارسال به