537
شرح فروع الکافي ج4

كثير كلّهم يلتمس أن يأتمّ برسول اللّه صلى الله عليه و آله ويعمل مثل عمله، فخرجنا معه حتّى إذا أتينا ذا الحليفة، فولدت أسماء بنت أبي عميس محمّد بن أبي بكر، فأرسلت إلى رسول اللّه صلى الله عليه و آله كيف أصنع؟ قال : اغتسلي واستثفري ۱ بثوب واحرمي، فصلّى رسول اللّه صلى الله عليه و آله في المسجد، فركب القصواء حتّى إذا استوت به ناقته إلى البيداء نظرت إلى مدّ بصري بين يديه من راكب وماش، وعن يمينه مثل ذلك، ومن خلفه مثل ذلك، ورسول اللّه صلى الله عليه و آله بين أظهرنا، وعليه ينزل القرآن، وهو يعرف تأويله، فما عمل به من شيء عملنا به، فأهلّ بالتوحيد: لبّيك اللّهمَّ لبّيك، لبّيك لا شريك لك لبّيك، إنّ الحمد والنِّعمة لك والملك لا شريك لك ، وأهلَّ الناس بهذا الذي يهلّ به، فلم يزد رسول اللّه صلى الله عليه و آله شيئاً منهم ، ولزم رسول اللّه صلى الله عليه و آله تلبيته .
قال جابر : لسنا ننوي إلّا الحجّ، لسنا نعرف العمرة حتّى إذا أتينا البيت معه استلم الركن، فرمل ثلاثاً ومشى أربعاً، ثمّ نفذ إلى مقام إبراهيم عليه السلام فقرأ «وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّى»۲ ، فجعل المقام بينه وبين البيت ، فكان أبي يقول: ولا أعلمه ذكره إلّا عن النبيّ صلى الله عليه و آله . كان يقرأ في الركعتين: قل هو اللّه أحد، وقل يا أيُّها الكافرون، ثمّ رجع إلى الركن فاستلمه، ثمّ خرج من الباب إلى الصفا، فلمّا دنا من الصفا قرأ: «إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللّهِ»۳ ابدأ بما بدأ اللّه به، فبدأ بالصفا فرقى عليه حتّى رأى البيت فاستقبل القبلة، فوحّد اللّه وكبّره، وقال : لا إله إلّا اللّه ، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كلّ شيءٍ قدير، لا إله إلّا اللّه وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده .
ثمّ دعا بين ذلك، فقال مثل هذا ثلاث مرّات ، ثمّ نزل إلى المروة حتّى إذا نصبت قدماه في بطن الوادي رمل، حتّى إذا صعدتا مشى حتّى أتى المروة، ففعل على المروة كما فعل على الصفا، حتّى إذا كان آخر طوافه على المروة قال : «لو أنّي استقبلت من

1.الاستثفار: هو أن تشدّ فرجها بخرقة عريضة بعد أن تحتشي قطنا، و تُوثق طرفيها في شيء تشدّ على وسطها، فتمنع بذلك سيل الدم. النهاية لابن الأثير، ج ۱، ص ۲۱۴ (ثفر).

2.البقرة(۲): ۱۲۵.

3.البقرة (۲) : ۱۵۷ .


شرح فروع الکافي ج4
536

فلمّا طهرت وطافت قالت : يارسول اللّه ، أتنطلقون بعمرة وحجّة وأنطلق بالحجّ؟ فأمر عبد الرحمن بن أبي بكر أن يخرج معها إلى التنعيم، فاعتمرت بعد الحجّ في ذي الحجّة، وأنّ سراقة بن مالك بن جعشم لقي النبيّ صلى الله عليه و آله وهو بالعقبة وهو يرميها، فقال : ألكم هذه خاصّة يارسول اللّه ؟ قال : «لا ، بل للأبد» . ۱
وعن أبي الأسود أنّ عبداللّه مولى أسماء بنت أبي بكر حدّثه أنّه كان يسمع أسماء تقول كلّما مرّت بالحجون: صلّى اللّه على رسوله، لقد نزلنا معه هاهنا ونحن يومئذٍ خفاف، قليل ظهرنا، قليلة أزوادنا، فاعتمرت أنا واُختي عائشة والزبير وفلان وفلان، فلمّا مسحنا البيت أحللنا، ثمّ أهللنا من العشي بالحجّ . ۲
وقد روى كثيرا منها بأسانيد متعدّدة .
وروى أيضاً مسلم عن جعفر بن محمّد، عن أبيه عليهماالسلام قال : «دخلنا على جابر بن عبداللّه ۳ الأنصاري فسأل عن القوم حتّى انتهى إليَّ، فقلت : أنا محمّد بن عليّ بن الحسين، فأهوى بيده إلى رأسي، فنزع زرّي الأعلى ثمّ نزع زرّي الأسفل، ثمّ وضع كفّه بين ثَدييّ وأنا يومئذٍ غلام شابّ، فقال : مرحباً بك يا ابن أخي، سَلْ عمّا شئت ، فسألته وهو أعمى وقد حضر وقت الصلاة، فقام في نساجة ملتحفاً بها، ۴ كلّما وضعها على منكبه رجع طرفاها إليه من صغره، ورداؤه إلى جنبه على المشجب ، ۵ فصلّى بنا فقلت : أخبرني عن حجّة رسول اللّه ، فقال بيده، فعقد تسعاً، فقال: إنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله مكث تسع سنين لم يحجّ، ثمّ أذّن في الناس في العاشرة: أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله حاجّ، فقدم المدينة بشرٌ

1.صحيح البخاري، ج ۲، ص ۲۰۰ ۲۰۱؛ و رواه أحمد في المسند، ج ۳، ص ۳۰۵.

2.صحيح البخاري، ج ۲، ص ۲۰۴؛ و رواه مسلم في صحيحه، ج ۴، ص ۵۵.

3.هذا هو الصحيح، و في الأصل: «جابر بن محمّد».

4.في الهامش: «في حديث جابر: فقام في نساجة ملتحفا بها، هي ضرب من الملاحف منسوجة، كأنّها سمّيت بالمصدر، يقال: نسجت أنسج نسجا و نساجة» . النهاية، ج ۵، ص ۴۶ (نسج).

5.في هامش الأصل: «في حديث جابر: و ثوبه على المشجب. هو بكسر الميم: عيدان تضمّ رؤوسهما و تفرّج بين قوائمها و توضع عليها الثياب، و قد تعلّق عليها الأسقية لتبريد الماء، و هومن تشاجب الأمر: إذا اختلط». النهاية، ج ۲، ص ۴۴۵ (شجب).

  • نام منبع :
    شرح فروع الکافي ج4
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقيق : المحمودی، محمد جواد ؛ الدرایتی محمد حسین
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 174775
صفحه از 662
پرینت  ارسال به