السنة من يوم تحلّ فيه الشمس نقطة بعينها من دائرة البروج ، كأوّل الاعتدال الربيعي مثلاً إلى عودها إلى مثل تلك النقطة ، وأخذوا شهورها من الأيّام التي تحلّ فيها الشمس أمثال تلك النقطة من البروج ، فإن كانت النقطة التي هي مبدأ السنة الموافقة لمبدأ الشهر الأوّل أوّل برج كما مثل به كانت أمثالها من البروج الاُخرى أوائل البروج الباقية ، وإن كانت عاشرة برج كانت أمثالها عواشر البروج وهكذا ، وعلى هذا تطابق عدد أيّام الشهور والسنة من غير كبس ، ولا يبعد أن يُقال بابتناء الحديث على هذا الكبس ، بل هو أقرب ، فتأمّل .
وثالثها : ما هو مصطلح اليهود والترك ، فإنّهم على ما حكى عنهم الخفريّ أنّهم يعتبرون شهور السنة الشمسيّة الحقيقيّة قمريّة ، وعدد أيّامها الاثني عشر ثلاثمئة وأربعة وخمسون يوما واثنتان وعشرون دقيقة كما عرفت ، وهو ينقص عن أيّام السنة الشمسيّة الحقيقيّة بأحد عشر يوما تقريبا ، وفي التحقيق بعشرة أيّام واثنتين وخمسين دقيقة وثمان وأربعين ثانية ، فينقص من أحد عشر يوما سبع دقائق واثنتي عشر ثانية ، وهؤلاء لتطبيق أيّام هذه الشهور على أيّام السنة يجمعون الأحد عشر يوما من غير الكسر المذكور ، فيزيدون في كلّ ثلاث سنين أو في كلّ سنتين شهرا في السنة على حسب ما اصطلحوا عليه .
وقد قيل : إنّهم كانوا يكبسون تسع عشرة سنة قمريّة بتسعة أشهر قمريّة حتّى تصير تسع عشر شهرا شمسيّة ؛ فكانوا يزيدون في السنة الثانية شهرا ، ثمّ في الخامسة ، ثمّ في السابعة ، ثمّ في العاشرة ، ثمّ في الثالثة عشر ، ثمّ في السادسة عشر ، ثمّ في الثامنة عشر ، كأنّهم أرادوا بهذا تقريب السنتين الشمسيّة والقمريّة في مدّة تسع عشرة ، وإلّا فلا تتطابقان حقيقةً ، فإنّ مجموع زيادات السني الشمسيّة على سني القمريّة في تلك المدّة إذا لم يستثن الكسر من أحد عشر يوما مئتان وتسعة أيّام ، فإذا استثني الكسر وهو في تلك المدّة يومان ستّ عشرة دقيقة من دقائق اليوم وثمان وعشرين ثانية من ثواني دقيقة من دقائق يبقى من المجموع المذكور مئتان وستّة أيّام وثلاث وأربعون دقيقة