57
شرح فروع الکافي ج4

محرّمان : أحدهما : رأس السنة ، والآخر النسيء ، ويصير شهورها ثلاثة عشر ، وعلى هذا يبقى الحجّ في المحرّم ثلاث سنين متوالية ثمّ ينتقل إلى صفر ، ويبقى فيه كذلك إلى آخر الأشهر ، ففي كلّ ستّة وثلاثين سنة قمريّة تكون كبيستهم اثني عشر شهرا قمريّا ، وقيل : كانوا يكبسون أربعة وعشرين سنة باثني عشر شهرا ، وهذا هو النسيء المشهور في الجاهليّة وإن كان الأوّل أقرب إلى مرادهم .
وبالجملة ، إذا انقضى سنتان أو ثلاث وانتهى النوبة إلى الكبس قام فيهم خطيب وقال : إنّا جعلنا اسم الشهر الفلاني من السنة الداخلة للذي بعده ، حيث كانوا يزيدون النسيء على جميع الشهور بالنوبة حتّى يكون لهم في سنة محرّمان ، وفي اُخرى صفران ، فإذا اتّفق أن يتكرّر في السنة شهر من الأربعة الحرم نبّأهم الخطيب وحرّم عليهم واحدا منهما بحسب ما تقتضيه مصلحتهم ، ولمّا انتهى النوبة في أيّام النبيّ عليه الصلاة والسلام إلى ذي الحجّة وتمّ دور النسيء على الشهور كلّها حجّ في السنة العاشرة من الهجرة ؛ لوقوع الحجّ فيها في عاشر ذي الحجّة وقال : «ألا إنّ الزمان قد استدار كهيئة يوم خلق السماوات والأرض» ، ۱ يعني به رجوع الحجّ وأسماء الشهور إلى الوضع الأوّل ، ثمّ تلا قوله تعالى : «إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرا»۲ ، إلى آخر الآية . ۳
ورابعها : ما اصطلح عليه الروم والفرس حيث اصطلحوا على أخذ السنة الشمسيّة من يوم جلوس ملك عظيم لهم ، ويجعلون ذلك اليوم مبدأ السنة من غير ملاحظة موضع الشمس ، واصطلحوا على شهور تدور حول الثلاثين آخذين كلّ الشهور ثلاثين ثلاثين كما نقل عن الفرس ، أو بعض شهورهم ثلاثين ، وبعضها إحد وثلاثين ، وبعضها ثمانية وعشرين ، وفي السنة الكبس تسعة وعشرين كما حكاه الخفريّ عن

1.الخصال ، ص ۴۸۷ ، أبواب الاثني عشر ، ح ۶۳ ؛ تحف العقول ، ص ۳۲ ، خطبته صلى الله عليه و آله في حجّة الوداع ؛ مسند أحمد ، ج ۵ ، ص ۳۷ و ۷۳ ؛ صحيح البخاري ، ج ۵ ، ص ۲۰۴ ؛ و ج ۸ ، ص ۱۸۵ ؛ صحيح مسلم ، ج ۵ ، ص ۱۰۷ ؛ سنن أبى داود ، ج ۱ ، ص ۴۳۵ ، ح ۱۹۴۷ ؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج ۵ ، ص ۱۶۵ و ۱۶۶ .

2.التوبة (۹) : ۳۶ .

3.التكملة في شرح التذكرة ، ص ۱۹۶ من مخطوطة رقم ۱۰۶۷۸ من مكتبة آية اللّه المرعشي ، الفصل الرابع في معرفة أجزاء الأيّام وهي الساعات . وحكاه أيضا المجلسي في بحارالأنوار ، ج ۵۵ ، ص ۳۴۵ ۳۴۶ نقلاً عن بعض شرّاح التذكرة ولم يصرّح باسمه .


شرح فروع الکافي ج4
56

واثنتان وثلاثون ثانية ، ومجموع أيّام السبعة الأشهر القمريّة مئتان وعشرة أيّام إن اعتبرناها ثلاثين ثلاثين ، وإن اعتبرناها تسعة وعشرين فهو مئتي وثلاثة أيّام .
نعم ، لو لم يستثن الكسر المذكور واعتبرنا ستّة من تلك الأشهر السبعة ثلاثين ، وواحدا منها تسعة وعشرين لتطابق السنتان حقيقةً ، وعلى هذا الكبس ، أعني كبس تسع عشرة سنة قمريّة بسبعة أشهر قمريّة تكون ثلاثمئة سنة شمسيّة مكبوسة بتسع سنين قمريّة ، وقد فسّروا بذلك قوله تعالى : «وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعا»۱ ؛ حملاً للسنين على القمريّة ، والتسع الزائد على القمرية التي هي الكبائس ليصير المجموع ثلاثمئة سنة شمسيّة ، فتأمّل .
ونسب الخفريّ إليه نسيء العرب في الجاهليّة حيث قال المحقّق الطوسيّ قدس سره :
وإن أرادوا يعني مستعملي السنة الشمسيّة اعتبار الشهور القمريّة جعلوا السنة شمسيّة والشهور قمريّة ، وزادوا في كلّ ثلاث سنين أو في كلّ سنتين شهرا في السنة لاجتماع الأحد عشر يوما غير الكسر المذكور على حسب ما يصطلحون عليه .
وقال الشارح الخفريّ : «هذا إشارة إلى نسيء العرب في الجاهليّة أو إلى وضع اليهود والترك » . وقد قال قبل ذلك حكايةً عن نسيئهم :
إنّهم كانوا يستعملون شهور الأهلّة وإن كان حجّهم الواقع في عاشر ذي الحجّة كما رسمه إبراهيم عليه السلام دائرا في الفصول كما في زماننا هذا ، فأرادوا وقوعه دائما في زمان إدراك الغلّات والفواكه واعتدال الهواء ، أعني أوائل الخريف ؛ ليسهل عليهم السفر وقضاء المناسك ، فكان يقوم في الموسم عند اجتماع العرب خطيب يحمد اللّه ويُثني عليه ، ويقول : أنا أزيد لكم في هذه السنة شهرا ، وهكذا أفعل في كلّ ثلاث سنين حتّى يأتي حجّكم في وقت يسهل فيه مسافرتكم ، فيوافقونه على ذلك ، فكان يجعل المحرّم كبسا ويؤخّر اسمه إلى صفر واسم صفر إلى ربيع الأوّل ، وهكذا إلى آخر السنة ، فكان يقع الحجّ في السنة القابلة في عاشر المحرّم ، وهو ذو الحجّة عندهم ؛ لأنّهم لمّا سمّوا صفر بالمحرّم وجعلوه أوّل السنة صار المحرّم الآتي ذا الحجّة وآخر السنة ويقع في السنة

1.الكهف (۱۸) : ۲۵ .

  • نام منبع :
    شرح فروع الکافي ج4
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقيق : المحمودی، محمد جواد ؛ الدرایتی محمد حسین
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 142217
صفحه از 662
پرینت  ارسال به