الأصحاب منهم الشيخ في المبسوط ۱ والمحقّق في الشرائع ۲ وابن إدريس ۳ اثنا عشر ميلاً من كلّ جانب ، ولم أرَ شاهدا له من الأثر، وكأنّهم حملوا الثمانية والأربعين ميلاً على التوزيع على الجوانب الأربعة.
وبه يشعر كلام ابن إدريس قال :
من كان بينه وبين المسجد الحرام ثمانية وأربعون ميلاً من أربع جوانب البيت، من كلّ جانب اثنا عشر ميلاً، فلا يجوز لهؤلاء إلّا التمتّع مع الإمكان، فإذا لم يمكنهم التمتّع أجزأتهم الحجّة المفردة مع الضرورة وعدم الاختيار ، وأمّا من كان من أهل حاضري المسجد الحرام، و هو من كان بينه و بين المسجد الحرام أقلّ من اثني عشر ميلاً من أربعة جوانب ففرضه القران أوالإفراد مخيّرا في ذلك، ولا يجزيه التمتّع . ۴
وأنت خبير بأنّ تمثيله عليه السلام إيّاه بذات عرق وعسفان يأبى هذا التأويل .
وفي العزيز:
كلّ من مسكنه دون مسافة القصر فهو من حاضري المسجد الحرام، فإن زادت المسافة فلا .
وعند أبي حنيفة هم أهل المواقيت والحرم وما بينهما .
وقال مالك: هم أهل مكّة وذي طوى ، وربما روى عنهم أهل الحرم. ۵
ثمّ احتجّ على ما ذهب إليه بأنّ من قرب من الشيء ودنا منه كان حاضرا إيّاه، ومن كان مسكنه دون مسافة القصر فهو قريب نازل منزلة المقيم في نفس مكّة .
واعلم أنّ الأصحاب قد أجمعوا على عدم إجزاء الإفراد والقران للبعيد عن التمتّع في حجّة الإسلام اِختيارا ، والأخبار شاهدة عليه، منها : ما رواه المصنّف في باب أصناف الحجّ، وقد روينا أيضاً فيه بعض الأخبار في ذلك الباب .
1.المبسوط، ج ۱، ص ۳۰۶. و مثله في الاقتصاد، ص ۲۹۸.
2.شرائع الإسلام، ج ۱، ص ۱۷۴.
3.السرائر، ج ۱، ص ۵۱۹.
4.السرائر، ج ۱، ص ۵۱۹ ۵۲۰.
5.فتح العزيز، ج ۷، ص ۱۲۸.