محرّمان : أحدهما : رأس السنة ، والآخر النسيء ، ويصير شهورها ثلاثة عشر ، وعلى هذا يبقى الحجّ في المحرّم ثلاث سنين متوالية ثمّ ينتقل إلى صفر ، ويبقى فيه كذلك إلى آخر الأشهر ، ففي كلّ ستّة وثلاثين سنة قمريّة تكون كبيستهم اثني عشر شهرا قمريّا ، وقيل : كانوا يكبسون أربعة وعشرين سنة باثني عشر شهرا ، وهذا هو النسيء المشهور في الجاهليّة وإن كان الأوّل أقرب إلى مرادهم .
وبالجملة ، إذا انقضى سنتان أو ثلاث وانتهى النوبة إلى الكبس قام فيهم خطيب وقال : إنّا جعلنا اسم الشهر الفلاني من السنة الداخلة للذي بعده ، حيث كانوا يزيدون النسيء على جميع الشهور بالنوبة حتّى يكون لهم في سنة محرّمان ، وفي اُخرى صفران ، فإذا اتّفق أن يتكرّر في السنة شهر من الأربعة الحرم نبّأهم الخطيب وحرّم عليهم واحدا منهما بحسب ما تقتضيه مصلحتهم ، ولمّا انتهى النوبة في أيّام النبيّ عليه الصلاة والسلام إلى ذي الحجّة وتمّ دور النسيء على الشهور كلّها حجّ في السنة العاشرة من الهجرة ؛ لوقوع الحجّ فيها في عاشر ذي الحجّة وقال : «ألا إنّ الزمان قد استدار كهيئة يوم خلق السماوات والأرض» ، ۱ يعني به رجوع الحجّ وأسماء الشهور إلى الوضع الأوّل ، ثمّ تلا قوله تعالى : «إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرا»۲ ، إلى آخر الآية . ۳
ورابعها : ما اصطلح عليه الروم والفرس حيث اصطلحوا على أخذ السنة الشمسيّة من يوم جلوس ملك عظيم لهم ، ويجعلون ذلك اليوم مبدأ السنة من غير ملاحظة موضع الشمس ، واصطلحوا على شهور تدور حول الثلاثين آخذين كلّ الشهور ثلاثين ثلاثين كما نقل عن الفرس ، أو بعض شهورهم ثلاثين ، وبعضها إحد وثلاثين ، وبعضها ثمانية وعشرين ، وفي السنة الكبس تسعة وعشرين كما حكاه الخفريّ عن
1.الخصال ، ص ۴۸۷ ، أبواب الاثني عشر ، ح ۶۳ ؛ تحف العقول ، ص ۳۲ ، خطبته صلى الله عليه و آله في حجّة الوداع ؛ مسند أحمد ، ج ۵ ، ص ۳۷ و ۷۳ ؛ صحيح البخاري ، ج ۵ ، ص ۲۰۴ ؛ و ج ۸ ، ص ۱۸۵ ؛ صحيح مسلم ، ج ۵ ، ص ۱۰۷ ؛ سنن أبى داود ، ج ۱ ، ص ۴۳۵ ، ح ۱۹۴۷ ؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج ۵ ، ص ۱۶۵ و ۱۶۶ .
2.التوبة (۹) : ۳۶ .
3.التكملة في شرح التذكرة ، ص ۱۹۶ من مخطوطة رقم ۱۰۶۷۸ من مكتبة آية اللّه المرعشي ، الفصل الرابع في معرفة أجزاء الأيّام وهي الساعات . وحكاه أيضا المجلسي في بحارالأنوار ، ج ۵۵ ، ص ۳۴۵ ۳۴۶ نقلاً عن بعض شرّاح التذكرة ولم يصرّح باسمه .