حيث أمكن لخبر البزنطيّ، فقد حصل في المسألة أقوال ثلاثة، وهذا هو معنى قول المحقّق قدس سره : «ويقضي الحجّ من أقرب الأماكن، وقيل : يستأجر من بلد الميّت ، وقيل : إن اتَّسع المال فمن بلده ، وإلّا فمن حيث يمكن» . ۱
هذا ، وظاهر أكثرهم عدم الإجزاء مع المخالفة ، وصرّح الشهيد بالإجزاء حيث قال في الدروس : «ولو قضى مع السعة من الميقات أجزأ، وإن أثم الوارث ويملك المال الفاضل، ولا يجب صرفه في نسك أو بعضه أوفي وجوه البرّ» . ۲
هذا كلّه إذا لم يوص بالحجّ أو أوصى به من غير تعيين للاُجرة ، وأمّا إذا عيّنها فإن وسعت البلد وجب الاستيجار منه قولاً واحدا إن خرج الزائد من اُجرة الميقات عن الثلث إذا جاز الوارث، وإلّا فمن قال ثمّة بوجوبه من البلد قال هنا أيضاً بذلك؛ لما مرّ ، ومن لم يقل بذلك ثمّة قال بعضهم يستأجر من حيث أمكن لخبر ابن مسكان . ۳
وما رواه الشيخ عن عبداللّه بن بكير عن أبي عبداللّه عليه السلام أنّه سئل عن رجل أوصى بمال في الحجّ، فكان لا يبلغ ما يحجّ به من بلاده، فقال : «فيعطى في الموضع الذي يبلغ أن يحجّ به عنه» . ۴
ويؤيّدهما خبر البزنطيّ ۵ ، وما يرويه المصنّف في الباب الآتي عن عمر بن يزيد ۶
، والمشهور بينهم إجزاؤه من أقرب المواقيت؛ لما مرّ .
وأمّا الحجّ المندوب فمع عدم تعيين الاُجرة يجزي من الميقات إجماعاً إلّا مع نصّ الموصي على البلد أو دلالة القرائن عليه، فيعتبر الثلث أو إجازة الوارث، ومع تعيينها فإن كان بقدر الثلث أو أقلّ صحّت الوصيّة ويستأجر من حيث وفى من البلد أو من
1.هو الحديث الخامس من هذا الباب من الكافي.
2.الدروس الشرعيّة، ج ۱، ص ۳۱۶، الدرس ۸۲ .
3.شرائع الإسلام، ج۱، ص ۱۶۷.
4.تهذيب الأحكام، ج ۹، ص ۲۲۷، ح ۸۹۲ ؛ وسائل الشيعة، ج ۱۱، ص ۱۶۶ـ ۱۶۷، ح ۱۴۵۳۹.
5.هو الحديث الثالث من هذا الباب من الكافي.
6.هو الحديث الثالث من هذا الباب.