وفي العزيز :
إذا سلك البحر أو طريقاً في البرّ لا ينتهي إلى واحد من المواقيت المعيّنة فميقاته الموضع الذي يحاذي الميقات المعيّن ، فإن اشتبه عليه فليتأخّر ، وطريق الاحتياط لا يخفى . ۱
وبالجملة ، هذه المسألة ممّا اشتهر بين الخاصّة والعامّة ، والأصل فيها من طريق الأصحاب صحيحة عبد اللّه بن سنان ، ۲ ومن طريق العامّة ما نقلوه عن عمر لمّا قالوا له وقّت لأهل المشرق ، قال : ما حيال طريقهم؟ قالوا : قرن [ المنازل]، قال : قيسوا عليه ، فقال قوم بطن العقيق ، وقال قوم ذات عرق ، فوقّت عمر ذات عرق . ۳
وأنت خبير بأنّ الصحيحة المذكورة مع معارضتها بما رواه المصنّف في طريق آخر وإن كانت ظاهرة في اعتبار المحاذاة على ما رواه الصدوق رضى الله عنه حيث ذكر أنّه عليه السلام قال : «مَن أقام بالمدينة شهرا أو نحوه ثمّ بدا له أن يخرج في غير طريق المدينة ، فإذا كان حذاء الشجرة والبيداء مسيرة ستّة أميال فليحرم منها». ۴
لكن على ما رواه المصنّف قدس سرهليست ظاهرة فيه ؛ لتخصيصه عليه السلام محاذاة الشجرة بالبيداء ، فلعلّ ذلك مبنيّ على كون البيداء أيضاً من الميقات كما سبق .
وكذا على ما رواه الشيخ في التهذيب ، فإنّه روى أنّه عليه السلام قال : «مَن أقام بالمدينة شهرا وهو يريد الحجّ ثمّ بدا له أن يخرج في طريق أهل المدينة الذي يأخذونه فليكن إحرامه من مسير ستّة أميال» ۵ على ما في النسخ التي رأيناها منه ، لكن الظاهر سقوط كلمة «غير» في قوله : «في طريق أهل المدينة» من قلم النسّاخ ، فينطبق على ما رويناه عن الصدوق رضى الله عنه .
وأمّا الخبر العامّي فمعارض بأخبار متكثّرة من طريقهم أيضاً دلّت على أنّ ذات
1.فتح العزيز، ج ۷، ص ۸۶ .
2.هي الحديث التاسع من هذا الباب من الكافي.
3.أورده العلّامة في تذكرة الفقهاء، ج ۷، ص ۲۰۴؛ و الحديث في صحيح البخاري، ج ۲، ص ۱۴۳.
4.الفقيه، ج ۲، ص ۳۰۷، ح ۲۵۳۲؛ وسائل الشيعة، ج ۱۱، ص ۳۱۷ ۳۱۸، ح ۱۴۹۰۸.
5.تهذيب الأحكام، ج ۵، ص ۵۷، ح ۱۷۸.