واختلفوا في النسيان فصرّح الشيخ قدس سره في التهذيب ۱ بالصحّة ، ومال إليه العلّامة رحمه اللهفي القواعد حيث قال : «وناسي الإحرام إذا أكمل المناسك يجزيه على رأي» . ۲
وعدّه في الإيضاح أقوى ۳ ، وهو محكي عن ابن حمزة . ۴
وهؤلاء أطلقوا ناسي الإحرام من غير تقييد بالعزم عليه ، فظاهرهم ترك النيّة أو التلبية أو معا، فإنّ الإحرام هو مجموع الأمرين ، والكلّ ينتفي بكلّ منها .
وبه قال في المبسوط والنهاية أيضاً ، إلّا أنّه قيّده بالعازم عليه فقال فيهما :
فإن لم يذكر يعني الإحرام أصلاً ، حتّى يفرغ من جميع مناسكه فقد تَمَّ حجُّهُ أو عمرته ، ولاشيء عليه إذا كان قد سبق في عزمه الإحرام . ۵
فيكون المنسي هو التلبيه فقط ، و هو مقتضي خبر جميل ، وإليه ميل الشهيد في الدروس. ۶
وبه صرّح المحقّق الشيخ علي في شرح القواعد فقال : والحقّ أنّه إن كان المنسي النيّة لم يجزئ، وإن كان المنسي التلبيات أجزأ ، والأخبار لا تدلّ على أكثر من ذلك . ۷ انتهى .
ولا يبعد حمل كلام الأوّلين أيضاً عليه ، ويؤيّده ما اشتهر بين الأصحاب بل ادّعي عليه الإجماع من بطلان الإحرام بترك نيّته عمدا وسهوا ، وبذلك يرفع التنافي بين الحكمين .
وقال المحقّق الشيخ عليّ في شرح قول العلّامة في بحث نيّة الإحرام : «ويبطل الإحرام بتركها عمدا وسهوا» : ۸
قد يقال : ما سبق من أنّ ناسي الإحرام حتّى أتى بالمناسك يجزيه ما فعل ينافي ما ذكره
1.تهذيب الأحكام، ج ۵، ص ۶۰، ذيل الحديث ۱۹۱.
2.قواعد الأحكام، ج ۱، ص ۴۱۷.
3.إيضاح الفوائد، ج ۱، ص ۲۸۴.
4.الوسيلة، ص ۱۷۷.
5.المبسوط، ج ۱، ص ۳۱۴؛ النهاية، ص ۲۱۱.
6.الدروس الشرعيّة، ج ۱، ص ۳۵۰، الدرس ۹۱.
7.جامع المقاصد، ج ۳، ص ۱۶۲.
8.قواعد الأحكام، ج ۱، ص ۴۱۸.