85
شرح فروع الکافي ج5

شرح فروع الکافي ج5
84

باب المحصور والمصدود وما عليهما من الكفّارة

قد سبق أنّ المشهور بين الأصحاب جواز التحلّل للمحرم إذا مُنِعَ عن إتمام الحجّ والعمرة بمرض أو عدوّ مطلقا ، اشترط أو لا ، وأنّه يوهم كلام بعضهم اشتراطه بالاشتراط ، وحقّقنا القول فيه ، والأصل فيه قوله تعالى : «فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْىِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْىُ مَحِلَّهُ»۱ ، فقد صرّح بعض الأصحاب بأنّ المراد بالإحصار فيه المنع الشامل للقسمين .
ولا ينافي ذلك نزوله في صدّ الحديبيّة ؛ إذ كثيرا مّا كان سبب نزول آية خاصّا ويكون حكمها عامّا ، ولا التفريع بقوله : «فَإِذا أَمِنْتُمْ» ، فإنّه يشمل الأمن من المرض أيضا كما فسّر به في كنز العرفان ۲ وغيره من تفاسيرنا . ۳
ولا يعبأ بقول من قال من أهل اللّغة : إنّ الإحصار مخصوص بالمرض زعما منه أنّه إنّما يقال في العدوّ الحصر ، وأنّه يقال : أحصره المرض إحصارا فهو مُحصَرٌ ، وحَصَره العدوّ فهو محصور ۴ ؛ فإنّه يعارضه النزول في الحديبيّة .
على أنّ العلّامة رحمه اللهنقل في المنتهى ۵ عن الفرّاء أنّه قال : «أحصره المرض لا غير ، وحصره العدوّ وأحصره معا» ۶ ، وهو نصّ في عموم الإحصار ، وإنّما يدلّ على أنّه لا يقال في المرض : الحصر ، وهو خارج عن الفرض .
ويدفع هذا أيضا قول من هو اُسّ الفصاحة وأساسها ، فقد قال الصادق عليه السلام : «المحصور هو المريض» . ۷
وظهر مّما ذكرنا فساد قول ابن إدريس ۸ وجمهور العامّة ۹ ، حيث خصّ أوّل الآية بالمريض معلّلاً بما ذكر من قول بعض أهل اللغة ، واستفاد حكم المصدود من فعل النبيّ صلى الله عليه و آله بالحديبيّة ، وخصّوها اولئك بالمصدود معلّلين بنزولها بالحديبيّة ، وبقوله تعالى : «فَإِذَا أَمِنتُمْ» .
ولكن اختلفوا هؤلاء في حكم المريض فوافقنا في جواز تحلّله أيضا أبو حنيفة ۱۰ وأحمد في إحدى الروايتين عنه وابن مسعود والثوريّ والنخعيّ ۱۱ ؛ محتجّين بقوله صلى الله عليه و آله : «من كُسر أو عرج فقد حلّ ، وعليه الحجّ من قابل» . ۱۲
وجوّزه الشافعيّ مع الاشتراط في قول على ما حكى عنه في العزيز ۱۳ محتجّا بما روي من أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله قال لضباعة بنت الزبير : «أما تريدين الحجّ؟» فقالت : أنا شاكية ، فقال : «حجّي واشترطي أنّ محلّي حيث حبستني» . ۱۴
ومنعه الشافعيّ مطلقا وإن اشترط في قول آخر ۱۵ ؛ محتجّا عليه بما روي عن ابن عبّاس أنّه قال : لا حصر إلّا حصر العدوّ ۱۶ ، وبأنّه لا يستفيد بالتحلّل زوال المرض ، وبأنّه عبادة لا يجوز الخروج منه بغير عذر ، فلا يجوز بالشرط أيضا كالصلاة . وهو محكي عن مالك وعن أحمد أيضا في الرواية الاُخرى . ۱۷
ولقد أعجب مالك حيث منع حكم الصدّ أيضا في العمرة محتجّا بأنّه لا يخاف فوتها . ۱۸
ويردّه عموم الآية ، وتحلّل النبيّ صلى الله عليه و آله بالحديبيّة ، وهو إنّما كان معتمرا يومئذٍ ، وهؤلاء المانعون قالوا : يجب عليه الصبر إلى زوال العذر ، فإن كان معتمرا أتمّها بعد زوال العذر ، وإن كان حاجّا فإن تمكّن من الإتمام أتمّ ، وإلّا تحلّل بعمرة مفردة .
هذا ، وربّما يخصّ المريض باسم المحصور والآخر بالمصدود .
ويدلّ عليه أخبار الباب ، وصحيحة معاوية بن عمّار ، قال : سمعت أبا عبداللّه عليه السلام يقول : «المحصور غير المصدود» . وقال : «المحصور هو المريض ، والمصدود هو الذي ردّه المشركون كما ردّوا رسول اللّه صلى الله عليه و آله ليس من مرض ، والمصدود تحلّ له النساء ، والمحصور لا تحلّ له النساء» ۱۹ ، وكلام أكثر الأصحاب في المسألة مبني على هذا الاصطلاح .
إذا عرفت هذا فنقول : هناك مسائل لابدّ من تحقيقها :
الاُولى : ما به يتحقّق الصدّ والحصر ، أمّا الحجّ فقد أجمع الأصحاب على تحقّقهما فيه بالمنع عن الموقفين أو عن أحدهما مع فوت الآخر ، والظاهر اختصاص الحصر فيه بذلك ، ففي ما عداه يصير إلى زوال المرض أو يستنيب في بعضها ۲۰ ، كما يظهر كلٌّ في موضعه .
وأمّا الصدّ عمّا عداهما فقد اختلفوا في مواضع ، ففي المدارك :
فإن كان المنع يعني في الصدّ عن نزول منى خاصّة استناب في الرمي والذبح كما في المريض ، ثمّ حلق وتحلّل وأتمّ باقي الأفعال ، فإن لم يمكنه الاستنابة في ذلك احتمل البقاء على إحرامه ؛ تمسّكا بمقتضى الأصل وجواز التحلّل لصدق الصدّ ، فيتناوله العموم ، وهو متّجهٌ .
وكذا الوجهان لو كان عن مكّة ومنى .
وجزم العلّامة في التذكرة ۲۱ والمنتهى ۲۲ بالجواز ؛ نظرا إلى أنّ الصدّ يفيد التحلّل من الجميع فمن بعضه أولى . وهو حسن .
ولو كان المنع من مكّة خاصّة بعد التحلّل بمنى فقد استقرب الشهيد في الدروس ۲۳ البقاء على إحرامه بالنسبة إلى الطيب والنساء والصيد ، واستوجهه المحقّق الشيخ عليّ في حواشي القواعد ، قال : «لأنّ المحلّل من الإحرام إمّا الهدي للمصدود والمحصور أو الإتيان بأفعال يوم النحر والطوافين والسعي ، فإذا شرع في الثاني وأتى بمناسك منى يوم النحر تعيّن عليه الإكمال ؛ لعدم دليل على جواز التحلّل بالهدي حينئذٍ ، فيبقى على إحرامه إلى أن يأتي بباقي المناسك» . ۲۴
ويمكن المناقشة فيه بأنّ عموم ما تضمّن التحلّل بالهدي مع الصدّ متناول لهذه الصورة ، والامتناع في حصول التحلّل بكلّ من الأمرين ، والمتّجه التحلّل بالهدي هنا أيضا مع خروج ذي الحجّة ؛ للعموم ، ولما في الحكم ببقائه كذلك إلى القابل من الحرج . ۲۵
وأمّا في العمرة فإنّما يتحقّقان بالمنع من دخول مكّة ، والظاهر هنا أيضا انحصار الحصر بذلك ، ففي أفعالها يحمل أو يستنيب على ما يأتي في محلّه .
وأمّا الصدّ ففي المدارك :
لا ريب في تحقّقه بالمنع من دخول مكّة ، وكذا بالمنع من الإتيان بأفعالها بعد الدخول ، ولو منع من الطواف خاصّة استناب فيه مع الإمكان ، ومع التعذّر قيل : يبقى على إحرامه إلى أن يقدر عليه أو على الاستنابة .
ويحتمل قويّا جواز التحلّل مع خوف الفوات ؛ للعموم ونفي الحرج اللّازم من بقائه على الإحرام .
وكذا الكلام في السعي وطواف النساء في المفردة . ۲۶ انتهى .
ولعلّ ما ذكره في غير عمرة التمتّع ، وأمّا فيها فالظاهر وجوب الصبر عليه إلى زوال المانع إلّا أن يضيق الوقت فيعدل إلى حجّ الإفراد إن أمكنه إدراك الحجّ ، فتأمّل .
الثانية : المشهور بين الفريقين وجوب هدي التحلّل على المحصور والمصدود جميعا .
ويدلّ عليه الأخبار من الطريقين وقد سبقت ، وقوله تعالى : «فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْىِ»۲۷ على ما عرفت من عموم الإحصار فيه .
وحكى في المنتهى ۲۸ عن بعض الأصحاب وعن مالك ۲۹ اختصاصه بالمحصور ، وقال ابن إدريس : «هو الأظهر ؛ لأنّ الأصل براءة الذمّة ، ولقوله تعالى : «فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْىِ» أراد به المرض ؛ لأنّه يقال : أحصره المرض وحصره العدوّ» . ۳۰
وبما ذكرنا يظهر دفعه .
واحتجّ مالك بأنّه تحلّل ابيح له من غير تفريط فأشبه من أتمّ حجّه . ودفعه واضح .
وهل يسقط ذلك الهدي بالاشتراط؟ فقد سبق القول فيه .
وهل يجزي هدي السياق عنه أم لا؟ يدلّ خبر رفاعة ۳۱ على الأوّل ، ومثله صحيح رفاعة ۳۲ في حصر الحسين عليه السلام حيث نحر هدي سياقه وأهلّ ، وسنرويه ، وهو ظاهر الآية ؛ لأنّ هذا الهدي أيضا ممّا استيسر ، ويؤيّده أصل البراءة ، وبه قال جماعة منهم سلّار ۳۳ وأبي الصلاح ۳۴ وابن البرّاج ۳۵ على ما حكى عنهم في المختلف ۳۶ ، وبه صرّح الشيخ ۳۷ في المحصور ، والظاهر عدم قوله بالفصل .
وقال الصدوق رضى الله عنه بالثاني ، ففي الفقيه : «وإذا قرن الرجل الحجّ والعمرة فأحصر بعث هديا مع هديه ، ولا يحلّ حتّى يبلغ الهدي محلّه» ۳۸ ، وهو منقول عن أبيه ۳۹ أيضا ، واستقواه ۴۰ ابن إدريس ، واحتجّ عليه باقتضاء تعدّد الأسباب تعدّد المسبّبات ، ۴۱ وفيه تأمّل .
وربّما قيل بالفصل بين ما كان السياق واجبا بنذر وشبهه وما كان تبرّعا ، ففى¨ الدروس : «وقيل : يتداخلان إذا لم يكن السوق واجبا بنذر أو كفّارة وشبههما» ۴۲ ، ولم أجد قائله .
نعم ، ألحق بعض الأصحاب القول الثاني بهدي السياق ما كان واجبا بنذر وشبهه ، حكاه العلّامة في المختلف ، ومالَ هو نفسه إليه فقال بعدما حكى القولين : «وقال ابن الجنيد ونِعمَ ما قال ـ : إذا أحصر ومعه هدي قد أوجبه للّه بعث بهدي آخر عن إحصاره ، فإن لم يكن أوجبه بحال من إشعار ولا غيره أجزأه عن إحصاره» . ۴۳ فتأمّل .
و هل الهدي واجب مطلقا أو مقيّدا بإرادة التحلّل ، والأوّل هو ظاهر الآية ، فيتحتّم التحلّل ، و ما إليه المحقّق الأردبيلى ۴۴ ، و على الثاني يجوز له الصبر إلى زوال المانع فيتمّ العمرة و الحجّ ، و هو أظهر ؛ لدلالة قوله عليه السلام في صحيحة معاوية بن عمّار و حسنته عن أبي عبداللّه عليه السلام : «و إن كان مرض في الطريق بعد ما أحرم فأراد الرجوع إلى أهله ، رجع و نحر بدنة ، أو أقام مكانه حتّى يبرأ إذا كان في عمرة ، فإذا برأ فَعليه العمرة واجبة ، و إن كان عليه الحجّ رجع أو أقام ففاته الحجّ ، فإن عليه الحجّ من قابل» . ۴۵
و يمكن تقييد الآية بقول : «إن أردتم التحلّل» كما قيّدها القاضي ۴۶ و غيره ۴۷ .
بقي القول في محلّه ، فالمشهور بين الأصحاب أنّ المحصور يبعث هديه إلى منى إن كان حاجّا ، وإلى مكّة بالحزورة ۴۸ إن كان معتمرا ، ويواعد أصحابه وقتا لذبحه ، فإذا بلغ الوقت قصّر من شعره وأحلّ ، والمصدود يذبحه مكان الصدّ ويحلّ .
ويدلّ على هذا التفصيل تفصيلاً حسنة ابن أبي عمير وصفوان عن معاوية بن عمّار ، ۴۹ وإجمالاً خبر آخر الباب ، وما رواه . ۵۰
وعلى حكم المحصور خاصّة حسنة معاوية بن عمّار ۵۱ وصحيحة ابن رئاب عن زرارة ، ۵۲ وخبر مثنّى عن زرارة . ۵۳
وما رواه الشيخ في الصحيح عن محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه السلام ، وفي الصحيح عن رفاعة ، عن أبي عبداللّه عليه السلام ، أنّهما قالا : إنّ القارن يحصر ، وقد قال واشترط : فحلّني حيث حبستني ، قال : «يبعث بهديه» ، قلنا : هل يتمتّع في قابل؟ قال : «لا ، ولكن يدخل بمثل ما خرج منه» . ۵۴
وعلى تفصيل محلّ البعث فيه ما رواه الشيخ عن الحسن ، عن زرعة ، قال : سألته عن رجل أحصر في الحجّ ، قال : «فليبعث بهديه إذا كان مع أصحابه ، ومحلّه أن يبلغ الهدي محلّه ، ومحلّه منى يوم النحر إذا كان في الحجّ ، وإن كان في عمرة نحر بمكّة ، وإنّما عليه أن يعدهم لذلك يوما ، فإذا كان ذلك اليوم فقد وفا ، وإن اختلفوا في الميعاد لم يضرّه إن شاء اللّه » . ۵۵
وعلى خصوص المصدود فعل النبيّ صلى الله عليه و آله بالحديبيّة .
وأكثر هؤلاء لا يجوّزون التحلّل للمحصور قبل الميعاد .
نعم ، لو آذاه شعر رأسه جوّزوا له الحلق مع فدية اُخرى لأذى الحلق ؛ معلّلين بأنّ المريد للنسك ساغ له ذلك ، فالمحصور أولى ۵۶ ؛ ولخبر زرارة . ۵۷
ويظهر من الدروس ۵۸ جواز تعجيل التحلّل له مع البعث وإن لم يؤذه شعر رأسه، كما ستعرف.
هذا ، وقد ورد في آخر حسنة ابن أبي عمير وصفوان عن معاوية بن عمّار ۵۹ ذبح الهدي مكان الحصر وفعل الحسين عليه السلام كذلك .
وروى الصدوق أيضا عن الصادق عليه السلام أنّه قال : «المحصور والمضطرّ ينحران بدنتيهما في المكان الذي يضطرّان فيه» . ۶۰
وفي الصحيح عن رفاعة بن موسى ، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «خرج الحسين عليه السلام معتمرا وقد ساق بدنة حتّى انتهى إلى السّقيا ، فبُرسِمَ ، ۶۱ فحلق شعر رأسه ونحرها مكانه ، ثمّ أقبل حتّى جاء فضرب الباب فقال عليّ عليه السلام : ابني وربّ الكعبة افتحوا له ، وكانوا قد حموا له الماء ، فأكبّ عليه فشرب ، ثمّ اعتمر بعد» . ۶۲
وقال الشهيد في الدروس :
وخيّر ابن الجنيد بين البعث والذبح حيث أحصر ۶۳ ، والجعفي يذبح مكانه ما لم يكن ساق.
وروى المفيد مرسلاً : أنّ المتطوّع ينحر مكانه ويتحلّل حتّى من النساء ، والمفترض يبعث ولا يتحلّل من النساء ۶۴ ، واختاره سلّار ۶۵ ؛ لتحلّل الحسين عليه السلام من العمرة المفردة بالحلق والنحر مكانه في حياة أبيه عليهماالسلام .
وربّما قيل بجواز النحر مكانه إذا أضرَّ به التأخير وهو في موضع المنع ؛ لجواز التعجيل مع البعث . ۶۶ انتهى .
والتخيير قويّ ، والرواية التي نسبها إلى المفيد رواها في باب الزيادات من المقنعة عن الصادق عليه السلام قال :
وقال عليه السلام : «المحصور بالمرض إن كان ساق هديا أقام على إحرامه حتّى يبلغ الهدي محلّه ، ثمّ يحلّ ولا يقرب النساء حتّى يقضي المناسك من قابل ، هذا إذا كان في حجّة الإسلام ، فأمّا حجّ التطوّع فإنّه ينحر هديه وقد حلّ ممّا كان أحرم منه ، فإن شاء حجّ من قابل وإن لم يشأ لا يجب عليه الحجّ ، والمصدود بالعدوّ ينحر هديه الذي ساقه بمكانه ، ويقصّر من شعر رأسه وليس عليه اجتناب النساء ، سواء كانت حجّته فريضة أو سنّة» . ۶۷ انتهى .
ولم أجد من هذا الخبر في كتب الأصول أثرا ، ولا يبعد أن يكون قوله هذا إذا كان في حجّة الإسلام من تأويله ، فتدبّر .
واختلف في محلّه في المصدود أيضا فقد استحبّ الشيخ في الخلاف بعثه حيث قال : «إذا أحصره العدوّ جاز أن يذبح هديه مكانه ، والأفضل أن ينفذ به إلى منى أو مكّة» . ۶۸
ولعلّه جمع بذلك بين ظاهر قوله تعالى : «حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْىُ مَحِلَّهُ»۶۹ وبين الخبر ، وهو غير بعيد .
وأوجبه أبو الصلاح على ما حكى عنه في المختلف ۷۰ أنّه قال :
إذا صُدّ المحرم بالعدوّ أو اُحصر بالمرض عن تأدية المناسك فلينفذ القارن هديه والمتمتّع والمفرد ما يبتاع به شاة فما فوقها ، فإذا بلغ الهدي محلّه وهو يوم النحر ـ فليحلق رأسه ، ويحلّ من كلّ شيء . ۷۱
وكأنّه تمسّك في ذلك بظاهر الآية اطّراحا للخبر ، وأنت خبير بلزوم الحرج بذلك في الصدّ العام .
وعن ابن الجنيد أنّه قال بذلك في السائق مع إمكان البعث ۷۲ ، ولم أجد بذلك خبرا من طرق الأصحاب .
نعم ، روى البخاريّ عن ابن عبّاس أنّه قال : إن كان معه هدي وهو محصر نحره إن كان لا يستطيع أن يبعث به ، وإن استطاع أن يبعث به لم يحلّ حتّى يبلغ الهدي محلّه . ۷۳ فتدبّر .
وفي العزيز :
لا يشترط بعث دم الإحصار يعني الصدّ إلى الحرم ، بل يذبحه حيث أحصر [ و يتحلّل] .
وقال أبو حنيفة وأحمد : يجب أن يبعث به إلى مكّة ويوكّل إنسانا لذبحه يوم النحر إن كان حاجّا ، وأيّ يوم شاء إن كان معتمرا ، ثمّ يتحلّل .
لنا : أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله أحصر عام الحديبيّة فذبح بها وهي من الحلّ ، ولأنّه موضع التحلّل إلى قوله ـ : هذا كلّه إذا كان مصدودا عن الحرم ، فأمّا إذا كان مصدودا عن البيت دون أطراف الحرم ، فهل له أن يذبح في الحلّ؟ ذكروا أنّ فيه وجهين ، والأصحّ أنّ له ذلك . ۷۴ انتهى .
وفي المنتهى :
احتجّ أحمد ۷۵ بقوله تعالى : «وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْىُ مَحِلَّهُ»۷۶ ثمّ قال ـ : «ثمّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ» ، ۷۷ ولأنّه ذبح يتعلّق بالإحرام ، فلم يجز في غير الحرم كدم الطيب واللّباس . والجواب عن الأوّل أنّ الآية في حقّ غير المصدود ، ولا يمكن قياس المصدود عليه ؛ لأنّ تحلّل المصدود في الحلّ ، وتحلّل غيره في الحرم ، فكلّ منهما ينبغي أن ينحر في موضع تحلّله ، وعن الثاني بالفرق وقد تقدّم . ۷۸ انتهى .
أقول : احتجاج أحمد مبنيّ على إرادة مطلق البدن من الشعائر التي هي مرجع الضمير في «محلّها» ، كما هو ظاهر قول مجاهد على ما حكى عنه في مجمع البيان ۷۹ ، ويؤيّده قوله تعالى بعده : «وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللّه ِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ»۸۰ ، وجواب العلّامة على أنّها بدن السياق ، وهو الأظهر ؛ لأنّ الشعائر جمع الشعيرة ، وهي البدن إذا اُشعرت ، أي اُعلمت بشقّ سنامها كما حكي عن ابن عبّاس .
وربّما فسّرت بمناسك الحجّ كلّها ، بل بمعالم دين اللّه التي نصبها لطاعته ، والفرق الذي أشار إليه وأحاله على ما تقدّم هو لزوم الحرج على تقدير وجوب البعث على المصدود ، فإنّ ذلك يفضي إلى تعذّر الحلّ غالبا بخلاف غير المصدود .
الثالثة : أجمع الأصحاب على اشتراط التحلّل فيهما بنيّته وبالذبح ، والثاني هو ظاهر الأدلّة .
واحتجّ في المنتهى على الأوّل بأنّه يخرج عن إحرام فيفتقر إلى النيّة كمَن يدخل فيه ، وبأنّ الذبح يقع على وجوه ، أحدها التحلّل ، فلا يتخصّص بوجه دون آخر إلّا بالنيّة ، ثمّ قال:
لا يقال : نيّة التحلّل غير معتبرة في غير المصدود ، فكيف اعتبرت هنا ، أليس إذا رمى أحلّ من بعض الأشياء وإن لم ينو التحلّل ؟
لأنّا نقول : من أتى بأفعال النسك فقد خرج عن العهدة وأتى بما عليه ، فيحلّ بإكمال الأفعال ولا يحتاج إلى نيّة بخلاف المصدود ، لأنّا قد بيّنا أنّ الذبح لا يتخصّص بالتحلّل إلّا بالنيّة ، فاحتيج إليها دون الرمي الذي لا يكون إلّا النسك فلم يحتجّ إلى قصد . ۸۱ انتهى .
ويكفي في المحصور النيّة عند البعث على ما صرّح به جماعة ، واختلف العامّة في اشتراط الذبح على ما سيظهر ، وهل يشترط فيه الحلق أو التقصير أم لا؟ ظاهر أكثر الأصحاب الثاني .
ويدلّ عليه صحيحة زرارة . ۸۲
وظاهر ابن إدريس الأوّل حيث قال : «فإذا بلغ الهدي محلّه قصّ من شعر رأسه وحلّ له كلّ شيء إلّا النساء» . ۸۳
وفي العزيز :
وهل يجب الحلق؟ بناه الأئمّة على الأصل الذي سبق ، وهو أنّ الحلق نسك أم لا ؟ إن قلنا : نسك فنعم ، وإن قلنا : استباحة محظور ، فتخرّج من هذا أنّا إذا اعتبرنا الذبح والحلق مع النيّة فالتحلّل يحصل بثلاثتها ، وإن أخرجنا الذبح عن الاعتبار فالتحلّل يحصل بالحلق مع النيّة أو بمجرّد النيّة ؟ فيه وجهان . ۸۴
الرابعة : ظاهر الأقوال والأدلّة أنّ التحلّل فيهما من باب الرخصة والتخفيف لا العزيمة ، فيجوز لهما الصبر إلى زوال المانع ، بل صرّح جماعة باستحباب بقائهما على الإحرام مع ظنّ زوال المانع .
وعلى أيّ حال إذا لم يتحلّلا أو بقيا على إحرامهما ، فإن زال المانع ففي العمرة يعتمران ، وفي الحجّ يحجّان مع الوقت ، وإلّا فيتحلّلان بعمرة مفردة بغير دم كمن فاته الحجّ .
وحكى في المختلف ۸۵ عن عليّ بن بابويه أنّه قال :
ولو أنّ رجلاً حبسه سلطان جائر بمكّة وهو متمتّع بالعمرة إلى الحجّ فلم يطلق عنه إلى يوم النحر كان عليه أن يلحق الناس بجمع ، ثمّ ينصرف إلى منى ، فيرمي ويذبح ويحلق رأسه ولا شيء عليه ، وإن خلّي عنه يوم النحر بعد الزوال فهو مصدود عن الحجّ ، فإن كان دخل مكّة متمتّعا بالعمرة إلى الحجّ فليطف بالبيت اسبوعا ، ويسعى اسبوعا ، ويحلق رأسه ويذبح شاة ، وإن كان دخل مكّة مفردا للحجّ فليس عليه الذبح ولا شيء عليه ، بل يطوف بالبيت ويصلّي عند مقام إبراهيم عليه السلام ويسعى بين الصفا والمروة ، ويجعلها عمرة ويلحق بأهله . ۸۶
وكأنّه تمسّك في وجوب الدم بموثّق الفضل بن يونس ۸۷ ، ويأتي تحقيق القول فيه في باب من فاته الحجّ .
الخامسة : إطلاق الأخبار والفتاوى يقتضي جواز التحلّل بما ذكر بمجرّد تحقّق الحصر والصدّ من غير توقّف على اليأس من زوال العذر مطلقا في العمرة المفردة ، وقبل فوات وقت الحجّ وعمرة التمتّع ، بل صرّح المحقّق ۸۸ وجماعة ۸۹
بجواز التحلّل للمصدود وإن غلب على ظنّه انكشاف العدوّ قبله .
ويظهر من المسالك في المصدود اشتراط اليأس المذكور حيث قال :
فإذا عرض الصدّ بعد التلبّس بالإحرام ، فإن كان الإحرام بعمرة التمتّع أو بالحجّ مطلقا ولم يكن له طريق غير الممنوع منها ، أو كان وقصرت النفقة عن سلوكه ، ولم يرج زوال المانع قبل خروج الوقت ، جاز له تعجيل التحلّل بالهدي إجماعا ، وله الصبر على إحرامه إلى أن يتحقّق الفوات ، فإن أراد تعجيل التحلّل فبالهدي وإن أخّره إلى أن تحقّق الفوات سقط التحلّل حينئذٍ بالهدي ، ووجب أن يتحلّل بعمرة ، فإن استمرّ المنع تحلّل منها بالهدي . ولو كان إحرامه بعمرة الإفراد لم يتحقّق خوف الفوات ، بل يتحلّل منها عند تعذّر إكمالها بالقيود المتقدّمة . ولو أخّر التحلّل كان جائزا ، فإن يئس من زوال العذر تحلّل بالهدي حينئذٍ . ۹۰
والأوّل أظهر .
السادسة : المحصور إذا وجد من نفسه خفّة بعد بعث الهدي قبل الميعاد فليلحق بأصحابه ؛ لأنّه محرم فيجب عليه إتمام النسك ؛ لقوله تعالى : «وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ للّه ِِ»۹۱ ، فإن أدرك أحد الموقفين في إحرام الحجّ أو قدم مكّة في إحرام العمرة قبل أن ينحر الهدي ، فيتمّ النسك وليس عليه قضاء ، وإن فاته الحجّ تحلّل بعمرة ، وإن كان قد ذبح هديه فقد تحلّل فيقضي الحجّ مع وجوبه في القابل .
وكذا العمرة إن كانت تمتّعا ، وإن كانت مفردة ففي الشهر الداخل أو بعد عشر أو مهما شاء ، على اختلاف الأقوال في المدّة ما بين العمرتين .
ويدلّ عليه صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام . ۹۲
ومثله المصدود إذا زال العدوّ قبل ذبح الهدي والتحلّل ، وأمّا بعد التحلّل فيجب عليه قضاء العمرة المفردة كما ذكر ، وقضاء عمرة التمتّع وقضاء الحجّ في عامه لو زال المانع مع سعة الوقت ، على ما صرّح به جماعة منهم الشهيد في الدروس . ۹۳
وإنّما خصّصنا ذلك بالمصدود لعدم إمكانه في المحصور ؛ لأن ذبح هدي تحلّله لا يجوز إلّا في يوم النحر ، فإذا وجدهم قد ذبحوه فقد فاتهم الموقفان .
نعم ، يتصوّر ذلك على بعدٍ على القول بجواز تحلّله مكان الحصر مع الاشتراط أو مطلقا من غير انتظار بلوغ الهدي محلّه على ما سبق ، وعلى القول بإدراك الحجّ باضطراري المشعر المتأخّر ، كما ذهب إليه السيّد المرتضى ۹۴ إن جوّزنا إحرامه من موضعه مع عدم إمكان رجوعه إلى الميقات ، كما هو المذهب المنصور في المتجاوز عنه ، ناسيا أو جاهلاً أو غير مريد للنسك ، فتأمّل .
السابعة : لو ظهر للمحصور أنّه لم يذبح له الهدي لم يبطل تحلّله ، ويبعث به في القابل ، ويمسك من حين البعث عن المحرمات وجوبا على المشهور إلى اليوم الموعود ؛ لموثّق زرارة عن أبي جعفر عليه السلام ۹۵ ، ولقول أبي عبداللّه عليه السلام في صحيحة معاوية بن عمّار : «فإنّ ردّوا الدراهم عليه ولم يجدوا هديا ينحرونه وقد أحلّ لم يكن عليه شيء ، ولكن يبعث من قابل ويمسك أيضا» ۹۶ ، وستأتي .
ومنع ابن إدريس من وجوب الإمساك محتجّا بأصالة البراءة ، وبأنّه ليس بمحرم فكيف يحرم عليه لبس المخيط والجماع . ۹۷
واستوجهه العلّامة في المختلف ۹۸ حملاً للأخبار على الاستحباب .
ولا يبطل أصلاً لو وجدهم ذابيحن له في غير الوقت الموعود ؛ لما رواه الشيخ في الصحيح عن الحسين بن سعيد ، عن الحسن وهو أخوه وكان ثقة أيضا عن زرعة وهو ابن محمّد أبو محمّد الحضرمي الثقة ، فإنّه الذي يروي عنه الحسن بن سعيد على ما يظهر من تتبّع الرجال ۹۹ قال : سألته عن رجل أحصر في الحجّ ، قال : «فليبعث بهديه إذا كان مع أصحابه ، ومحلّه أن يبلغ الهدي محلّه ، ومحلّه منى يوم النحر إذا كان في الحجّ ، وإن كان في عمرة نحر بمكّة ، وإنّما عليه أن يعدهم لذلك يوما ، فإذا كان ذلك اليوم فقد وفا ، وإن اختلفوا في الميعاد لم يضرّه إن شاء اللّه » . ۱۰۰
الثامنة : ذهب الأصحاب إلى أنّ التحلّل بالحصر والصدّ ليس كالإفساد في إيجاب القضاء ، بل إنّما يجب عليهما الحجّ والعمرة فيما بعد إذا كانا مستقرّين عليه قبل ذلك أو تحصل الاستطاعة ، وإليه ذهب الشافعيّ ومالك وأحمد في إحدى الروايتين عنه ؛ لأصالة البراءة ، وعدم دليل صالح عليه ، وإطلاق القضاء في بعض الأخبار مخصّص بالواجب المستقرّ .
واحتجّ عليه في العزيز بأنّ الذين صُدّوا مع النبيّ صلى الله عليه و آله بالحديبيّة كانوا ألفا وأربعمئة ، والذين اعتمروا معه في عمرة القضيّة كانوا نفرا يسيرا ، ولم يأمر الباقين بالقضاء . ۱۰۱
وخالفه أبو حنيفة فأوجب القضاء ولو كان ذلك النسك الممنوع منه ندبا ۱۰۲ ؛ محتجّا بأنّ النبيّ صلى الله عليه و آله لمّا تحلّل بالحديبيّة قضاها من قابل ، وقال : لذلك سمّيت هذه العمرة عمرة القضيّة ، وقياسا للتحلّل على الإفساد ؛ لاشتراكهما في عدم إتمام أفعال النسك .
واُجيب عن الأوّل بما عرفت ، وعن الثاني بالفرق ، فإنّ المفسد مفرّط بخلاف المصدود والمحصور ، وقد بالغ في ذلك حيث قال : إذا كان ما صُدَّ عنه حجّا وجب عليه قضاء حجّة وعمرة معا محتجّا بقوله تعالى : «فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْىِ» إلى قوله سبحانه ـ : «فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ»۱۰۳ زعما منه أنّ التفريع على القضاء قائلاً : إنّ تعريف العمرة في القضاء دلَّ على عمرة معهودة واجبة عليه ، وليست تلك إلّا العمرة الواجبة بالصدّ عن الحجّ ، وبأنّ المصدود عن الحجّ قد فات عنه الحجّ ، وفائته يتحلّل بأفعال العمرة ، فإذا لم يأت بها في الحال يجب عليه قضاؤها ، وفرّع على ذلك قوله : ثمّ إن كان إحرامه بعمرة مندوبة قضاها واجبة ، وإن كان بحجّة مندوبة عليه أن يأتي بحجّة وعمرة ، وإن كان قرن بينهما لزمه حجّة وعمرتان ، عمرة لأجل العمرة ، وحجّة وعمرة لأجل الحجّ ، والشجرة تنبئ عن الثمرة . ۱۰۴
وحكى في المنتهى ۱۰۵ عن الشافعيّ ۱۰۶ أنّه فرّق في قول بين الصدّ الخاصّ والعام ، فأوجب القضاء في الأوّل دون الثاني ، وهو من غير فارق .
هذا ، وهل يجب مع الاستقرار قضاء حجّ مماثل في النوع لما منع منه أم لا؟
ذهب إلى الأوّل جماعة من الأصحاب في خصوص القارن ، منهم المفيد ۱۰۷ والمحقّق ۱۰۸ ، وهو ظاهر الشيخ في التهذيب . ۱۰۹
ويدلّ عليه خبر رفاعة ، ومثله ما رويناه آنفا عن الشيخ من صحيحة محمّد بن مسلم [ عن أبي جعفر] ورفاعة عن أبي عبداللّه عليه السلام أنّهما قالا : القارن يُحصر وقد قال واشترط : فحلّني حيث حبستني ، قال : «يبعث بهديه» ، قلنا : هل يتمتّع في قابل؟ قال : «لا ، ولكن يدخل بمثل ما خرج منه» . ۱۱۰
ويظهر من قوله عليه السلام : «ولكن يدخل في مثل ما خرج منه» عموم الحكم في غير القارن أيضا ، كما قال به الأكثر على ما في الدروس . ۱۱۱
وذهب الشهيد في الدروس ۱۱۲ ، والعلّامة في المنتهى ۱۱۳ إلى وجوب قضاء ما كان واجبا ، عليه إن كان إحرامه ذلك واجبا ، وإلّا تخيّر ، لكنّ الأفضل الإتيان بمثل ما خرج منه ؛ حملاً للخبرين في المنتهى على الاستحباب أو على تعيّن القِران في حقّه ؛ معلّلاً بأنّه إذا لم يكن واجبا لم يجب القضاء ، فعدم وجوب الكيفيّة أولى .
وقال ابن إدريس : «يحرم بما شاء» . ۱۱۴
التاسعة : المصدود يحلّ من كلّ شيء بخلاف المحصور ، فإنّه إنّما يحلّ ممّا عدا النساء ، سواء كان نسكه واجبا أو مندوبا على ما ذهب إليه أكثر الأصحاب ۱۱۵ ، بل كاد أن يكون إجماعا ، والفارق صحيحة أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، وهو البزنطيّ ۱۱۶ ، وحسنة معاوية بن عمّار ۱۱۷ ، وموثّقة زرارة ۱۱۸ ، وما رويناه عن الشيخ من صحيحة معاوية بن عمّار . ۱۱۹
ثمّ إنّ جماعة منهم منهم الشيخ في المبسوط ۱۲۰ والمحقّق في الشرائع ۱۲۱ قالوا بتوقّف حلّ النساء عليه على أن يحجّ في القابل إن كان الحجّ المحصور عنه واجبا ، وعلى طواف النساء عنه إن كان ذلك الحجّ ندبا .
والظاهر أنّهم إنّما قالوا بتوقّفه على الحجّ في القابل في الواجب إذا تمكّن من العود إلى مكّة ، فمع العجز عنه يجزي الاستنابة لطواف النساء ، وبه صرّح العلّامة في القواعد ۱۲۲
، بل إطلاق كلام بعضهم جواز الاستنابة له اختيارا أيضا ، فقد قال الشيخ في الخلاف : «المحصور بالمرض يجوز له التحلّل غير أنّه لا يحلّ له النساء حتّى يطوف في القابل أويأمر من يطوف عنه» . ۱۲۳
وفي المنتهى : «فإذا بلغ الهدي محلّه أحلّ من كلّ شيء إلّا من النساء إلى أن يطوف في القابل أو يأمر من يطوف عنه ، فتحلّ له النساء حينئذٍ ، ذهب إليه علمائنا أجمع» . ۱۲۴
ويظهر ممّا نقلناه عن باب نوادر المقنعة ۱۲۵ ممّا رواه مرسلاً عن الصادق عليه السلام حلَّ النساء أيضا على المحصور في الحجّ المندوب ، ولم أرَ قائلاً صريحا به من الأصحاب . نعم ، يظهر من المفيد الميل إليه .
هذا في الحجّ وعمرة التمتّع ، وأمّا العمرة المفردة فالظاهر أنّها أيضا كذلك في الفرق بين الواجب والمندوب منها ، فتكفي الاستنابة لطواف النساء في حلّ النساء في الحصر عنها ، وقد صرّح بذلك الأكثر ، منهم المحقّق الشيخ عليّ حيث قال في شرح القواعد : «والتفصيل في العمرة المفردة بكونها واجبة ومندوبة كالحجّ» . ۱۲۶
لكن ظاهر المحقّق في الشرائع أنّه لا يكتفي بتلك الاستنابة فيها ، فإنّه قال بعدما ذكر التفصيل الذي حكيناه عنه في الحجّ : «والمعتمر إذا تحلّل يقضي عمرته عند زوال العذر ، وقيل : في الشهر الداخل» ۱۲۷ ، ولم يفصّل .
ولم أجد في الأخبار ما يدلّ على كفاية الاستنابة لطواف النساء صريحا أو ضمنا مطلقا ، وكأنّهم حملوا المحصور على من فات عنه طواف النساء في الحجّ والعمرة ، فإنّه يكفي فيه الاستنابة بمقتضى الأخبار كما يأتي في موضعه ، وبذلك يشعر كلام المحقّق الشيخ عليّ في الشرح ۱۲۸ حيث علّل الكفاية في صورة العجز في أحد التعليلين بأنّ طواف النساء تجزي الاستنابة فيه عند الضرورة ، وهو في محلّ المنع .
لا يقال : يمكن استفادته من قوله عليه السلام في قصّة إحلال الحسين عليه السلام من عمرته : «لا تحلّ له النساء حتّى يطوف بالبيت وبالصفا والمروة» ۱۲۹ بأن يقال ذلك دليل على كفاية الطواف ، فتكفي الاستنابة أيضا لما يدلّ على جواز الاستنابة لمن يفوت منه طواف النساء مع بُعده عن مكّة .
لأنّا نقول : ظاهر ذلك القول أنّ المراد حتّى يعتمر بقرينة قوله :« وبالصفا والمروة» .
وذهب جماعة من العامّة إلى حلّ النساء أيضا له بمجرّد بلوغ الهدي محلّه ؛ حكاه في المنتهى ۱۳۰ عن عطاء والثوريّ والنخعيّ وأحمد في إحدى الروايتين عنه وعن أصحاب الرأي . ۱۳۱
العاشرة : تدلّ حسنة معاوية بن عمّار الثانية ۱۳۲ على أنّ لهدي التحلّل مع فقد الثمن بدلاً وهو الصوم ، ورواها في الفقيه ۱۳۳ في الصحيح عنه بأدنى تغيير لفظي ، وقد جعل صاحب المدارك ۱۳۴ خبر زرارة الذي بعده دليلاً عليه ، وأنت خبير بأنّ المراد منه بدل هدي أذى الحلق كما أشرنا إليه سابقا ، وهذا الإبدال هو ظاهر الصدوق ، ونسبه طاب ثراه في تعليقاته على الفقيه إلى جماعة من الأصحاب ، وقال : واختلفوا في عدد هذا الصوم فقيل عشرة كما في بدل هدي التمتّع . وقال الشهيد في رواية ثمانية عشر . ۱۳۵ انتهى .
والمشهور بين الأصحاب أنّه لا بدل له . ۱۳۶
ثمّ المشهور بينهم أنّه لا يحلّ بل يبقى محرما إلى أن يتمكّن منه ، وبه قال الشيخ في المبسوط ۱۳۷ والخلاف ۱۳۸ ، والشهيد في الدروس ۱۳۹ ، والعلّامة في المنتهى ۱۴۰ وجماعة . ۱۴۱
واحتجّ عليه الشيخ فيهما بأنّه لا دليل على الانتقال من الهدي إلى بدل من الصوم أو الإطعام ، وبأنّه تعالى منعه من الحلق إلى أن يبلغ الهدي محلّه ، ولم يذكر له بدلاً .
والعلّامة بنحو منه ، وبأنّه لو كان له بدل لذكره سبحانه كما ذكر بدل هدي حلق الأذى ، وحكى عن ابن الجنيد أنّه يتحلّل حينئذٍ معلّلاً بأنّه ممّن لم يتيسّر له الهدي . ۱۴۲ وهو عليل .
واختلف العامّة أيضا فيه ، ففي العزيز :
على المحصر دم شاة للتحلّل ، ولا معدل عنه إن وجد الشاة ، وإلّا فهل لهذا الدم من بدل؟ فيه قولان ، أصحّهما وبه قال أحمد نعم ، كسائر الدماء الواجبة على المحرم .
والثاني و به قال أبو حنيفة لا ، لأنّ اللّه تعالى لم يذكر لدم الإحصار بدلاً ، ولو كان له بدل لأشبه أن يذكره كما ذكر بدل غيره .
وإن قلنا له بدل فما ذلك البدل؟ فيه ثلاثة أقوال :
أحدها : الصوم وبه قال أحمد كدم التمتّع ؛ لأنّ التحلّل والتمتّع جميعا مشروعان تخفيفا وترفيها ، وفيهما جميعا ترك بعض النسك ، فيلحق أحدهما بالآخر .
والثاني : الإطعام ؛ لأنّ قيمة الهدي أقرب إليه من الصيام ، وإذا لم يرد نصّ فالرجوع إلى الأقرب أولى .
والثالث : أنّ لكلّ واحد منهما مدخلاً في البدلية كفدية الحلق . ووجه الشبه بينهما : أنّ المحصر يبغي دفع أذى العدوّ والإحرام عن نفسه كما أنّ الحالق يبغي دفع أذى الشعر .
فإن قلنا : إنّ بدله الصوم فما ذلك الصوم؟ فيه ثلاثة أقوال :
أحدها وبه قال أحمد ـ : صوم هدي المتمتّع عشرة أيّام .
والثاني : صوم فدية الأذى ثلاثة أيّام .
والثالث : ما يقتضيه التعديل ، وإنّما يدخل الطعام في الاعتبار على هذا القول ليعرف به قدر الصوم [ لا ليطعم] .
وإن قلنا : إنّ بدله الإطعام ففيه وجهان :
أحدهما : أنّه مقدّر كفدية الأذى ، وهو إطعام ثلاث آصع ستّة مساكين ، والثاني : أنّه يطعم ما يقتضيه التعديل .
وإن قلنا : إنّ لكلّ واحدٍ منهما مدخلاً ، فهل بينهما ترتيب؟ فيه وجهان :
أحدهما : لا ، كما في فدية الحلق ، وأصحّهما نعم كالترتيب بين الهدي وبدله ، فعلى الأوّل قدر الطعام والصيام كقدرهما في الحلق ، والثاني : الطريق فيهما التعديل ۱۴۳ إلى قوله ـ : وإن قلنا : إنّ دم الإحصار لا بدل له وكان واجدا لدم ، فيذبح وينوي أن يتحلّل عنده ، وإن لم يجد الهدي إمّا لإعساره أو غير ذلك ، فهل يتوقّف التحلّل على وجدانه؟ فيه قولان :
أحدهما : نعم ، وبه قال أبو حنيفة ، وأصحّهما لا ، بل له التحلّل في الحال ؛ لأنّ التحلّل إنّما اُبيح تخفيفا ورفقا حتّى لا يتضرّر بالمقام على الإحرام ، ولو أمرناه بالصبر إلى أن يجد الهدي لتضرّر . ۱۴۴
قوله في خبر حمران : (فأمّا المحصور فإنّما يكون عليه التقصير) .[ ح 1 / 7353] يوهم ذلك عدم جواز الحلق للمحصور ، ولم أرَ قائلاً به من الأصحاب ، بل ظاهرهم الإجماع على جواز الأمرين له أيضا كالمصدود ، فينبغي أن يحمل على استحباب التقصير له ، ويؤيّده قوله عليه السلام في حسنة معاوية : «فإذا كان يوم النحر فليقصّ ۱۴۵ من رأسه ، ولا يجب عليه الحلق حتّى يقضي المناسك» . ۱۴۶
قوله في حسنة معاوية : (فأدركه بالسُّقيا) .[ ح 3 / 7355] قال طاب ثراه :
السُقْيا بالضمّ وسكون القاف والقصر : قرية جامعة بين مكّة والمدينة ، على ثلاث مراحل من المدينة ، وهي من أعمال الفرع بضمّ الفاء وسكون الراء والعين المهملة . ۱۴۷ انتهى .
وفي النهاية : «قيل : هي على يومين من المدينة» . ۱۴۸
وفي القاموس : «موضع بوادي الصفراء» . ۱۴۹
وقد روى الشيخ هذا الخبر في التهذيب صحيحا عن معاوية بن عمّار بأدنى زيادة ونقصان ، وفيه أيضا : أنّ عليّا عليه السلام خرج في طلب الحسين عليه السلام حتّى أدركه بالسقيا ۱۵۰ ، فما رواه الصدوق رضى الله عنه في الصحيح المتقدّم عن رفاعة عن أبي عبداللّه عليه السلام من أنّ الحسين عليه السلام أقبل حتّى جاء فضرب الباب ، فقال عليّ عليه السلام : «ابني وربّ الكعبة ، افتحوا له» ۱۵۱ ، كأنّه مبني على رجوع عليّ عليه السلام إلى داره قبل الحسين عليه السلام معجّلاً ليهيّئ له ما ينفعه .
ويؤيّده قوله فيه : «وكانوا قد حموا له الماء ، فأكبّ عليه فشرب» . وحمله على واقعة اُخرى بعيد .
قال طاب ثراه :
عمرة الحديبيّة كانت سنة ستّ ، صدّه المشركون فيها عن البيت ، فحلّ منها بالحديبيّة ونحر وحلق ورجع إلى المدينة ، وقيل : إنّه اعتمر في القابل سنة سبع ، وسمّيت عمرة القضاء و عمرة القضيّة ؛ لأنّها التي قاضى قريشا أي صالحهم على أن يعتمرها ، وشرطوا عليه أن لا يدخل عليهم بسلاح إلّا بالسيف في قِرابه ، إلى غير ذلك من شرائطهم التي ذكرت في السِّير ، ووفي لهم صلى الله عليه و آله بذلك . ۱۵۲
قوله : (عن أحمد بن الحسن الميثميّ) .[ ح 9 / 7361] هو أحمد بن الحسن بن إسماعيل بن شعيب بن ميثم التمّار ، مولى بني أسد ، وكان واقفيّا موثّقا ۱۵۳ ، وفي بعض النسخ : أحمد بن الحسن المثنّى ، وهو غير مذكور في كتب الرجال ، وكأنّه من سهو النسّاخ .

1.البقرة (۲) : ۱۹۶ .

2.كنز العرفان ، ج ۱ ، ص ۲۸۹ .

3.اُنظر : التبيان ، ج ۲ ، ص ۱۵۸ ؛ مجمع البيان ، ج ۲ ، ص ۳۹ .

4.اُنظر : مختار الصحاح ، ص۸۱ .

5.منتهى المطلب ، ج ۲ ، ص ۸۵۰ .

6.اُنظر : أحكام القرآن للجصّاص ، ج ۱ ، ص ۳۲۵ .

7.المقنع ، ص ۲۴۴ ؛ معاني الأخبار ، ص ۲۲۳ ، معنى المحصور و المصدود ؛ الفقيه ، ج ۲ ، ص ۵۱۴ ، ح ۳۱۰۴ ؛ تهذيب الأحكام ، ج ۵ ، ص ۴۲۳ ، ح ۱۴۶۷ ؛ و ص ۴۶۴ ، ح ۱۶۲۱ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۱۳ ، ص ۱۷۷ ، ح ۱۷۲۵۱ .

8.السرائر ، ج ۱ ، ص ۶۴۱ .

9.اُنظر : بدائع الصنائع ، ج ۲ ، ص ۱۷۵ ؛ بداية المجتهد ، ج ۱ ، ص ۲۸۳ ۲۸۶ .

10.بدائع الصنائع، ج ۲، ص ۱۷۵؛ التمهيد، ج ۱۵، ص ۲۰۹؛ فتح العزيز، ج ۸، ص ۹.

11.المغني ، ج ۳ ، ص ۳۷۶ ؛ الشرح الكبير ، ج ۳ ، ص ۵۲۷ ؛ التمهيد ، ج ۱۵ ، ص ۲۰۵ و ۲۰۷ .

12.سنن ابن ماجة ، ج ۲ ، ص ۱۰۲۸ ، ح ۳۰۷۸ ؛ سنن أبي داود ، ج ۱ ، ص ۴۱۷ ، ح ۱۸۶۲ ؛ المستدرك للحاكم ، ج ۱ ، ص ۴۷۰ و ۴۸۳ ؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج ۵ ، ص ۲۲۰ ؛ السنن الكبرى للنسائي ، ج ۲ ، ص ۳۸۱ ، ج ۳۸۴۴ ؛ سنن الدارقطني ، ج ۲ ، ص ۲۴۴ ، ح ۲۶۶۶ .

13.فتح العزيز ، ج ۸ ، ص ۹ ۸ .

14.مسند الشافعي ، ص ۱۲۳ و ۳۸۹ ؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج ۵ ، ص ۲۲۱ ؛ وج ۷ ، ص ۱۳۷ ؛ معرفة السنن و الآثار ، ج ۴ ، ص ۲۴۷ ، ح ۳۲۶۱ .

15.فتح العزيز ، ج ۸ ، ص ۱۰ ؛ الاستذكار ، ج ۴ ، ص ۱۷۱ .

16.كتاب الاُمّ للشافعي ، ج ۲ ، ص ۱۷۸ ؛ مسند الشافعي ، ص ۳۶۷ ؛ مختصر المزني ، ص ۷۳ ؛ فتح العزيز ، ج ۸ ، ص ۸ ؛ معرفة السنن و الآثار للبيهقي ، ج ۴ ، ص ۲۴۱ و ۲۴۲ ، ح ۳۲۵۱ .

17.عمدة القاري ، ج ۱۰ ، ص ۱۴۱ .

18.مواهب الجليل ، ج ۴ ، ص ۲۹۴ ؛ المغني ، ج ۳ ، ص ۳۷۱ ؛ الشرح الكبير ، ج ۳ ، ص ۵۱۵ .

19.تهذيب الأحكام ، ج ۵ ، ص ۴۲۳ ، ح ۱۴۶۷ ، و ص ۴۶۴ ، ح ۱۶۲۱ ؛ الفقيه ، ج ۲ ، ص ۵۱۴ ، ح ۳۱۰۴ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۱۳ ، ص ۱۷۷ ، ح ۱۷۲۵۱ .

20.اُنظر : مدارك الأحكام ، ج ۸ ، ص ۲۹۲ـ ۲۹۳ .

21.تذكرة الفقهاء ، ج ۸ ، ص ۳۹۲ .

22.منتهى المطلب ، ج ۲ ، ص ۸۴۷ .

23.الدروس الشرعيّة ، ج ۱ ، ص ۴۸۱ ، الدرس ۱۲۰ .

24.جامع المقاصد ، ج ۳ ، ص ۲۸۹ .

25.مدارك الأحكام ، ج ۸ ، ص ۲۹۲ ۲۹۳ .

26.مدارك الأحكام ، ج ۸ ، ص ۲۹۳ ۲۹۴ .

27.البقرة (۲) : ۱۹۶ .

28.منتهى المطلب ، ج ۲ ، ص ۸۴۶ .

29.المغني لابن قدامة ، ج ۳ ، ص ۳۷۱ ؛ الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة ، ج ۳ ، ص ۵۱۵ ۵۱۶ ؛ تذكرة الفقهاء ، ج ۸ ، ص ۳۸۸ .

30.السرائر ، ج ۴ ، ص ۳۵۲ .

31.هو الحديث السابع من هذا الباب من الكافي .

32.وسائل الشيعة ، ج ۱۳ ، ص۱۸۶ ـ۱۸۷ ، ح ۱۷۵۳۶ .

33.المراسم العلويّة ، ص ۱۱۷ .

34.الكافي في الفقه ، ص ۲۱۸ .

35.المهذّب ، ج ۱ ، ص ۲۷۰ .

36.المبسوط ، ج ۱ ، ص ۳۳۳ ؛ النهاية ، ص ۲۸۲ .

37.مختلف الشيعة ، ج ۴ ، ص ۳۴۷ .

38.الفقيه ، ج ۲ ، ص ۵۱۴ ، بعد الحديث ۳۱۰۴ .

39.حكاه عنه ابن إدريس في السرائر ، ج ۱ ، ص ۶۳۹ .

40.كذا في الأصل .

41.السرائر ، ج ۱ ، ص ۶۴۰ .

42.الدروس الشرعيّة ، ج ۱ ، ص ۴۷۷ ، الدرس ۱۱۹ .

43.مختلف الشيعة ، ج ۴ ، ص ۳۴۷ ۳۴۸ .

44.زبدة البيان ، ص ۲۳۹ .

45.الحديث الثالث من هذا الباب من الكافي . و رواه الشيخ في تهذيب الأحكام ، ج ۵ ، ص ۴۲۱ ۴۲۲ ، ح ۱۴۶۵ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۱۳ ، ص ۱۸۱ ۱۸۲ ، ح ۱۷۵۲۷ .

46.حكاه عنه المحقق الأردبيلي في زبدة البيان ، ص ۲۳۹ .

47.اُنظر : غنية النزوع ، ص ۱۹۶ ؛ جامع الخلاف و الوفاق ، ص ۲۲۱ ؛ تذكره الفقهاء ، ج ۸ ، ص ۳۸۶ .

48.حزورة ـ كمقبرة ـ : في اللغة الرابية الصغيرة ، و كانت الحزورة سوق مكّة و قد دخلت في المسجد لمّا زيد فيه . معجم اللبدان ، ج ۲ ، ص ۲۵۵ .

49.الحديث الثالث من هذا الباب من الكافي .

50.بعده بالأصل بياض بقدر سطرين .

51.هي الحديث الثالث من هذا الباب .

52.هي الحديث الرابع من هذا الباب .

53.هو الحديث السادس من هذا الباب .

54.تهذيب الأحكام ، ج ۵ ، ص ۴۲۳ ، ح ۱۴۶۸ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۱۳ ، ص ۱۸۴ ۱۸۵ ، ح ۱۷۵۳۱ .

55.تهذيب الأحكام ، ج ۵ ، ص ۴۲۳ ، ح ۱۴۷۰ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۱۳ ، ص ۱۸۲ ، ح ۱۷۵۲۸ .

56.منتهى المطلب ، ج ۲ ، ص ۸۵۱ .

57.هو الحديث السادس من هذا الباب ، و رواه الشيخ في تهذيب الأحكام ، ج ۵ ، ص ۳۳۴ ، ح ۱۱۴۹ ، و ص ۴۲۳ ، ح ۱۴۶۹ ؛ الاستبصار ، ج ۲ ، ص ۱۹۶ ، ح ۶۵۸ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۱۳ ، ص ۱۶۷ ، ح ۱۷۴۹۶ .

58.الدروس الشرعيّة ، ج ۱ ، ص ۴۷۷ ، الدرس ۱۱۹ .

59.الحديث الثالث من هذا الباب .

60.الفقيه ، ج ۲ ، ص ۵۱۵ ، ح ۳۱۰۵ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۱۳ ، ص ۱۸۷ ، ح ۱۷۵۳۷ .

61.هو من البِرْسام بالكسر : علّة معروفة يهذي فيها ، يقال : برسم الرجل فهو مبركم . مجمع البحرين ، ج ۶ ، ص ۱۷ (برسم) .

62.الفقيه ، ج ۲ ، ص ۵۱۶ ، ح ۳۱۰۷ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۱۳ ، ص ۱۸۶ـ ۱۸۷ ، ح ۱۷۵۳۶ .

63.حكاه عنه العلّامة في مختلف الشيعة ، ج ۴ ، ص ۳۴۳ .

64.المقنعة ، ص ۴۴۶ .

65.المراسم العلويّة ، ص ۱۱۸ .

66.الدروس الشرعيّة ، ج ۱ ، ص ۴۴۷ ، الدرس ۱۱۹ .

67.المقنعة ، ص ۴۴۶ .

68.الخلاف ، ج ۲ ، ص ۴۲۴ ، المسألة ۳۱۶ .

69.البقرة (۲) : ۱۹۶ .

70.مختلف الشيعة ، ج ۴ ، ص ۳۵۰ ۳۵۱ .

71.الكافي في الفقه ، ص ۲۱۸ .

72.حكاه عنه العلّامة في مختلف الشيعة ، ج ۴ ، ص ۳۵۱ .

73.صحيح البخاري، ج ۲، ص ۲۰۷، باب المحصر و جزاء الصيد.

74.فتح العزيز ، ج ۸ ، ص ۱۸ ۱۹ .

75.المغني لابن قدامة ، ج ۳ ، ص ۳۷۳ ؛ الشرح الكبير ، ج ۳، ص ۳۴۸ و ۵۱۹ .

76.البقرة (۲) : ۱۹۶ .

77.الحجّ (۲۲) : ۳۳ .

78.منتهى المطلب ، ج ۲ ، ص ۸۴۷ .

79.اُنظر : مجمع البيان ، ج ۷ ، ص ۱۵۰ـ ۱۵۱ ؛ و جامع البيان للطبري ، ج ۱۷ ، ص ۲۱۰ .

80.الحجّ (۲۲) : ۳۴ .

81.منتهى المطلب ، ج ۲ ، ص ۸۴۶ .

82.هي الحديث الرابع من هذا الباب من الكافي .

83.السرائر ، ج ۱ ، ص ۶۳۸ .

84.فتح العزيز ، ج ۸ ، ص ۱۶ .

85.مختلف الشيعة ، ج ۴ ، ص ۳۵۶ .

86.فقه الرضا عليه السلام ، ص ۲۲۹ إلى قوله : «و لا شيء عليه .» .

87.هو الحديث الثامن من هذا الباب من الكافي .

88.شرائع الإسلام ، ج ۱ ، ص ۲۱۲ .

89.منهم العلّامة في تحرير الأحكام ، ج ۲ ، ص ۷۷ ؛ و تذكرة الفقهاء ، ج ۸ ، ص ۳۹۵ ؛ و قواعد الأحكام ، ج ۱ ، ص ۴۵۴ ؛ و منتهى المطلب ، ج ۲ ، ص ۸۴۸ ؛ و الشهيد في الدروس الشرعيّة ، ج ۱ ، ص ۴۸۱ ، الدرس ۱۲۰ .

90.مسالك الأفهام ، ج ۲ ، ص ۳۸۸ .

91.البقرة (۲) : ۱۹۶ .

92.هي الحديث الرابع من هذا الباب من الكافي .

93.الدروس الشرعيّة ، ج ۱ ، ص ۴۷۶ ۴۷۷ ، الدرس ۱۱۹ .

94.جوابات المسائل الموصليّات الثالثة (رسائل المرتضى ، ج ۱ ، ص ۲۲۹) ؛ الانتصار ، ص ۲۳۴ .

95.هو الحديث التاسع من هذا الباب من الكافي .

96.تهذيب الأحكام ، ج ۵ ، ص ۴۲۱ـ ۴۲۲ ، ح ۱۴۶۵ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۱۳ ، ص ۱۸۱ ـ۱۸۲ ، ح ۱۷۵۲۷ .

97.السرائر ، ج ۱ ، ص ۶۳۹ .

98.مختلف الشيعة ، ج ۴ ، ص ۳۴۷ .

99.اُنظر : خلاصة الأقوال ، ص ۹۹ ۱۰۰ ، ترجمة الحسن بن سعيد بن حمّاد بن مهران .

100.تهذيب الأحكام ، ج ۵ ، ص ۴۲۳ ، ح ۱۴۷۰ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۱۳ ، ص ۱۸۲ ، ح ۱۷۵۲۷ .

101.فتح العزيز ، ج ۸ ، ص ۵۶ ؛ و انظر : المجموع للنووي ، ج ۸ ، ص ۳۰۶ ؛ عمدة القاري ، ج۱۰ ، ص ۱۴۸ ؛ الشرح الكبير ، ج ۳ ، ص ۵۲۳ ؛ المغني ، ج ۳ ، ص ۳۷۲ .

102.اُنظر : المصادر المتقدّمة .

103.البقرة (۲) : ۱۹۶ .

104.منتهى المطلب ، ج۲ ، ص ۸۴۸ .

105.نفس المصدر .

106.فتح العزيز ، ج ۸ ، ص ۵۹ ؛ المجموع للنووي ، ج ۸ ، ص ۳۰۶ ؛ تذكرة الفقهاء ، ج ۸ ، ص ۳۹۴ .

107.اُنظر: المقنعة، ص ۴۴۶.

108.شرائع الإسلام ، ج ۱ ، ص ۲۱۴ .

109.تهذيب الأحكام ، ج ۵ ، ص ۴۲۳ ، بعد الحديث ۱۴۶۷ .

110.تهذيب الأحكام ، ج ۵ ، ص ۴۲۳ ، ح ۱۴۶۸ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۱۳ ، ص ۱۸۴ـ ۱۸۵ ، ح ۱۷۵۳۱ .

111.الدروس الشرعيّة ، ج ۱ ، ص ۴۷۸ ، الدرس ۱۱۹ .

112.نفس المصدر .

113.منتهى المطلب ، ج ۲ ، ص ۸۵۱ . و مثله في مختلف الشيعة ، ج ۴ ، ص ۳۴۹ ۳۵۰ .

114.السرائر ، ج ۱ ، ص ۶۴۱ .

115.اُنظر : الخلاف ، ج ۲ ، ص ۴۲۸ ، المسألة ۳۲۲ ؛ منتهى المطلب ، ج ۲ ، ص ۸۴۶ ؛ جامع الخلاف و الوفاق ، ص ۲۲۲ .

116.هي الحديث الثاني من هذا الباب من الكافي .

117.هي الحديث الثالث من هذا الباب .

118.هي الحديث التاسع من هذا الباب .

119.وسائل الشيعة ، ج ۱۳ ، ص ۱۸۱ـ ۱۸۲ ، ح ۱۷۵۲۷ .

120.المبسوط ، ج ۱ ، ص ۳۳۴ـ ۳۳۵ .

121.شرائع الإسلام ، ج ۱ ، ص ۲۱۳ .

122.قواعد الأحكام ، ج ۱ ، ص ۴۵۵ ۴۵۶ .

123.الخلاف ، ج ۲ ، ص ۴۲۸ ، المسألة ۳۲۲ .

124.منتهى المطلب ، ج ۲ ، ص ۸۵۰ .

125.المقنعة ، ص ۴۴۶ .

126.جامع المقاصد ، ج ۳ ، ص ۲۹۸ .

127.شرائع الإسلام ، ج ۱ ، ص ۲۱۳ .

128.جامع المقاصد ، ج ۳ ، ص ۲۹۸ .

129.الحديث الثالث من هذا الباب من الكافي ؛ وسائل الشيعة ، ج ۱۳ ، ص ۱۷۸ ۱۷۹ ، ح ۱۷۵۲۳ .

130.منتهى المطلب ، ج ۲ ، ص ۸۵۰ ؛ و حكاه أيضا في تذكرة الفقهاء ، ج ۸ ، ص ۴۰۲ .

131.اُنظر : الخلاف ، ج ۲ ، ص ۴۲۸ ، المسألة ۳۲۲ ؛ المغني لابن قدامة ، ج ۳ ، ص ۳۷۶ ؛ الشرح الكبير ، ج ۳ ، ص ۵۲۷ ؛ تفسير القرطبي ، ج ۲ ، ص ۳۷۵ .

132.هي الحديث الخامس من هذا الباب من الكافي .

133.الفقيه ، ج ۲ ، ص ۵۱۵ ، ح ۳۱۰۶ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۱۳ ، ص ۱۸۷ ، ح ۱۷۵۳۸ .

134.مدارك الأحكام ، ج ۸ ، ص ۲۹۲ .

135.لم أعثر على تعليقات الفقيه للمولى محمدصالح المازندراني ، و كلام الشهيد حكاه عنه المحقّق الكركي في جامع المقاصد ، ج ۳ ، ص ۲۸۳ ، و ج ۵ ، ص ۲۰۲ .

136.اُنظر : شرائع الإسلام ، ج ۱ ، ص ۲۱۲ ؛ تذكرة الفقهاء ، ج ۸۷ ، ص ۳۸۸ ، المسألة ۷۰۱ ؛ إرشاد الإذهان ، ج ۱ ، ص ۳۳۸ ؛ تحرير الأحكام ، ج ۲ ، ص ۷۴ ؛ الدروس الشرعيّة ، ج ۱ ، ص ۴۸۰ ، الدرس ۱۲۰ ؛ مدارك الأحكام ، ج ۸ ، ص ۲۹۱ .

137.المبسوط ، ج ۱ ، ص ۳۳۳ .

138.الخلاف ، ج ۲ ، ص ۴۲۸ ، المسألة ۳۲۱ .

139.الدروس الشرعيّة ، ج ۱ ، ص ۴۷۸ ، الدرس ۱۱۹ .

140.منتهى المطلب ، ج ۲ ، ص ۸۴۶ .

141.اُنظر : شرائع الإسلام ، ج ۱ ، ص ۲۱۲ ؛ مجمع الفائدة و البرهان ، ج ۷ ، ص ۴۰۵ ؛ مدارك الأحكام ، ج ۸ ، ص ۲۹۱ .

142.مختلف الشيعة، ج ۴، ص ۳۵۶.

143.فتح العزيز ، ج ۸ ، ص ۸۰ ۸۱ ، و المذكور بعده هنا ليس من تتمّته ، بل مذكور قبل ذلك .

144.فتح العزيز ، ج ۸ ، ص ۱۵ .

145.المثبت من المصدر، و في الأصل: «فالتقصير»، و في وسائل الشيعة: «فليقصّر».

146.الحديث الثالث من هذا الباب من الكافي ؛ تهذيب الأحكام ، ج ۵ ، ص ۴۲۱ ۴۲۲ ، ح ۱۴۶۵ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۱۳ ، ص ۱۸۱ ، ح ۱۷۵۲۷ .

147.اُنظر: شرح صحيح مسلم للنووي ، ج ۸ ، ص ۱۰۸ .

148.النهاية ، ج ۲ ، ص ۳۸۲ (سقا) .

149.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۳۴۳ (سقي) و لفظه هكذا : «و السقيا بالضمّ ـ ... بين المدينة و وادي الصفراء» .

150.تهذيب الأحكام ، ج ۵ ، ص ۴۲۱ ۴۲۲ ، ح ۱۴۶۵ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۱۳ ، ص ۱۷۸ ۱۷۹ ، ح ۱۷۵۲۳ .

151.الفقيه ، ج ۲ ، ص ۵۱۶ ، ح ۳۱۰۷ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۱۳ ، ص ۱۸۶ ۱۸۷ ، ح ۱۷۵۳۶ .

152.اُنظر : شرح صحيح مسلم ، ج ۸ ، ص ۲۳۵ ؛ جامع البيان ، ج ۲ ، ص ۲۶۹ ۲۷۰ ، الرقم ۲۵۶۷ ؛ تفسير القرطبي ، ج ۲ ، ص ۳۵۴ .

153.اُنظر : رجال النجاشي ، ص ۷۴ ، الرقم ۱۷۹ ؛ اختيار معرفة الرجال ، ج ۲ ، ص ۷۶۸ ، الرقم ۸۹۰ ؛ رجال الطوسي ، ص ۳۳۲ ، الرقم ۴۹۵۰ ؛ خلاصة الأقوال ، ص ۳۱۹ .

  • نام منبع :
    شرح فروع الکافي ج5
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقيق : المحمودی، محمد جواد ؛ الدرایتی محمد حسین
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 226327
صفحه از 856
پرینت  ارسال به