193
شرح فروع الکافي ج5

شرح فروع الکافي ج5
192

باب المحرم يصيب الصيد مراراً

تكرير الصيد خطأً ونسيانا موجب لتكرّر الكفّارة إجماعا من الفريقين .
ويدلّ عليه الأخبار من الطريقين. وفي حكمه العمد بعد الخطأ وعكسه .
وأمّا العمد بعد العمد فقد اختلفوا فيه، ظاهر المصنّف قدس سرهوصريح أكثر الأصحاب ـ منهم الصدوق ۱ والشيخ في كتابي الأخبار ۲ وأكثر المتأخّرين ۳ العدم؛ لقوله سبحانه : «وَمَنْ عَادَ فَيَنتَقِمُ اللّه ُ مِنْهُ» ، ۴ و لما رواه الشيخ في الكتابين عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «إذا أصاب المحرم الصيد خطأً فعليه الكفّارة، فإن أصابه ثانيا خطأً فعليه الكفّارة أبداً إذا كان خطأً، فإن أصابه متعمّداً كان عليه الكفّارة، فإن أصابه ثانيا متعمّداً فهو ممّن ينتقم اللّه منه ولم يكن عليه الكفّارة ». ۵
وحمل عليه حسنة الحلبيّ ۶ وما رواه الشيخ في الصحيح عن الحلبيّ، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «المحرم إذا قتل الصيد فعليه جزاؤه، ويتصدّق بالصيد على مسكين، فإن عاد فقتل صيداً آخر لم يكن عليه جزاؤه، وينتقم اللّه منه ». ۷
وهو محكي عن جماعة من العامّة كابن عبّاس ومجاهد وقتادة وسعيد بن جبير والبصريّ والنخعيّ وإحدى الروايات عن أحمد . ۸
وذهب ابن إدريس ۹ إلى تكرّرها بتكرّره مطلقا، وهو ظاهر الشيخ في الخلاف حيث قال :
إذا عاد إلى قتل الصيد وجب عليه الجزاء ثانيا ، وبه قال عامّة أهل العلم ، وروي في كثير من أخبارنا أنّه إذا عاد لا يجب عليه الجزاء، وهو ممّن ينتقم اللّه منه، وهو الذي ذكرتُ في النهاية، ۱۰ وبه قال داود. ۱۱
فأطلق وجوب الإعادة من غير تقييد بالخطأ، وهو ظاهر جماعة، فقد حكى في المختلف ۱۲ عن ابن الجنيد وأبي الصلاح ۱۳ أنّهم أطلقوا القول بتكرّر الفدية بتكرّره .
وعن عليّ بن بابويه أنّه أطلق وجوب الفدية على من صاد متعمّداً من غير تقييد بالأوّل، ۱۴ وإليه ذهب السيّد رضى الله عنه ۱۵ على ما سبق ، وفي المبسوط عُدّ أحوط، ۱۶ ورجّحه العلّامة في المنتهى ۱۷ والمختلف محتجّا بعموم قوله تعالى : «وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنْ النَّعَمِ»۱۸ من غير معارض، قائلاً :
إنّ المعارض على ما يدّعونه ليس إلّا قول اللّه تعالى «وَمَنْ عَادَ فَيَنتَقِمُ اللّه ُ مِنْهُ» ، وهو غير قابل للمانعيّة؛ لعدم امتناع الجمع بين ثبوت الجزاء واستحقاق الانتقام. ۱۹
وبعموم حسنة معاوية بن عمّار، ۲۰ وصحيحة معاوية بن عمّار، قال : قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : محرم أصاب صيداً ، قال : «عليه الكفّارة »، قلت : فإنّه عاد ، قال : «عليه كلّما عاد كفّارة ». ۲۱
وصحيحة ابن أبي عمير، قال : قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : محرم أصاب صيداً ، قال : «عليه الكفّارة »، قلت : فإنّه عاد ، قال : «كلّما عاد عليه كفّارة». ۲۲
وبأنّه أحوط . وبوجوه عقلية غير نقيّة.
وأدلّة النافي للتعدّد تقتضي نفيه مطلقا وإن اختلف نوع الصيد، فلو تصيّد النعامة بعد الجرادة عمداً ليس عليه جزاء النعامة، وثبوت الإثم والجزاء في يوم الجزاء ينفي تنافره؛ للحكمة ، فتدبّر .
وفي المسالك:
والظاهر من كلامهم أنّ الكلام في الصيد المتكرّر في إحرام واحد، فلو وقع في إحرامين تكرّرت قطعا، وكذا لو كانا في عام واحد ولم يكن أحدهما مرتبطا بالآخر كحجّ الإفراد وعمرته ، أمّا مع ارتباطهما كحجّ التمتّع وعمرته فيحتمل كونهما كذلك؛ لصدق التعدّد وعدمه، لأنّهما بمنزلة إحرام واحد في كثير من الأحكام، ولعدم الدليل الدال على اشتراط كونه في إحرام واحد، إلّا الاتّفاق عليه في بعض الموارد فيبقى الباقي. وهذا أقوى .
وقوّى الشهيد قدس سره في شرح الإرشاد ۲۳ صدق التكرار مع تقارب زمان الفعل، بأن تصيّد في آخر المتلوّ وأوّل الثاني مع قصر زمان التحلّل، ولم يفرّق في ذلك بين المرتبطين وغيرهما ، واستشكل بمنع كون قرب الزمان له مدخل في ذلك مطلقا مع أنّ ما ذكره يأتي في الإحرامين في عامين ، مع أنّه لا خلاف فيه. ۲۴
والخلاف الواقع في العمد إنّما هو مع تعدّد الفعل ، وأمّا مع اتّحاده فبتعدّد الفداء إجماعا، وقد سبقت الإشارة إليه .

1.المقنع، ص ۲۵۱.

2.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۳۷۲؛ الاستبصار، ج ۲، ص ۲۱۱ .

3.اُنظر: مختلف الشيعة، ج ۴، ص ۱۲۳.

4.المائدة (۵): ۹۵.

5.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۳۷۲ ۳۷۳، ح ۱۲۹۸؛ الاستبصار، ج ۲، ص ۲۱۱، ح ۷۲۱؛ وسائل الشيعة، ج ۱۳، ص ۹۴، ح ۱۷۳۲۲ .

6.هي الحديث الثاني من هذا الباب من الكافي .

7.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۳۷۲، ح ۱۲۹۷، وص ۴۶۷، ح ۱۶۳۳؛ الاستبصار، ج ۲، ص ۲۱۱، ح ۷۲۰؛ وسائل الشيعة، ج ۱۳، ص ۹۳ ۹۴، ح ۱۷۳۲۱ .

8.تذكرة الفقهاء، ج ۷، ص ۴۵۶؛ المجموع للنووي، ج ۷، ص ۳۲۳؛ المغني، ج ۳، ص ۵۴۵ ؛ الشرح الكبير، ج ۳، ص ۳۵۶.

9.السرائر، ج ۱، ص ۵۶۳ .

10.النهاية، ص ۲۲۶ .

11.الخلاف، ج ۲، ص ۳۹۷ . وانظر: المجموع للنووي، ج ۷، ص ۳۲۳.

12.مختلف الشيعة، ج ۴، ص ۱۲۲.

13.الكافي في الفقه، ص ۲۰۵.

14.مختلف الشيعة، ج ۴، ص ۱۲۲ ۱۲۳. وبه قال أيضا الصدوق في فقه الرضا عليه السلام ، ص ۲۲۷.

15.جمل العلم والعمل (رسائل المرتضى، ج ۳، ص ۷۲).

16.المبسوط للطوسي، ج ۱، ص ۳۴۲.

17.منتهى المطلب، ج ۲، ص ۸۱۹ .

18.المائدة (۵): ۹۵.

19.مختلف الشيعة، ج ۴، ص ۱۲۳.

20.الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج ۱۳، ص ۹۲ ۹۳، ح ۱۷۳۱۸ .

21.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۳۷۲، ح ۱۲۹۶؛ الاستبصار، ج ۲، ص ۲۱۰، ح ۷۱۹؛ وسائل الشيعة، ج ۱۳، ص ۹۳، ح ۱۷۳۲۰ .

22.مكرّر للحديث المتقدّم، فإنّ ابن أبي عمير يرويه عن معاوية بن عمّار، والخطأ ناش من رواية العلّامة في مختلف الشيعة، ج ۴، ص ۱۲۳ ۱۲۴. فإنّه لم يذكر الواسطة بين ابن أبي عمير وبين الامام الصادق عليه السلام .

23.غاية المراد، ج ۱، ص ۴۱۱.

24.مسالك الأفهام، ج ۲، ص ۴۶۶ ۴۶۷ .

  • نام منبع :
    شرح فروع الکافي ج5
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقيق : المحمودی، محمد جواد ؛ الدرایتی محمد حسین
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 184242
صفحه از 856
پرینت  ارسال به