201
شرح فروع الکافي ج5

شرح فروع الکافي ج5
200

أبواب دخول الحرم وبيان ما يقارنه من الآداب

باب قطع تلبية المتمتّع

يعنى¨ في عمرة التمتّع . قد عرفت استحباب تكرير التلبية على المتمتّع إلى أن يشاهد بيوت مكّة، ووجوب قطعها حينئذٍ ، والمراد بيوت مكّة التي كانت قبل في عهدهم عليهم السلام ، وحدّها: عقبة المدينين إن دخل مكّة من أعلاها، وعقبة ذي طوى إن دخلها من أسفلها . ۱
وبذلك يجمع بين حسنة معاوية ۲ وصحيحة أحمد بن محمّد . ۳
وما رواه الشيخ في الموثّق عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «إذا دخلت مكّة وأنت متمتّع فنظرت إلى بيوت مكّة فاقطع التلبية، وحدّ بيوت مكّة التي كانت قبل اليوم إذا بلغت عقبة المدينين فاقطع التلبية، وعليك بالتهليل والتكبير والثناء على اللّه ما استطعت ، وإن كنت قارنا ۴ بالحجّ فلا تقطع التلبية حتّى يوم عرفة عند زوال الشمس ، وإن كنت معتمراً فاقطع التلبية إذا دخلت الحرم ». ۵
وعن أبي خالد مولى عليّ بن يقطين، قال : سألت أبا الحسن عليه السلام عمّن أحرم من حوالي مكّة من الجعرانة والشجرة، من أين يقطع التلبية؟ قال: «يقطع التلبية عند عروش مكّة، وعروش مكّة ذي طوى». ۶
وما ذكر من التفصيل هو المشهور .
وحكى الشيخ في التهذيب ۷ عن مقنعة المفيد ۸
أنّه إذا عاين بيوت مكّة وكان قاصداً إليها من طريق المدينة قطع التلبية، وحدّ بيوت مكّة عقبة المدينين ، وإن كان قاصداً إليها من طريق العراق فإنّه يقطع التلبية إذا بلغ عقبة ذي طوى، وعكس ما ذكر .
وبذلك جمع بين ما رويناه عنه من موثّق معاوية وصحيح البزنطي ّ، ۹ ويردّه ما رويناه عن أبي خالد، وما حكاه عنه مخالف للمقنعة التي عندي ففيها:
وليلبّ كلّما صعد علوّاً أو هبط سفلاً أو نزل من بعيره أو ركب، وعند انتباهه من منامه، وبالأسحار، فإذا عاين بيوت مكّة قطع التلبية، وحدّ بيوت مكّة عقبة المدينين، ثمّ أخذ في التهليل والتكبير ، وإن كان قاصداً إليها من طريق المدينة فإنّه يقطع التلبية إذا بلغ عقبة ذي طوى . ۱۰
فتدبّر .
وقد روي أنّ المتمتّع يقطعها عند دخول الحرم ، رواه سعد بن عبداللّه ، عن موسى بن الحسن، عن محمّد بن عبد الحميد، عن أبي جميلة المفضّل بن صالح، عن زيد الشحّام، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : سألته عن تلبية المتعة، متى تقطع؟ قال : «حين يدخل الحرم ». ۱۱
وهو مع ضعفه باشتراك موسى بن الحسن، ۱۲ وضعف أبي جميلة، ۱۳ وجهالة أبي اُسامة زيد ۱۴ يمكن حمله على الجواز .
وأمّا المعتمر عمرة مفردة فذهب الشهيد في اللمعة إلى أنّه يقطعها إذا دخل الحرم . ۱۵
وإطلاقه يقتضي عدم الفرق في ذلك بين ما لو أحرم من أحد المواقيت أو خرج لها من مكّة إلى أدنى الحلّ ، ولم أجد نصّا على هذا الإطلاق .
فإن قيل : يدلّ عليه إطلاق قوله عليه السلام : «وإن كنت معتمراً فاقطع التلبية إذا دخلت الحرم» في موثّق معاوية بن عمّار ۱۶ المتقدّم .
قلنا : إطلاقه ممنوع، بل عطفه على ما سبقه يقتضي تقييده بالمحرم من الميقات .
وقيّده الشهيد الثاني ۱۷ بما إذا أحرم بها من أحد المواقيت، ذاهبا إلى أنّ الخارج لها من مكّة يقطعها إذا شاهد بيوت مكّة، وبه قال جماعة اُخرى، وهو الأشهر بين الأصحاب .
وبه قال ابن إدريس ، إلّا أنّه أبدل مشاهدة البيوت بمشاهدة الكعبة . ۱۸
وبهذه الأقوال جمعوا بين ما سيأتي من الأخبار .
ولا يبعد القول بالتخيير بين بلوغ العقبة ودخول الحرم إن أحرم بها من أحد المواقيت، ويتحتّم القطع عند مشاهدة الكعبة للخارج لها من مكّة ؛ أمّا الأوّل فللجمع بين ظاهر ما سبق عن معاوية بن عمّار على ما عرفت وخبر يونس بن يعقوب، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن الرجل يعتمر عمرة مفردة، من أين يقطع التلبية؟ قال : «إذا رأيت بيوت ذي طوى فاقطع التلبية ». ۱۹
وخبر الفضيل بن يسار، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام قلت : دخلت بعمرة، فأين أقطع التلبية؟ قال : «حيال العقبة، عقبة المدينين »، فقلت : أين عقبة المدينين؟ قال : «حيال القصّارين ». ۲۰
وهو أظهر من الأوّلين في كون إحرامه من الميقات؛ لأنّ الفضيل كان كوفيّ الأصل بصريّ المسكن ، ۲۱ والظاهر أنّه كان جائيا منها؛ وبين ما رواه عمر بن يزيد، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «مَن أراد أن يخرج من مكّة ليعتمر أحرم من الجعرانة والحديبيّة أو ما أشبهها ، ومَن خرج من مكّة يريد العمرة ثمّ دخل معتمراً لم يقطع التلبية حتّى ينظر إلى الكعبة» . ۲۲
وأمّا الحاجّ فيجب عليه قطعها زوال عرفة، تمتّعا كان الحجّ أو قرانا أو إفراداً ، ويأتي في باب قطع تلبية الحاجّ إن شاء اللّه تعالى .
قوله : (عن محمّد بن يحيى عن أحمد بن محمّد عن أبي الحسن الرضا عليه السلام ) . [ ح4/ 7481] كذا في النسخ التي رأيناها، ورواه في التهذيب عن المصنّف، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عنه عليه السلام . ۲۳ والظاهر سقوط الزائد هنا من الكتاب .
وقال طاب ثراه : من طرق العامّة في حديث ابن عمر: كان إذا نظر إلى عُرش مكّة قطع التلبية . ۲۴ قال أبو عبيد : وسمّيت بيوت مكّة عُرشا؛ لأنّها عيدان تُنصب ويظلّل عليها ، ويقال لها: عُروش بزيادة الواو ، والواحد منها: عُرش بسكون الراء، وواحد العُرش بضمّ الراء: عريش كقَليب وقُلُب . ۲۵

1.اُنظر: المقنع، ص ۲۵۴؛ الهداية، ص ۲۲۲ ۲۲۳؛ تحرير الأحكام، ج ۱، ص ۵۷۹ ؛ الدروس الشرعيّة، ج ۱، ص ۳۴۸؛ شرح اللمعة، ج ۲، ص ۲۳۴.

2.هي الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي.

3.هي الحديث الرابع من هذا الباب .

4.في نسخة بدل: «مفردا».

5.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۹۴، ح ۳۰۹؛ الاستبصار، ج ۲، ص ۱۷۶، ح ۵۸۳ ؛ وسائل الشيعة، ج ۱۲، ص ۳۸۸ ۳۸۹، ح ۱۶۵۸۱ .

6.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۹۴، ح ۳۱۱؛ وسائل الشيعة، ج ۱۲، ص ۳۹۱، ح ۱۶۵۸۸ .

7.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۹۳.

8.المقنعة، ص ۳۹۸ ۳۹۹، وانظر ما سيأتي عن المقنعة.

9.الحديث الرابع من هذا الباب من الكافي.

10.المقنعة، ص ۳۹۸، وأشار محقّقه في الهامش أنّ في نسخة من المقنعة: «العراق» بدل «المدينة»، فعلى هذا تكون العبارة موافقا لنقل الشيخ في التهذيب.

11.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۹۵، ح ۳۱۲؛ الاستبصار، ج ۲، ص ۱۷۷، ح ۵۸۵ ؛ وسائل الشيعة، ج ۱۲، ص ۳۹۱، ح ۱۶۵۸۹ .

12.اُنظر: معجم رجال الحديث، ج ۱۹، ص ۳۸ ۴۱، الرقم ۱۲۷۵۴ ۱۲۷۵۸

13.رجال ابن الغضائري، ص ۸۸ ، الرقم ۱۱۸؛ خلاصة الأقوال، ص ۴۰۷؛ رجال ابن داود، ص ۲۸۰، الرقم ۵۱۱ .

14.وثّقه الشيخ في الفهرست، ص ۱۲۹، الرقم ۲۹۸؛ وابن شهر آشوب في معالم العلماء، ص ۸۶ ، الرقم ۳۳۷؛ والشيخ حسن في التحرير الطاووسي، ص ۲۲۵.

15.اللمعة الدمشقيّة، ص ۵۹ ؛ شرح اللمعة، ج ۲، ص ۲۳۴.

16.وسائل الشيعة، ج ۱۲، ص ۳۹۳ ـ ۳۹۴، ح ۱۶۵۹۷ .

17.شرح اللمعة، ج ۲، ص ۲۳۴.

18.السرائر، ج ۱، ص ۶۳۴ .

19.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۹۵، ح ۳۱۴؛ الاستبصار، ج ۲، ص ۱۷۷، ح ۵۸۷ ؛ وسائل الشيعة، ج ۱۲، ص ۳۹۴، ح ۱۶۵۹۹ .

20.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۹۶، ح ۳۱۶؛ الاستبصار، ج ۲، ص ۱۷۷، ح ۵۸۹ ؛ وسائل الشيعة، ج ۱۲، ص ۳۹۵، ح ۱۶۶۰۷ .

21.اُنظر: خلاصة الأقوال، ص ۲۲۸؛ رجال النجاشي، ص ۳۰۹، الرقم ۸۴۶ .

22.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۹۵ ۹۶، ح ۳۱۵؛ الاستبصار، ج ۲، ص ۱۷۷، ح ۵۸۸ ؛ وسائل الشيعة، ج ۱۱، ص ۳۴۱، ح ۱۴۹۶۷ .

23.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۹۴، ح ۳۱۰. ورواه أيضا في الاستبصار، ج ۲، ص ۱۷۶، ح ۵۸۴ ؛ وسائل الشيعة، ج ۱۲، ص ۳۸۹ ۳۹۰، ح ۱۶۵۸۴ .

24.شرح صحيح مسلم للنووي، ج ۸ ، ص ۲۰۴، وفيه «عمر» بدل «ابن عمر»؛ الفائق للزمخشري، ج ۲، ص ۳۵۲.

25.حكاه عنه النووي في شرح صحيح مسلم، ج ۸ ، ص ۲۰۴.

  • نام منبع :
    شرح فروع الکافي ج5
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقيق : المحمودی، محمد جواد ؛ الدرایتی محمد حسین
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 184223
صفحه از 856
پرینت  ارسال به