243
شرح فروع الکافي ج5

باب من طاف على غير وضوء

لقد أجمع الأصحاب على اشتراط الطواف الواجب بالطهارة عن الحدث مطلقا ، وأمّا المندوب فالمشهور عدم اشتراطه بالطهارة من الحدث الأصغر وإن اشترطت صلاته بها.
وهذا التفصيل هو المستفاد من الجمع بين أخبار، منها : ما رواه المصنّف قدس سره في الباب .
ومنها : ما رواه الصدوق رضى الله عنه في الصحيح عن معاوية بن عمّار، قال : قال أبو عبداللّه عليه السلام : «لا بأس بأن يقضي المناسك كلّها على غير وضوء إلّا الطواف بالبيت ، والوضوء أفضل ». ۱
ومنها : ما رواه الشيخ قدس سره في الصحيح عن جميل عن بعض أصحابنا عن أحدهما عليهماالسلامفي الرجل يحدث في طواف الفريضة وقد طاف بعضه ، قال : «يخرج ويتوضّأ »، ۲ الخبر .
وقد سبق عن عبداللّه بن بكير، عن عبيد بن زرارة، ۳ عن أبي عبداللّه عليه السلام ، قال : قلت له : إنّي أطوف طواف النافلة وأنا على غير وضوء ، فقال : «توضّأ وصلِّ وإن كنت متعمّداً ». ۴
وفي الموثّق عن عبيد بن زرارة، قال : قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : رجل طاف على غير وضوء ، فقال : «إن كان تطوّعا فليتوضّأ وليصلِّ ». ۵
وفي الصحيح عن حريز، عن أبي عبداللّه عليه السلام في رجل طاف تطوّعا وصلّى ركعتين وهو على غير وضوء؟ فقال : «يعيد الركعتين ولا يعيد الطواف ». ۶
ومنها : ما رواه في المختلف ۷
في الصحيح عن رفاعة بن موسى، قال : قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : أشهد شيئا من المناسك وأنا على غير وضوء ، قال : «نعم، إلّا الطواف بالبيت فإنّ فيه صلاة ». ۸
وفي الموثّق عن أبي جعفر عليه السلام أنّه سُئل: أنُسُكٌ من المناسك على غير وضوء؟ فقال : «نعم، إلّا الطواف بالبيت فإنّ فيه صلاة ». ۹
وحكى في المختلف ۱۰ عن أبي الصلاح اشتراط المندوب أيضا بها ۱۱ محتجّا بعموم قوله عليه السلام : «الطواف بالبيت صلاة ». وبالموثّق المذكور ، فتأمّل .
وأمّا الطهارة عن الحدث الأكبر فمشترطة فيه أيضا إجماعا .
ويدلّ عليه ما دلّ على عدم جواز دخول المحدث بذلك الحدث في المسجد الحرام، وقد سبق في كتاب الطهارة، وخصوص صحيحة عليّ بن جعفر، ۱۲ وأخبار عدول الحائض والنفساء من التمتّع إلى الإفراد ، وأخبار القطع للحيض، وقد سبق بعضها ويأتي بعض آخر في مواضعها .
وهل تقوم الطهارة الترابيّة مقام الطهارة المائيّة مع تعذّرها فيه؟ فالظاهر ذلك، لعموم قوله عليه السلام : «وكلّ شيء استحلت به الصلاة فليأتها زوجها ولتطف بالبيت» فيما سيأتي من خبر عبد الرحمن بن أبي عبداللّه . ۱۳
قال صاحب المدارك :
واعلم أنّ المعروف من مذهب الأصحاب استباحة الطواف بالطهارة الترابيّة ، ويدلّ عليه عموم قوله عليه السلام في صحيحة جميل : «إنّ اللّه جعل التراب طهوراً كما جعل الماء طهوراً ». ۱۴ وفي صحيحة ابن مسلم ۱۵ : «هو بمنزلة الماء ». ۱۶
وذهب فخر المحقّقين إلى أنّ التيمّم لا يبيح للجنب الدخول في المسجدين ولا اللبث فيما عداهما [ من المساجد]، ۱۷ ومقتضاه عدم استباحة الطواف به أيضا، وهو ضعيف . ۱۸ انتهى .
وحكي في العزيز عن أبي حنيفة أنّه قال :
لو طاف جُنبا أو محدثا أو عاريا أو طافت المرأة حائضا لزمت الإعادة ما لم يفارق مكّة، فإن فارقها أجزأه دم شاة إن طاف مع الحدث، وبدنة إن طاف مع الجنابة . ۱۹
وأمّا الطهارة عن الخبث فقد اختلف في اشتراطه بها ، والمشهور بين الأصحاب الاشتراط واحتجّوا عليه بقوله عليه السلام : «الطواف بالبيت صلاة ». ۲۰
واحتجّ الشيخ عليه في الخلاف بالإجماع والاحتياط ، ۲۱ وفي التهذيب بخبر يونس بن يعقوب، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن رجل يرى في ثوبه الدم وهو في الطواف؟ قال : «ينظر الموضع الذي رأى فيه الدم فيعرفه، ثمّ يخرج فيغسله، ثمّ يعود فيتمّ طوافه ». ۲۲
ويؤيّده ما رواه الصدوق عن حبيب بن مظاهر، قال : ابتدأت في طواف الفريضة فطفت شوطا، فإذا إنسان قد أصاب أنفي فأدماه، فخرجت فغسلته فابتدأت الطواف ، ۲۳ الحديث ، وقد سبق . وهؤلاء اتّفقوا على أنّه إنّما يعيد الطواف كلّاً أو بعضا مع العلم بالنجاسة لا مع الجهل والنسيان، وهو المستفاد من الخبرين، وعليه حملوا ما سيأتي من مرسلة ابن أبي نصر. ۲۴
وإطلاق عبارات أكثرهم يعطي عدم الفرق في ذلك في الطواف بين الواجب والمندوب، وفي الطائف بين الرجل والمرأة ، وفي النجاسة بين المعفوّ عنها في الصلاة وغيرها .
وصرّح جماعة منهم العلّامة في المنتهى ۲۵ وابن إدريس بالتعميم الأخير .
واحتجّ عليه في السرائر ۲۶ بعموم الدليل من غير مخصّص وعدم جواز قياسه على الصلاة ، وقيّده الشيخ في التهذيب بالرّجل ساكتا عن حكم المرأة، فقال : «ولا يجوز أن يطوف الرّجل وفي ثوبه شيء من النجاسات من الدم وغيره »، ۲۷ وهو ظاهره في المبسوط، حيث قال :
ولا يجوز أن يطوف وفي ثوبه شيء من النجاسة، فإن لم يعلم ورأى في خلال الطواف النجاسة رجع فغسل ثوبه ثمّ عاد فتمّم طوافه، فإن علم بعد فراغه من الطواف مضى طوافه وصلّى في ثوب طاهر . ۲۸
واللّه أعلم بما في الضمائر ، فإن أراد التخصيص لتقييد ما تقدّم عن يونس بن يعقوب ففيه: أنّه من حكاية حال السائل، وهو غير موجب للتخصيص لا سيّما مع عموم ما عداه من الأدلّة السابقة .
نعم ، لا يبعد تخصيص النجاسة بغير المعفوّ عنها في الصلاة؛ لظهور تشبّهه بالصلاة في ذلك، إلّا أن يقال بتحريم إدخال مطلق النجاسة في المسجد، ولم يثبت ، بل خبر ابن أبي نصر، عن بعض أصحابه، عن أبي عبداللّه عليه السلام ، قال : قلت له : رجل في ثوبه دم ممّا لا تجوز الصلاة في مثله فطاف في ثوبه ، فقال : «أجزأه الطواف فيه، ثمّ ينزعه ويصلّي في ثوب طاهر » ۲۹ يدلّ على جواز الطواف مع مطلق النجاسة، فلا يبعد الجمع بينه وبين ما تقدّم بالقول بالكراهة مطلقا، كما ذهب إليه ابن حمزة ۳۰ على ما حكاه عنه في المختلف . ۳۱
وعن ابن الجنيد ۳۲ كراهة الطواف فيما لا تحلّ الصلاة فيها محتجّا بهذا الخبر، وبالأصل، وبأنّه ليس له حرمة الصلاة. والاحتياط واضح .
واستثني منها دم الاستحاضة، إذا عملت المستحاضة بشرائطها فيجوز طوافها إجماعا؛ لما رواه الشيخ عن المصنّف في الحسن عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال : «إنّ أسماء بنت عميس نفست بمحمّد بن أبي بكر، فأمرها رسول اللّه صلى الله عليه و آله حين أراد الإحرام من ذي الحليفة أن تحتشي بالكرسف والخرق وتهلّ بالحجّ »، قال : «فلمّا قدموا ونسكوا المناسك وقد أتى لها ثمانية عشر يوما، فأمرها رسول اللّه صلى الله عليه و آله أن تطوف بالبيت وتصلّي ولم ينقطع عنها الدم ففعلت [ ذلك]. ۳۳
وعنه بإسناده عن يونس بن يعقوب، عمّن حدّثه، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «المستحاضة تطوف بالبيت وتصلّي ولا تدخل الكعبة ». ۳۴
وعن عبد الرحمن بن أبي عبداللّه ، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن المستحاضة، أيطأها زوجها؟ وهل تطوف بالبيت؟ قال : «تقعد قرؤها التي كانت تحيض فيه، فإن كان قرؤها مستقيما فلتأخذ به، ولو كان فيه خلاف فلتحتط بيوم أو يومين، ولتغتسل ولتستدخل كرسفا، فإذا ظهر عن الكرسف فلتغتسل، ثمّ تضع كرسفا آخر، ثمّ تصلّي، فإن كان دما سائلاً فلتؤخّر الصلاة إلى الصلاة، ثمّ تصلّي صلاتين بغسل واحد، وكلّ شهر استحلّت به الصلاة فليأتها زوجها ولتطف بالبيت ». ۳۵
وأمّا السعي فغير مشترط بالطهارة مطلقا على المشهور، وسيأتي القول فيه إن شاء اللّه تعالى .

1.الفقيه، ج ۲، ص ۳۳۹ ۳۴۰، ح ۲۸۱۰؛ وسائل الشيعة، ج ۱۳، ص ۳۷۴، ح ۱۷۹۹۲ .

2.تهذيب الأحكام، ج ۵، ص ۱۱۸، ح ۳۸۴؛ وسائل الشيعة، ج ۱۳، ص ۳۷۸، ح ۱۸۰۰۴ .

3.في الهامش بخطّ الأصل: «في طريقه النخعي، وهو مشترك، منه عفي عنه».

4.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۱۱۷، ح ۳۸۳؛ الاستبصار، ج ۲، ص ۲۲۲ ۲۲۳، ح ۷۶۷؛ وسائل الشيعة، ج ۱۳، ص ۳۷۶ ۳۷۷، ح ۱۸۰۰۰ .

5.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۱۱۷، ح ۳۸۲؛ الاستبصار، ج ۲، ص ۲۲۲، ح ۷۶۶؛ وسائل الشيعة، ج ۱۳، ص ۳۷۶، ح ۱۷۹۹۹ .

6.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۱۱۸، ح ۳۸۵؛ وسائل الشيعة، ج ۱۳، ص ۳۷۶، ح ۱۷۹۹۸ .

7.مختلف الشيعة، ج ۴، ص ۱۹۹.

8.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۱۵۴ ۱۵۵، ح ۵۱۰ ؛ الاستبصار، ج ۲، ص ۲۴۱، ح ۸۳۸ ؛ وسائل الشيعة، ج ۱۳، ص ۴۹۳ ۴۹۴، ح ۱۸۲۸۶ .

9.هذا هو الحديث الثاني من هذا الباب من الكافي؛ تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۱۱۶، ح ۳۷۹؛ الاستبصار، ج ۲، ص ۲۲۲، ح ۷۶۳؛ وسائل الشيعة، ج ۱۳، ص ۳۷۶، ح ۱۷۹۹۷ .

10.مختلف الشيعة، ج ۴، ص ۱۹۹.

11.الكافي في الفقه، ص ۱۹۵.

12.هي الحديث الرابع من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج ۱۳، ص ۳۷۵، ح ۱۷۹۹۵.

13.وسائل الشيعة، ج ۲، ص ۳۷۵، ح ۲۳۹۷؛ وج ۱۳، ص ۴۶۲ ۴۶۳، ح ۱۸۲۱۷.

14.الفقيه، ج ۱، ص ۱۰۹، ح ۲۲۴؛ تهذيب الأحكام، ج ۱، ص ۴۰۴، ح ۱۲۶۴؛ وسائل الشيعة، ج ۱، ص ۱۳۳، ح ۳۲۲ .

15.كذا بالأصل والمصدر، ولم أعثر على الحديث برواية محمّد بن مسلم، والصحيح «حمّاد بن عثمان»، اُنظر مصادر الحديث.

16.تهذيب الأحكام، ج ۱، ص ۲۰۰، ح ۵۸۱ ؛ الاستبصار، ج ۱، ص ۱۶۳، ح ۵۶۶ ؛ وسائل الشيعة، ج ۳، ص ۳۷۹، ح ۳۹۱۸، وفي الجميع عن حمّاد بن عثمان .

17.إيضاح الفوائد، ج ۱، ص ۶۶ .

18.مدارك الأحكام، ج ۸ ، ص ۱۱۵ ۱۱۶، ومابين الحاصرتين منه.

19.فتح العزيز، ج ۷، ص ۲۸۸.

20.اُنظر: تذكرة الفقهاء، ج ۸ ، ص ۸۴ ۸۵ ، المسألة ۴۵۱؛ سنن الدارمي، ج ۲، ص ۴۴؛ سنن النسائي، ج ۵ ، ص ۲۲۲؛ والسنن الكبرى له أيضا، ج ۲، ص ۴۰۶، ح ۳۹۴۴؛ المستدرك للحاكم، ج ۱، ص ۴۵۹، و ج ۲، ص ۲۶۷؛ السنن الكبرى للبيهقي، ج ۵ ، ص ۸۵ و ۸۷ .

21.الخلاف، ج ۲، ص ۳۲۲، المسألة ۱۲۹.

22.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۱۲۶، ح ۴۱۵؛ وسائل الشيعة، ج ۱۳، ص ۳۹۹، ح ۱۸۰۶۰ .

23.الفقيه، ج ۲، ص ۳۹۵، ح ۲۷۹۸؛ وسائل الشيعة، ج ۱۳، ص ۳۷۹، ح ۱۸۰۰۶.

24.وسائل الشيعة، ج ۱۳، ص ۳۹۹، ح ۱۸۰۶۱.

25.منتهى المطلب، ج ۲، ص ۶۹۰ .

26.السرائر، ج ۱، ص ۵۷۴ .

27.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۱۲۶، بعد الحديث ۴۱۴.

28.المبسوط للطوسي، ج ۱، ص ۳۵۸ ۳۵۹. ومثله في النهاية، ص ۲۴۰.

29.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۱۲۶ ۱۲۷، ح ۴۱۶؛ وسائل الشيعة، ج ۱۳، ص ۳۹۹، ح ۱۸۰۶۱ .

30.الوسيلة، ص ۱۷۳.

31.مختلف الشيعة، ج ۴، ص ۱۹۸.

32.حكاه عنه العلّامة في مختلف الشيعة، ج ۴، ص ۱۹۸.

33.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۳۹۹، ح ۱۳۸۸؛ وهو الحديث الأوّل من باب أنّ المستحاضة تطوف بالبيت من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج ۲، ص ۳۸۴، ح ۲۴۱۷؛ وج ۱۳، ص ۴۶۲، ح ۱۸۲۱۵ .

34.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۳۹۹، ح ۱۳۸۹؛ و هو الحديث الثاني من باب أنّ المستحاضة تطوف بالبيت من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج ۱۳، ص ۴۶۲، ح ۱۸۲۱۶ .

35.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۴۰۰، ح ۱۳۹۰؛ وسائل الشيعة، ج ۲، ص ۳۷۵، ح ۲۳۹۷ .


شرح فروع الکافي ج5
242
  • نام منبع :
    شرح فروع الکافي ج5
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقيق : المحمودی، محمد جواد ؛ الدرایتی محمد حسین
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 189699
صفحه از 856
پرینت  ارسال به