293
شرح فروع الکافي ج5

شرح فروع الکافي ج5
292

باب تقصير المتمتّع وإحلاله

المشهور بين الأصحاب وجوب التقصير عينا للتحلّل في عمرة التمتّع ، ذهب إليه الشيخ في النهاية ۱ والمبسوط ۲ وابن إدريس، ۳ وحكاه في المختلف ۴ عن والده و عن ابن البرّاج، ۵ وهو ظاهر المفيد قدس سرهفي المقنعة ۶ حيث اكتفى فيها بذكر التقصير .
واحتجّ عليه بتعليق الحلّ على التقصير بخصوصه في أخبار، منها : ما رواه المصنّف قدس سره ، ومنها : ما رواه الشيخ قدس سره في الصحيح عن عبداللّه بن سنان، عن أبي عبداللّه عليه السلام ، قال : وسمعته يقول : «طواف المتمتّع: أن يطوف بالكعبة ويسعى بين الصفا والمروة ويقصّر من شعره، فإذا فعل ذلك فقد أحلّ ». ۷
وعن عمر بن يزيد، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «ثمّ ائت منزلك فقصّر من شعرك، وحلّ لك كلّ شيء ». ۸ وهذا الاحتجاج إنّما يتمّ لو لم يكن دليل على حصول الحلّ بالحلق أصلاً ، وفيه ما ستعرفه .
والشيخ قدس سره أوجب في الاستبصار ۹ والمبسوط ۱۰ دما للحلق، وبه صرّح جماعة اُخرى ۱۱ أيضا .
ويدلّ عليه خبر جميل، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن متمتّع حلق رأسه بمكّة ، قال : «إن كان جاهلاً فليس عليه شيء، وإن تعمّد ذلك في أوّل شهور الحجّ بثلاثين يوما فليس عليه شيء، وإن تعمّد بعد الثلاثين الذي يوفر فيها الشعر للحجّ فإنّ عليه دما يهريقه ». ۱۲
وخبر أبي بصير، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن المتمتّع أراد أن يقصّر فحلق رأسه ، قال : «عليه دم يهريقه ». ۱۳
وذهب في الخلاف إلى تخييره بين الحلق والتقصير وأفضليّة التقصير، حيث قال : «وأفعال العمرة يعني عمرة التمتّع خمسة: الإحرام، والتلبية، والطواف، والسعي بين الصفا والمروة، والتقصير، وإن حلق جاز والتقصير أفضل ». ۱۴ والقولان مطلقان لم يقيّد الأوّل منهما بالفراغ من العمرة في ذي القعدة وما بعده، ولا الثاني منهما بالفراغ منها في شوّال .
ولا يبعد القول بالفصل بينهما بتخصيص التحريم بالأوّل والتخيير بالثاني؛ فإنّ الظاهر أنّ علّة تحريم الحلق فيها وجوب توفير شعر الرأس للحجّ فيخصّص بالأوّل؛ لاختصاص وجوب توفيره بما إذا طلع هلال ذي القعدة وعدم وجوبه في شوّال، ولصراحة خبر جميل في ذلك التفصيل، ولكن لم أجد قائلاً به صريحا .
نعم ، هو ظاهر المصنّف قدس سرهفي الباب الآتي حيث اكتفى فيه ممّا يتعلّق بهذه المسألة بذكر هذا الخبر .
بل لا يبعد القول بوجوب الحلق عينا على العاقص والملبّد؛ لصحيحة معاوية بن عمّار، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «إذا أحرمت فعقصت شعر رأسك أو لبّدته فقد وجب عليك الحلق، وليس لك التقصير ، وإن أنت لم تفعل فمخيّر لك التقصير والحلق في الحجّ، وليس في المتعة إلّا التقصير ». ۱۵
وصحيحة هشام بن سالم، قال : قال أبو عبداللّه عليه السلام : «إذا عقص الرجل رأسه أو لبّده في الحجّ أو العمرة فقد وجب عليه الحلق ». ۱۶
بل يستفاد من بعض الأخبار وجوب الدم لو اقتصر العاقص على التقصير، وهو صحيح عيص، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن رجل عقص شعر رأسه وهو متمتّع، ثمّ قدم مكّة فقضى نسكه وحلّ عقاص رأسه فقصّر وادّهن وأحلّ، قال : «عليه دم شاة ». ۱۷ ولم أجد قائلاً به صريحا .
نعم ، هو ظاهر الشيخ قدس سرهفي التهذيب حيث قال بعدما حكي عن الشيخ المفيد وجوب التقصير في عمرة التمتّع : «ومن عقص شعر رأسه عند الإحرام أو لبَّده فلا يجوز له إلّا الحلق، ومتى اقتصر على التقصير وجب عليه دم شاة ». ۱۸
واحتجّ عليه ببعض ما ذكر من الأخبار، ولا بُعد فيه، لا سيّما على القول بعدم وجوب توفير شعر الرأس من هلال ذي القعدة، أو ما إذا حلق في شوّال .
والأصحاب خصّصوا هذه الأخبار بالعاقص والملبّد في إحرام الحجّ والعمرة المفردة ، بل حملوا كلام الشيخ أيضا على ذلك وقالوا بأنّهما في عمرة التمتّع إنّما يحلّلان بالتقصير، ولا يحلّلان العقاص ولا التلبيد إلّا في منى للحلق ، فقد قال المحقّق المجلسي قدس سرهفي شرح الفقيه في توجيه الدم في خبر عيص : «بأنّ العاقص يلزمه الحلق في الحجّ ولا يجوز له أن يحلّ عقاصه إلّا في منى للحلق ». ۱۹
وعلى أيّ حال فمع الحلق يستحبّ إمرار الموسى على الرأس يوم النحر إذا لم يبلغ شعره حدّ الحلق على المشهور؛ وللأمر به في الخبر المشار إليه.
وعلى تحريمه ، فظاهر الأكثر تحريم مسمّى الحلق عرفا ووجوب الدم به ، وخصّهما في النهاية ۲۰ بما إذا حلق الرأس كلّه ، واستوجهه العلّامة في المنتهى ، وهل يجزي عن التقصير ويحصل الإحلال به، أم لابدّ معه من تقصير؟ صرّح في المنتهى بالأوّل، حيث قال : «الحلق مجز وإن قلنا: إنّه محرّم»، ۲۱ وهو ظاهر أكثر ما اُشير إليه من الأخبار، حيث لم يتعرّض فيها لذكر غير الدم .
ويؤيّده تحقّق التقصير بأوّل جزء من الحلق ، إلّا أن يقال باشتراط نيّته .
وذهب الأكثر إلى الثاني، ورجّحه صاحب المدارك ۲۲ معلّلاً بأنّ الأمر ورد فيها بالتقصير، فلا يتحقّق الامتثال بغيره، وبذلك ردّ على المنتهى ، فتأمّل .
قوله في حسنة معاوية بن عمّار : (بمشقص ) . [ ح 6 / 7659] قال طاب ثراه :
قال أبو عبيد : نصل السهم إن كان طويلاً غير عريض فهو مشقص ، وإن كان عريضا فهو معبل . ۲۳
وقال أبو حنيفة الدينوريّ : هو كلّ نصل فيه عترة، وهو الناتي وسط الحربة . ۲۴
وقال الخليل : هو سهم فيه نصل عريض يرمى به الوحش . ۲۵
وقال الداووديّ : هو السكّين . ولا يصحّ قوله وإنّما أخذه على المعنى .
وقال الآبيّ : قيل : قد يُطلق ويُراد به الجَلَم، وهو محرّكة ما يجزّ به الشعر من جلمه إذا قطعه . ۲۶

1.النهاية، ص ۲۱۵.

2.المبسوط للطوسي، ج ۱، ص ۳۵۵.

3.السرائر، ج ۱، ص ۵۳۶ .

4.مختلف الشيعة، ج ۴، ص ۲۱۷.

5.المهذّب، ج ۱، ص ۲۴۲.

6.المقنعة، ص ۴۰۶.

7.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۱۵۷، ح ۵۲۲ ؛ وسائل الشيعة، ج ۱۳، ص ۵۰۵ ، ح ۱۸۳۱۸.

8.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۱۵۷، ح ۵۲۳ ؛ وسائل الشيعة، ج ۱۳، ص ۵۰۶ ، ح ۱۸۳۱۹.

9.الاستبصار، ج ۲، ص ۲۴۲، ذيل الحديث ۸۴۲ .

10.المبسوط، ج ۱، ص ۳۶۳.

11.اُنظر: الوسيلة لابن حمزة، ص ۱۷۶؛ شرائع الإسلام، ج ۱، ص ۲۳۰؛ تذكرة الفقهاء، ج ۸ ، ص ۴۳۸ ؛ قواعد الأحكام، ج ۱، ص ۴۵۲؛ مدارك الأحكام، ج ۸، ص ۴۶۱.

12.الفقيه، ج ۲، ص ۳۷۸، ح ۲۷۵۰؛ تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۴۸ ۴۹، ح ۱۴۹، وص ۱۵۸، ح ۵۲۶ ؛ الاستبصار، ج ۲، ص ۲۴۲، ح ۸۴۳ ؛ وسائل الشيعة، ج ۱۲، ص ۳۲۱، ح ۱۶۴۰۶؛ وج ۱۳، ص ۵۱۰ ، ح ۱۸۳۳۰.

13.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۱۵۸، ح ۵۲۵ ؛ الاستبصار، ج ۲، ص ۲۴۲، ح ۸۴۲ ؛ وسائل الشيعة، ج ۱۳، ص ۵۱۰ ، ح ۱۸۳۲۸؛ وج ۱۴، ص ۲۲۹، ح ۱۹۰۵۹.

14.الخلاف، ج ۲، ص ۳۳۰، المسألة ۱۴۴.

15.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۱۶۰، ح ۵۳۳ ؛ وسائل الشيعة، ج ۱۴، ص ۲۲۴، ح ۱۹۰۴۴.

16.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۴۸۴، ح ۱۷۲۴؛ وسائل الشيعة، ج ۱۴، ص ۲۲۲، ح ۱۹۰۳۸.

17.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۱۶۰، ح ۵۳۴ ؛ وسائل الشيعة، ج ۱۴، ص ۲۲۴، ح ۱۹۰۴۵.

18.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۱۶۰، بعد الحديث ۵۳۲ .

19.روضة المتقين، ج ۴، ص ۴۹۴.

20.النهاية، ص ۲۴۶. ومثله في تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۱۵۸، بعد الحديث ۵۲۴ .

21.حكاه عنه في مدارك الأحكام، ج ۸ ، ص ۴۶۱. ولفظُة في منتهى المطلب، ج ۲، ص ۸۷۹ هكذا: «والتقصير متعيّن في عمرة التمتع لأنّه يوجر الحلق إلى مِنى». وقال في ص ۷۱۱ : «لو قصّ الشعر بأي شيء كان أجزأه، وكذا لو نتفه أو أزاله بالنورة؛ لأنّ القصد الإزالة والأمر ورد مطلقا، فيجري كلّما يتناوله الأطلاق، لكنّ الأفضل التقصير في إحرام العمرة والحلق في الحجّ».

22.مدارك الأحكام، ج ۸ ، ص ۴۶۱.

23.غريب الحديث، ج ۲، ص ۲۵۷.

24.حكاه عنه النووي في شرح صحيح مسلم، ج ۸ ، ص ۲۳۲.

25.ترتيب كتاب العين، ج ۲، ص ۹۳۲ (شقص).

26.اُنظر: النهاية، ج ۱، ص ۲۹۰ (جلم).

  • نام منبع :
    شرح فروع الکافي ج5
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقيق : المحمودی، محمد جواد ؛ الدرایتی محمد حسین
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 184253
صفحه از 856
پرینت  ارسال به