329
شرح فروع الکافي ج5

باب الغدو إلى عرفات وحدودها

قد سبق استحباب الإفاضة من منى إلى عرفات بعد طلوع الفجر ، والتفصيل فيها .
وفي المنتهى :
وحدّ عرفة من بطن عُرنة وثويّة ونَمِرة إلى ذي المجاز، فلا يجوز الوقوف في هذه الحدود، ولا الوقوف تحت الأراك، فإنّ هذه المواضع ليست من عرفات ، فلو وقف بها بطل حجّه ، وبه قال الجمهور كافّة، ۱ إلّا ما حكي عن مالك: أنّه لو وقف ببطن عرنة أجزأه ولزمه الدم . ۲
وقال ابن عبد البرّ : أجمع الفقهاء على أنّه لو وقف ببطن عرنة لم يجزه . ۳
لنا أنّ هذه حدود وليست من عرفة، وما رواه الجمهور عن النبيّ صلى الله عليه و آله أنّه قال : «كلّ عرفة موقف، وارتفعوا عن بطن عرنة ». ۴
ومن طريق الخاصّة: ما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمّار، ۵ عن أبي عبداللّه عليه السلام : «وحدّ عرفة من بطن عُرنَة وثويّة ونمرة إلى ذي المجاز، وخلف الجبل موقف ». ۶
وعن أبي بصير، ۷ قال : قال أبو عبداللّه عليه السلام : «حدّ عرفات من المأزمين إلى أقصى الموقف ». ۸
وفي الموثّق عن إسحاق بن عمّار، عن أبي الحسن عليه السلام قال : «قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : ارتفعوا عن وادي عرنة بعرفات ». ۹
وعن سماعة بن مهران، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : [ واتّق الأراك ونمرة وبطن عرنة وثويّة وذاالمجاز فإنّه ليس من عرفة، فلا تقف فيه». ۱۰
وعن أبي بصير، عن أبي عبداللّه عليه السلام ، قال:] «إنّ أصحاب الأراك الذين ينزلون تحت الأراك لا حجّ لهم » ۱۱ يعني من وقف تحت الأراك . ۱۲
ويجوز النزول تحت الأراك إلى أن تزول الشمس، ثمّ يمضي إلى الموقف، فيقف هناك؛ لما رواه الشيخ عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «لا ينبغي الوقوف تحت الأراك، فأمّا النزول تحته حتّى تزول الشمس وينهض إلى الموقف فلا بأس ». ۱۳
والمستحبّ أن يضرب خباءه أو قبّته بنمرة دون عرفة ودون الموقف، كما فعل رسول اللّه صلى الله عليه و آله فإذا جاء وقت الوقوف مضى ووقف في الموقف . ۱۴
قوله : (عن عبد الحميد الطائي ) . [ ح 2 / 7734] هو عبد الحميد بن عواض، وكان ثقة، وقد قتله الرشيد . ۱۵
وقوله: (وأمّا أنتم) [ ح 2 / 7734] يعني المشاة ، ودلّ على رجحان خروج المشاة قبل صلاة الغداة من منى كصاحب الأعذار؛ لتضرّرهم من الركبان لو ارتحلوا معهم، فيصلون هؤلاء في الطريق، ويجوز لهم الارتحال منها ليلاً بحيث تكون صلاتهم بعرفات؛ للأصل وعدم دليل على خلافه ، والظاهر الوفاق عليه .
قوله في حسنة معاوية بن عمّار : (وأن تجعلني اليوم ممّن تباهي به من هو أفضل منّي ) . [ ح 3 / 7735] قال طاب ثراه :
يعني تباهي به الملائكة، أي تثني عليهم عندهم، وتعظّمهم بحضرتهم، وتقول للملائكة : انظروا إلى عبادي جاؤوني شعثاء غبراء، اُشهدكم أنّي قد غفرت لهم ، ۱۶ ويكون هذا واللّه أعلم تذكيراً للملائكة في قولهم : «أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا»۱۷ ، وتحقيقا لقوله سبحانه وتعالى : «إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ» .

1.المجموع للنووي، ج ۸ ، ص ۱۲۰؛ تحفة الفقهاء، ج ۱، ص ۴۰۵؛ الجوهر النقي، ج ۵ ، ص ۱۱۵؛ المغني والشرح الكبير لابني قدامة، ج ۳، ص ۴۲۸؛ المحلى، ج ۷، ص ۱۸۸؛ بداية المجتهد، ج ۱، ص ۲۷۹.

2.الاستذكار، ج ۴، ص ۲۷۵؛ التمهيد، ج ۲۴، ص ۴۲۰؛ تفسير القرطبي، ج ۲، ص ۴۱۸؛ المغني لابن قدامة، ج ۳، ص ۴۲۸؛ الشرح الكبير، ج ۳، ص ۴۲۷ ۴۲۸؛ المجموع للنووي، ج ۸ ، ص ۱۲۰.

3.حكياه عنه ابنا قدامة في المغني والشرح الكبير، ج ۳، ص ۴۲۸.

4.سنن ابن ماجة، ج ۲، ص ۱۰۰۲، ح ۳۰۱۲؛ المعجم الكبير للطبراني، ج ۲، ص ۱۳۸؛ كنز العمّال، ج ۵ ، ص ۶۱ ، ح ۱۲۰۵۰.

5.في الهامش بخطّ الأصل: «هذه الرواية هي التي رواه المصنّف عن صفوان بن يحيى، عن معاوية بن عمّار بضميمة، والشيخ أيضا رواها مع الضميمة بهذا السند بعينه، وهي مجهولة بمحمّد بن إسماعيل، وإنّما حكم العلّامة بصحّتها بناء [ على] ما زعمه من أنّ محمّد بن إسماعيل هو ابن بزيع، وقد ذكرنا مرارا أنّه هو البندقي النيشابوري، وهو مجهول الحال، منه عفي عنه».

6.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۱۷۹، ح ۶۰۰ ، وهذا هو الحديث الثالث من هذا الباب من الكافي. ورواه الصدوق في الفقيه، ج ۲، ص ۴۶۳ ۴۶۴، ح ۲۹۷۹؛ وسائل الشيعة، ج ۱۳، ص ۵۳۱ ، ح ۱۸۳۷۶.

7.في هامش الأصل: «في دلالة خبر أبي بصير على مدّعاه تأمّل، منه».

8.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۱۸۰، ح ۶۰۱ . وهذا هو الحديث السادس من هذا الباب من الكافي. وسائل الشيعة، ج ۱۳، ص ۵۳۱ ، ح ۱۸۳۷۷.

9.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۱۸۰، ح ۶۰۲ ؛ وسائل الشيعة، ج ۱۳، ص ۵۳۲ ، ح ۱۸۳۷۹.

10.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۱۸۰ ۱۸۱، ح ۶۰۴ ؛ وسائل الشيعة، ج ۱۳، ص ۵۳۲ ، ح ۱۸۳۸۱.

11.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۱۸۱، ح ۶۰۶ ؛ وسائل الشيعة، ج ۱۳، ص ۵۳۲ ، ح ۱۸۳۷۸.

12.منتهى المطلب، ج ۲، ص ۷۲۲. وما بين الحاصرتين منه.

13.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۱۸۱، ح ۶۰۵ ؛ وسائل الشيعة، ج ۱۳، ص ۵۳۳ ، ح ۱۸۳۸۲.

14.اُنظر: تذكرة الفقهاء، ج ۸ ، ص ۱۶۷؛ فتح العزيز، ج ۷، ص ۳۵۳؛ المجموع للنووي، ج ۸ ، ص ۷۹؛ تلخيص الحبير، ج ۷، ص ۳۵۳.

15.رجال النجاشي، ص ۴۲۴، ترجمة مرازم بن حكيم، برقم ۱۱۳۸؛ رجال الطوسي، ص ۳۳۹، الرقم ۵۰۴۵ ؛ خلاصة الأقوال، ص ۲۰۷.

16.اُنظر: وسائل الشيعة، ج ۱۳، ص ۵۵۱ ۵۵۲ ، ح ۱۸۴۱۹.

17.البقرة (۲): ۳۰.


شرح فروع الکافي ج5
328

باب نزول منى وحدودها

قد اشتهر بين الأصحاب استحباب نزول منى ليلة عرفة، والبيتوتة بها إلى طلوع الفجر من يوم عرفة؛ للاستراحة والخروج منها بعد صلاة الفجر بها، وكراهة الخروج منها قبل الفجر إلّا لعذر كالمرض والهمم وخوف الزحام والعدوّ . والأفضل الوقوف بها إلى طلوع الشمس، وكراهة الجواز عن وادي محسّر لو نفر قبل طلوعها لغير إمام الحاجّ، واستحباب الوقوف بها إلى طلوع الشمس له ليخرج بعد الحجيج .
ويستفاد ذلك كلّه من مجموع أخبار قد ذكر المصنّف قدس سره بعضها في البابين المتقدّمين ، ويروي بعضها في الباب الآتي .
ومنها : ما رواه الشيخ في الصحيح عن هشام بن الحكم، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «لا يَجوز وادي محسّر حتّى تطلع الشمس ». ۱ وظاهر بعض هذه الأخبار الوجوب والحرمة، لكن حملا على الاستحباب والكراهة المؤكّدين؛ عملاً بأصالة البراءة .
وظاهر بعض الأصحاب إبقاؤها على الظاهر ، فقد قال الشيخ في النهاية والمبسوط : «لا يجوز له أن يجوز وادي محسّر إلّا بعد طلوع الشمس ». ۲
وفي التهذيب:
قد بيّنا أنّه يخرج الإنسان بعد طلوع الفجر من منى إلى عرفات، وموسّع له إلى طلوع الشمس، ولا يجوز أن يجوز وادي محسَّر إلّا بعد طلوع الشمس ، فأمّا الإمام فلا يخرج منه إلّا بعد طلوع الشمس . ۳
وحكى في المختلف ۴ عن أبي الصلاح أنّه قال : «لا يجوز أن يفيض منها قبل الفجر مختاراً ». ۵
وعن ابن البرّاج أنّه قال في ذيل التروك المفروضة : «ولا يخرج أحد من منى إلى عرفات إلّا بعد طلوع الفجر . وأنّه قال في ذيل تلك التروك : «ولا يجوز الخارج منها وادي محسّر إلّا بعد طلوع الشمس ». ۶ ولعلّهم أرادوا الكراهة المشدّدة كما فيما سبق عن الشيخ .

1.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۱۷۸، ح ۵۹۷ ؛ وسائل الشيعة، ج ۱۳، ص ۵۲۸ ، ح ۱۸۳۷۰.

2.النهاية، ص ۲۴۹ ۲۵۰؛ المبسوط، ج ۱، ص ۳۶۶.

3.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۱۷۸، باب الغدوّ إلى عرفات (۱۳).

4.مختلف الشيعة، ج ۴، ص ۲۳۲ ۲۳۳.

5.الكافي في الفقه، ص ۲۱۳.

6.المهذّب، ج ۱، ص ۲۵۱.

  • نام منبع :
    شرح فروع الکافي ج5
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقيق : المحمودی، محمد جواد ؛ الدرایتی محمد حسین
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 189706
صفحه از 856
پرینت  ارسال به