471
شرح فروع الکافي ج5

باب الزيارة والغسل فيها

أراد بالزيارة طواف الحجّ . وفي المنتهى:
يسمّى طواف الزيارة؛ لأنّه يأتي من منى فيزور البيت ولا يقيم بمكّة، بل يرجع إلى منى، ويسمّى أيضا طواف الإفاضة، لأنّه يأتي به عند إفاضته من منى إلى مكّة . ۱
وهو ركن من أركان الحجّ عند علماء الإسلام على ما ذكره في المنتهى ، ۲ واحتجّ على وجوبه بقوله تعالى : «وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ»۳ ، وبما رواه الجمهور عن عائشة، قالت : حججنا مع النبيّ صلى الله عليه و آله فأفضنا يوم النحر، فحاضت صفيّة، فأراد النبيّ صلى الله عليه و آله منها ما يريد الرجل من أهله ، فقلت : يارسول اللّه إنّها حائض ، قال : «أحابستنا هي؟» قالوا : يارسول اللّه ، انّها قد أفاضت ليوم النحر ، قال : «اخرجوا »، ۴ حيث دلّ على أنّ هذا الطواف لابدّ منه وأنّه جالس لمن لم يأت به .
وبما رواه الشيخ عن عمر بن يزيد، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «ثمّ احلق رأسك واغتسل، وقلّم أظفارك، وخُذ من شاربك، وزر البيت وطف به اُسبوعا تفعل كما صنعت يوم قدمت مكّة». ۵
وبأنّ الحجّ أحد المنسكين، فكان الطواف واجبا فيه كالعمرة .
واختلفوا في وقت هذا الطواف اختياراً بعد الإجماع على جواز فعله إلى آخر ذي الحجّة للمضطرّ ، فالمشهور بين الأصحاب أنّه لا يجوز للمتمتّع تأخيره عن يوم الحادي عشر، وأنّه لو أخّره عنه أتمّ وأجزأ، وأنّه يجوز ذلك للمفرد والقارن . ۶
والفارق صحيحة معاوية بن عمّار، عن أبي عبداللّه عليه السلام ، قال : سألته عن المتمتّع متى يزور البيت؟ قال : «يوم النحر أو من الغد ولا يؤخّر ، والمفرد والقارن ليسا بسواء موسّع عليهما ». ۷
وظاهر المصنّف قدس سره كراهية تأخيره عنه مطلقا، متمتّعا كان الحاجّ أو غيره، حيث إنّه لم يتعرّض في الباب إلّا لما دلّ على استحباب تعجيله مطلقا من حسنة الحلبيّ ۸ ومعاوية بن عمّار ، ۹ ويؤكّدهما إطلاق صحيحة عبداللّه بن سنان، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «لا بأس أن تؤخّر زيارة البيت إلى يوم النفر، إنّما يستحبّ تعجيل ذلك مخافة الأحداث والمعاريض ». ۱۰
وصحيحة الحلبيّ، عن أبي عبداللّه عليه السلام ، قال : سألته عن رجل نسي أن يزور البيت حتّى أصبح ، فقال : «ربّما أخّرته حتّى تذهب أيّام التشريق ، ولكن لا تقربوا النساء والطيب ». ۱۱
وصحيحة هشام بن سالم، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «لا بأس إن أخّرت زيارة البيت إلى أن تذهب أيّام التشريق ، إلّا أنّك لا تقرب النساء ولا الطيب ». ۱۲
وموثّق إسحاق بن عمّار، قال : سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن زيارة البيت يؤخّر إلى اليوم الثالث؟ قال : «تعجيلها أحبّ إليّ [ وليس به بأس إن أخّرها]». ۱۳
وهذا القول هو أظهر في الجمع؛ حملاً للنهي في الخبر الأوّل على الكراهة الشديدة ، وهو ظاهر الصدوق أيضا ، وصرّح به ابن إدريس حيث قال :
فإذا فرغ المتمتّع من مناسكه يوم النحر بمنى فليتوجّه إلى مكّة يوم النحر لطواف الحجّ وسعيه، فإن أخّره لعذر زار البيت من الغد ويستحبّ له أن لا يؤخّر طواف الحجّ وسعيه أكثر من ذلك، فإن أخّره فلا بأس عليه، وله أن يأتي بالطواف والسعي طول ذي الحجّة؛ لأنّه من شهور الحجّ، وإنّما يقدّم ذلك على جهة التأكيد للمتمتّع . ۱۴
وقد ورد في بعض الأخبار نهي المتمتّع عن تأخيره عن يوم النحر، رواه منصور بن حازم في الصحيح، قال : سمعت أبا عبداللّه عليه السلام يقول : «لا يبيت المتمتّع يوم النحر، بمنى حتّى يزور ». ۱۵
ومحمّد بن مسلم في الصحيح عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : سألته عن المتمتّع متى يزور البيت؟ قال : «يوم النحر ». ۱۶
وهو محمول على الكراهة إجماعا .
ويستحبّ الغسل لهذا الطواف إجماعا ، وقد سبق في أبواب الأغسال ما يدلّ عليه .
وقال الشيخ في التهذيب :
ولا بأس أن يغتسل الإنسان بمنى، ويجيء إلى مكّة ويطوف بذلك الغسل بالبيت ، وكذلك لا بأس أن يغتسل بالنهار ويطوف بالليل ما لم ينقض ذلك الغسل بحدث أو نوم، فإن نقضه بحدث أو نوم فإنّه يعيد الغسل حتّى يطوف وهو على غسل . ۱۷
واحتجّ عليه بخبر الحسين بن أبي العلاء، ۱۸ وهو صحيح بناءً على تزكية السيّد جمال الدِّين إيّاه في البشرى، ۱۹ وموثّق إسحاق بن عمّار، ۲۰ وبصحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج، قال : سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن الرجل يغتسل للزيارة ثمّ ينام، أيتوضّأ قبل أن يزور؟ قال : «يعيد غسله لأنّه إنّما دخل بوضوء ». ۲۱
ولا اختصاص لهذا الغسل بالرجال، بل يستحبّ للنساء أيضا، لصحيحة عمران الحلبيّ، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام : أتغتسل النساء إذا أتين البيت؟ فقال : «نعم، إنّ اللّه تعالى يقول : «وَطَهِّرْ بَيْتِي لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ»۲۲ ، وينبغي للعبد أن لا يدخل إلّا وهو طاهر قد غسل عنه العرق والأذى وتطهّر ». ۲۳

1.منتهى المطلب، ج ۲، ص ۷۶۶.

2.نفس المصدر.

3.الحج (۲۲) : ۲۹ .

4.صحيح البخاري، ج ۲، ص ۱۸۹ ۱۹۰؛ السنن الكبرى للبيهقي، ج ۵ ، ص ۱۴۶؛ السنن الكبرى للنسائي، ج ۲، ص ۴۶۴.

5.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۲۵۰، ح ۸۴۸ ؛ وسائل الشيعة، ج ۱۴، ص ۲۴۷، ح ۱۹۱۱۱.

6.تذكرة الفقهاء، ج ۸ ، ص ۳۴۹ ۳۵۰، المسألة ۶۷۰ ؛ مختلف الشيعة، ج ۴، ص ۲۰۴؛ منتهى المطلب، ج ۲، ص ۷۶۷؛ مدارك الأحكام، ج ۸ ، ص ۱۰۹ ۱۱۰.

7.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۲۴۹، ح ۸۴۴ ؛ الاستبصار، ج ۲، ص ۲۹۱، ح ۱۰۳۶؛ وسائل الشيعة، ج ۱۴، ص ۲۴۵، ح ۱۹۱۰۶.

8.الحديث الثالث من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج ۱۴، ص ۲۴۵، ح ۱۹۱۰۵.

9.الحديث الرابع من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج ۱۴، ص ۲۴۳، ح ۱۹۰۹۹.

10.الاستبصار، ج ۲، ص ۲۹۱، ح ۱۰۳۴؛ وسائل الشيعة، ج ۱۴، ص ۲۴۵، ح ۱۹۱۰۷.

11.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۲۵۰، ح ۸۴۷ ؛ الاستبصار، ج ۲، ص ۲۹۱، ح ۱۰۳۵؛ وسائل الشيعة، ج ۱۴، ص ۲۳۳ ۲۳۴، ح ۱۹۰۷۴.

12.الفقيه، ج ۲، ص ۳۸۹، ح ۲۷۸۵؛ وسائل الشيعة، ج ۱۴، ص ۲۴۴، ح ۱۹۱۰۱.

13.الفقيه، ج ۲، ص ۳۸۸، ح ۲۷۸۱؛ تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۲۵۰، ح ۸۴۵ ؛ الاستبصار، ج ۲، ص ۲۹۱، ح ۱۰۳۳؛ وسائل الشيعة، ج ۱۴، ص ۲۴۶، ح ۱۹۱۰۸. وما بين الحاصرتين من مصادر الحديث.

14.السرائر، ج ۱، ص ۶۰۲ .

15.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۲۴۹، ح ۸۴۲ ؛ الاستبصار، ج ۲، ص ۲۹۰ ۲۹۱، ح ۱۰۳۱؛ وسائل الشيعة، ج ۱۴، ص ۲۴۵، ح ۱۹۱۰۴.

16.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۲۴۹، ح ۸۴۱ ؛ الاستبصار، ج ۲، ص ۲۹۰، ح ۱۰۳۰؛ وسائل الشيعة، ج ۱۴، ص ۲۴۴، ح ۱۹۱۰۳.

17.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۲۵۰.

18.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۲۵۰ ۲۵۱، ح ۸۴۹ ؛ وسائل الشيعة، ج ۱۴، ص ۲۴۸، ح ۱۹۱۱۳.

19.حكاه عنه ابن داود في رجاله، ص ۷۹، الرقم ۴۶۸.

20.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۲۵۱، ح ۸۵۰ ؛ وسائل الشيعة، ج ۱۴، ص ۲۴۸، ح ۱۹۱۱۴.

21.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۲۵۱، ح ۸۵۱ ؛ وسائل الشيعة، ج ۱۴، ص ۲۴۹، ح ۱۹۱۱۶.

22.الحج (۲۲) : ۲۶ .

23.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۲۵۱، ح ۸۵۲ ؛ وسائل الشيعة، ج ۱۴، ص ۲۴۷، ح ۱۹۱۱۲.


شرح فروع الکافي ج5
470
  • نام منبع :
    شرح فروع الکافي ج5
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقيق : المحمودی، محمد جواد ؛ الدرایتی محمد حسین
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 232088
صفحه از 856
پرینت  ارسال به