475
شرح فروع الکافي ج5

شرح فروع الکافي ج5
474

باب طواف النساء

أجمع الأصحاب عدا ابن أبي عقيل ۱ على وجوب طواف النساء على الرجال والنساء والخصيان من البالغين وغيرهم في الحجّ مطلقا وفي العمرة المفردة ، ۲ بل ربّما عبّر عنه بالفرض بناءً على أنّه المراد بقوله سبحانه : «وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ» ، ۳ ودلَّ عليه خبر حمّاد بن عثمان . ۴
ويدلّ على ذلك في الحجّ زائداً على ما رواه المصنّف في الباب ما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : سألته عن رجل نسي طواف النساء حتّى يرجع إلى أهله، قال : «لا تحلّ له النساء حتّى يزور البيت ويطوف، فإن مات فليقض عنه وليّه [ أو غيره]، فأمّا ما دام حيّا فلا يصلح أن يقضى عنه، وإن نسي رمى الجمار فليسا بسواء، الرمي سنّة والطواف فريضة ». ۵
وعن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «لولا ما منَّ اللّه به على الناس من طواف الوداع لرجعوا إلى منازلهم، ولا ينبغي لهم أن يمسّوا نساءهم »، يعني لا تحلّ لهم النساء حتّى يرجع فيطوف بالبيت اُسبوعا آخر بعدما سعى بين الصفا والمروة، وذلك على النساء والرجال واجب . ۶
وأخبار متكثّرة وردت فيمن نسيه وستأتي .
وحكى في المختلف عن ابن أبي عقيل أنّه قال : «إذا فرغ من الذبح والحلق زار البيت، فيطوف سبعة أشواط ويسعى، فإذا فعل ذلك أحلَّ من إحرامه »، وأنّه نُسب القول بتوقّف حلّها إليه إلى رواية شاذّة . ۷
والدليل عليه في العمرة المفردة خبر إسماعيل بن أبي رباح، قال : سألت أبا الحسن عليه السلام عن مفرد العمرة، عليه طواف النساء؟ قال : «نعم ». ۸
ورواية إبراهيم بن عبد الحميد، عن عمر أو غيره، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «المعتمر يطوف ويسعى ويحلق»، قال: «ولابدّ له بعد الحلق من طواف آخر »، ۹ وما سيأتي عن محمّد بن عيسى . ۱۰
وقد ورد في بعض الأخبار ما يدلّ على عدم وجوبه فيها ، رواه أبو خالد مولى عليّ بن يقطين، قال : سألت أبا الحسن عليه السلام عن مفرد العمرة، عليه طواف النساء؟ فقال : «ليس عليه طواف النساء ». ۱۱ وسيف عن يونس، [ عمّن] رواه قال : ليس طواف النساء إلّا على الحاجّ . ۱۲
وحمل الشيخ في التهذيب ۱۳ الأوّل على من اعتمر عمرة مفردة في أشهر الحجّ ، ثمّ أراد أن يجعلها متعة للحجّ .
واستدلّ له ببعض ما سنرويه ممّا دلّ على عدم وجوبه في عمرة التمتّع، واطّرح الثاني مستنداً بعدم استناده إلى معصوم؛ ولمعارضتها لأخبار متكثّرة .
وأمّا عمرة التمتّع فالمشهور بين الأصحاب عدم وجوبه فيهما، لما رواه الشيخ في الصحيح عن محمّد بن عيسى، قال : كتب أبو القاسم مخلد بن موسى الرازيّ إلى الرجل عليه السلام يسأله عن العمرة المبتولة، هل على صاحبها طواف النساء ؟ وعن العمرة التي يتمتّع بها إلى الحجّ ؟ فكتب : «أمّا العمرة المبتولة فعلى صاحبها طواف النساء ، وأمّا التي يتمتّع بها إلى الحجّ فليس على صاحبها طواف النساء ». ۱۴
وعن صفوان بن يحيى، قال : سأله أبو حارث عن رجل تمتّع بالعمرة إلى الحجّ، فطاف وسعى وقصّر، هل عليه طواف النساء؟ قال : «لا ، إنّما طواف النساء بعد الرجوع من منى ». ۱۵
ولأخبار متكثّرة وردت في كيفيّة التمتّع، خالية كلّها عن طواف النساء في عمرته ، وقد سبقت في باب ما على المتمتّع من الطواف وغيره .
وقد حكى في الدروس ۱۶
قولاً بوجوبه عليه أيضا عن بعض الأصحاب من غير أن يعيّن قائله، وكأنّه تمسّك بما روى سليمان بن حفص المروزيّ عن الفقيه عليه السلام قال : «إذا حجّ الرجل متمتّعا فطاف بالبيت وصلّى ركعتين خلف مقام إبراهيم عليه السلام وسعى بين الصفا والمروة وقصّر فقد حلّ له كلّ شيء ما خلا النساء؛ لأنّ عليه لتحلّه النساء طوافا وصلاة». ۱۷ وهو غير صريح فيما ذكر، بل يحتمل إرادة وجوبه في حجّه لا في عمرته.
وهو ليس بركن إجماعا، فتركه غير مفسد للنسك مطلقا، ولم أجد نصّا صريحا ولا تصريحا من الأصحاب في حكم تركه عمداً وجهلاً، إلّا أنّهم صرّحوا بكونه غير ركن، وهو مستلزم لما ذكر، ولولا ذلك لأمكن القدح فيه؛ لشمول ما ورد في أنّ ترك الطواف جهلاً مفسد للحجّ لطواف النساء أيضا ، وقد سبق في باب الطواف واستلام الأركان .
وأمّا تركه نسيانا فقال الشيخ في التهذيب :
من نسي طواف النساء حتّى يرجع إلى أهله، فإنّه لا يحلّ له النساء حتّى يعود فيطوف طواف النساء، فإن لم يتمكّن من الرجوع جاز له أن يأمر مَن يطوف عنه، فإن مات ولم يكن قد طاف فليقض عنه وليّه . ۱۸
واحتجّ عليه بصحيحة معاوية بن عمّار ۱۹ المتقدّمة وصحيحته الاُخرى، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن رجل نسي طواف النساء حتّى يرجع إلى أهله؟ قال : «يرسل فيُطاف عنه، فإن توفّي قبل أن يطاف عنه فليطف عنه وليّه ». ۲۰
وصحيحته الاُخرى عن أبي عبداللّه عليه السلام في رجل نسي طواف النساء حتّى أتى الكوفة، قال : «لا تحلّ له النساء حتّى يطوف بالبيت »، قلت : فإن لم يقدر؟ قال : «يأمر مَن يطوف عنه ». ۲۱
ويدلّ عليه أيضا ما رواه المصنّف في الباب من حسنة معاوية بن عمّار ، ۲۲ والأكثر لم يشترطوا في جواز الاستنابة تعذّر العود، كما هو ظاهر بعض ما ذكر من الأخبار ، وإليه ذهب الشيخ في المبسوط ، وبذلك ميّزه عن طواف الزيارة، فقال :
ومن نسي طواف الزيارة حتّى رجع إلى أهله وواقع أهله كان عليه بدنة والرجوع إلى مكّة وقضاء طواف الزيارة، وإن كان طواف النساء وذكر بعد رجوعه إلى أهله جاز أن يستنيب غيره ليطوف عنه، فإن أدركه الموت قضى عنه وليّه . ۲۳
ولقد أجمعوا على أنّ تركه غير موجب للبدنة إلّا مع الجماع قبل قضائه، ۲۴ كما هو شأن الجماع قبل طواف النساء، وقد سبق في باب المحرم يأتي أهله وقد قضى بعض مناسكه .
ثمّ الظاهر من إطلاق الأخبار والفتاوى عدم حلّ النساء فيما إذا تركه وإن طاف طواف الوداع ، ويظهر من الصدوق في الفقيه الميل إلى إجزائه عنه، حيث قال بعدما ذكر أخبار نسيانه ـ: «وروي فيمن ترك طواف النساء أنّه إن كان طاف طواف الوداع فهو طواف النساء ». ۲۵ وأشار به إلى خبر إسحاق بن عمّار ۲۶ المتقدّم .
وفي المختلف :
اعلم أنّ ابن بابويه قال : ومتى لم يطف الرجل طواف النساء لم تحلّ له النساء حتّى يطوف ، وكذلك المرأة لا يجوز لها أن تجامع حتّى تطوف طواف النساء، إلّا أن يكونا طافا طواف الوداع، فهو طواف النساء . وهذا القول في غاية الإشكال، فإنّ طواف الوداع مستحبّ وطواف النساء واجب ، فكيف يجزي عنه؟ ۲۷
هذا ، والمشهور توقّف حلّ الرجال على النساء أيضا على طوافهن للنساء ، ولم أجد قولاً بخلافه، وهو ظاهر إيجاب الشارع هذا الطواف عليهنّ .
نعم، استشكله العلّامة في المختلف ۲۸ مستنداً بعدم نصّ عليه، واختصاص النصوص في ذلك الباب بتوقّف حلّ النساء على الرجال على طوافهم ، فتأمّل .
والمشهور أنّ وقت هذا الطواف بعد السعي .
ويدلّ عليه الأخبار المتكثّرة الواردة في بيان أفعال الحجّ والعمرة، حيث أخّر فيها عن السعي وعطف في بعضها بلفظة «ثمّ» كحسنة معاوية بن عمّار المرويّة في الباب السابق، ۲۹ ومرسلة أحمد بن محمّد ۳۰ المرويّة في الباب الآتي .
وفرّعوا عليه وجوب إعادته بعد السعي لو قدّمه عليه ، لكنّ موثّق سماعة ۳۱ تدلّ على جواز تقديمه على السعي، وحمله الأكثر على الضرورة، وعدّوا منها خوف الحيض المتأخّر ، ۳۲ وحمله الشيخ في التهذيب ۳۳ على الساهي . وأنت خبير بعدم دلالة الترتيب على عدم الإجزاء لو وقع على خلافه ؛ لكفاية ترتّب الإثم عليه ، بل ظاهر المرسلة عدم وجوب الإعادة كما لا يخفى ، فتدبّر .
قوله في موثّق إسحاق بن عمّار : (لولا ما منَّ اللّه عزّ وجلّ على الناس من طواف النساء ) .] ح 3 / 7943] الظاهر طواف الوداع بدل طواف النساء؛ لئلّا تلزم المصادرة، وكان النساء من تصحيف النسّاخ أو من بعض الرواة عن عبداللّه بن سنان ، ويؤيّده أنّ الشيخ قدس سره قد روى هذا الخبر بعينه بسند آخر عن عبداللّه بن سنان عن إسحاق، وفيه: «الوداع»، ۳۴ وقد سبق .
قوله في خبر الحلبيّ : (أليس يزور البيت ) [ ح 6 / 7946] أي: أليس يرجع من منى إلى مكّة لوداع البيت، فليطف النساء بعد الرجوع .

1.اُنظر: مختلف الشيعة، ج ۴، ص ۳۰۰ و ۳۶۵.

2.اُنظر: منتهى المطلب، ج ۲، ص ۷۶۸؛ مختلف الشيعة، ج ۴، ص ۲۰۲؛ تذكرة الفقهاء، ج ۸ ، ص ۳۵۳، المسألة ۶۷۳ ؛ مدارك الأحكام، ج ۸ ، ص ۱۹۵.

3.الحجّ (۲۲): ۲۹.

4.الحديث الثاني من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج ۱۳، ص ۲۹۹، ح ۱۷۷۹۴.

5.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۲۵۳، ح ۸۵۷ ، و ص ۲۵۵، ح ۸۶۵ ، وص ۴۸۹، ح ۱۷۴۷؛ الاستبصار، ج ۲، ص ۲۳۳، ح ۸۰۷ ؛ وسائل الشيعة، ج ۱۳، ص ۴۰۶، ح ۱۸۰۷۷.

6.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۲۵۳، ح ۸۵۶ ؛ وسائل الشيعة، ج ۱۳، ص ۲۹۹، ح ۱۷۷۹۲.

7.مختلف الشيعة، ج ۴، ص ۳۰۰ ۳۰۱.

8.الكافي، باب المعتمر يطأ أهله، ح ۸ ؛ تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۲۵۳، ح ۸۵۸ ؛ الاستبصار، ج ۲، ص ۲۳۱، ح ۸۰۱ ؛ وسائل الشيعة، ج ۱۳، ص ۴۵۵، ح ۱۸۱۷۷.

9.الكافي، باب المعتمر يطأ أهله، ح ۷؛ تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۲۵۴، ح ۸۵۹ ؛ الاستبصار، ج ۲، ص ۲۳۱ ۲۳۲، ح ۸۰۲ ؛ وسائل الشيعة، ج ۱۳، ص ۴۴۳، ح ۱۸۱۷۱.

10.وسائل الشيعة، ج ۱۳، ص ۴۴۲ ۴۴۳، ح ۱۸۱۷۰.

11.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۲۵۴، ح ۸۶۰ ؛ الاستبصار، ج ۲، ص ۲۳۲، ح ۸۰۳ ؛ وسائل الشيعة، ج ۱۳، ص ۴۴۵، ح ۱۸۱۷۸.

12.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۲۵۴، ح ۸۶۳ ؛ الاستبصار، ج ۲، ص ۲۳۲، ح ۸۰۶ و ما بين الحاصرتين منه؛ وسائل الشيعة، ج ۱۳، ص ۴۴۶، ح ۱۸۱۷۹.

13.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۲۵۴.

14.الكافي، باب المحرم يطأ أهله، ح ۹؛ تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۱۶۳، ح ۵۴۵ ، و ص ۲۵۴، ح ۸۶۱ ؛ الاستبصار، ج ۲، ص ۲۳۲، ح ۸۰۴ ، و ص ۲۴۵، ح ۸۵۴ ؛ وسائل الشيعة، ج ۱۳، ص ۴۴۲ ۴۴۳، ح ۱۸۱۷۰.

15.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۲۵۴، ح ۸۶۲ ؛ الاستبصار، ج ۲، ص ۲۳۲، ح ۸۰۵ ؛ وسائل الشيعة، ج ۱۳، ص ۴۴۴، ح ۱۸۱۷۵.

16.الدروس الشرعيّة، ج ۱، ص ۳۲۹، الدرس ۸۶ .

17.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۱۶۲، ح ۵۴۴ ؛ وسائل الشيعة، ج ۱۳، ص ۴۴۴ ۴۴۵، ح ۱۸۱۷۶.

18.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۲۵۵، بعد الحديث ۸۶۴ .

19.وسائل الشيعة، ج ۱۳، ص ۴۰۶، ح ۱۸۰۷۷.

20.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۲۵۵ ۲۵۶، ح ۸۶۶ ؛ الاستبصار، ج ۲، ص ۲۳۳، ح ۸۰۸ ؛ وسائل الشيعة، ج ۱۳، ص ۴۰۷، ح ۱۸۰۷۸.

21.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۲۵۶، ح ۸۶۷ ؛ الاستبصار، ج ۲، ص ۲۳۳، ح ۸۰۹ ؛ وسائل الشيعة، ج ۱۳، ص ۴۰۷، ح ۱۸۰۷۹.

22.هو الحديث الخامس من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج ۱۳، ص ۴۰۷ ۴۰۸، ح ۱۸۰۸۱.

23.المبسوط، ج ۱، ص ۳۵۹. ومثله في النهاية، ص ۲۴۰.

24.اُنظر: مختلف الشيعة، ج ۴، ص ۱۶۰.

25.الفقيه، ج ۲، ص ۳۹۱، بعد الحديث ۲۷۸۹.

26.وسائل الشيعة، ج ۱۳، ص ۲۹۹، ح ۱۷۷۹۲.

27.مختلف الشيعة، ج ۴، ص ۳۰۱ ۳۰۲. و صرّح فيه أنّ ابن بابويه قال في رسالة، ولم أعثر عليه، ونحوه موجود في فقه الرضا عليه السلام ، ص ۲۳۰.

28.مختلف الشيعة، ج ۴، ص ۲۰۳.

29.الحديث الرابع من الباب المتقدّم؛ وسائل الشيعة، ج ۱۴، ص ۲۴۳، ح ۱۹۰۹۹.

30.الحديث الخامس من الباب المتقدم لا الباب الآتي؛ وسائل الشيعة، ج ۱۳، ص ۴۱۷، ح ۱۸۱۰۱.

31.الحديث السابع من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج ۱۳، ص ۴۱۸، ح ۱۸۱۰۲.

32.اُنظر: تذكرة الفقهاء، ج ۸ ، ص ۱۴۴؛ مدارك الأحكام، ج ۸ ، ص ۱۹۱.

33.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۱۳۳ ۱۳۴، ح ۴۳۹.

34.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۲۵۳، ح ۸۵۶ ؛ وسائل الشيعة، ج ۱۳، ص ۲۹۹، ح ۱۷۷۹۲.

  • نام منبع :
    شرح فروع الکافي ج5
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقيق : المحمودی، محمد جواد ؛ الدرایتی محمد حسین
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 184267
صفحه از 856
پرینت  ارسال به