487
شرح فروع الکافي ج5

باب التكبير في أيّام التشريق

قال الشيخ في المبسوط :
وينبغي أن يكبّر الإنسان بمنى عقيب خمس عشرة صلاة من الفرائض، يبدأ بالتكبير يوم النحر بعد الظهر إلى صلاة الفجر من اليوم الثالث، وفي الأمصار عقيب عشر صلوات، يبدأ عقيب الظهر يوم النحر إلى صلاة الفجر من اليوم الثاني من أيّام التشريق - إلى قوله - : ومن أصحابنا من قال : إنّ التكبير واجب . ۱
وبه قال في الاستبصار ۲ محتجّا بقوله تعالى : «وَاذْكُرُوا اللّه َ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ»۳ ، وبأخبار ظاهرة فيه، ذكر أكثرها المصنّف في الباب، ثمّ عارضها بموثّق عمّار بن موسى، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : سألته عن رجل ينسى أن يكبّر في أيّام التشريق؟ قال : «إن نسي حتّى قام [ من موضعه] فليس عليه شيء ». ۴
وأجاب : بأنّ نفي وجوب الإعادة لا يدلّ على نفي الوجوب، مستنداً بأنّ صلاة الجمعة واجبة وليس على من نسيها قضاء جمعة، وإنّما يلزمه فرض آخر . وقال : «ونظائر ذلك كثيرة ». ۵
وهذا القول هو محكي في المختلف ۶ عن السيّد المرتضى ، ۷ والأوّل هو المشهور بين الأصحاب ، ۸
وقد حملوا الأمر في الأخبار المشار إليها على الندب ، كما أنّ لفظ الواجب محمول عليه في موثّق عمّار بن موسى، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «التكبير واجب في دبر كلّ صلاة فريضة أو نافلة أيّام التشريق» ۹ بقرينة عطف النافلة على الفريضة، فإنّ أحداً لم يقل بوجوب الذِّكر عقيب النوافل ، فتأمّل .
ثمّ المشهور عدم استحبابه عقيب النوافل ؛ قال الشيخ في التهذيب : «فأمّا صلاة النافلة فليس بعدها تكبير أيّام التشريق ».
واحتجّ عليه بما رواه في الصحيح عن داوود بن فرقد، قال : قال أبو عبداللّه عليه السلام : «التكبير في كلّ فريضة وليس في النافلة تكبير أيّام التشريق »؟! ۱۰
وحمل موثّق عمّار المتقدّم على نفي الحظر عمّن كبّر بعدها؛ معلّلاً بأنّ الإنسان غير ممنوع عن التكبير في جميع الأحوال فكيف بعد صلاة النوافل .
وفي الاستبصار قال باستحبابه عقيب النوافل أيضا حيث قال : «فأمّا ما تضمّن خبر عمّار الساباطي فالوجه فيما يتعلّق بالنافلة أن نحمله على ضرب من الاستحباب دون الإيجاب ». ۱۱ واستشهد لنفي الإيجاب هنا بخبر داوود بن فرقد .
هذا ، وقد اختلفت الأخبار في كيفيّة التكبيرات ، ففي صحيحتي زرارة ۱۲ ومنصور بن حازم ۱۳ ما ترى ، ومثلهما في حسنة معاوية بن عمّار بزيادة: «والحمد للّه على ما أبلانا» ۱۴ في آخرها ، وروى الشيخ ۱۵ ما رواه المصنّف عن زرارة بهذا السند بعينه، وليس فيه قوله : «وللّه الحمد» في البين، واختلافها محمول على مراتب الفضيلة .
والمشهور بين الأصحاب ما قاله في المبسوط : وهو: «اللّه أكبر اللّه أكبر، لا إله إلّا اللّه واللّه أكبر، اللّه أكبر على ما هدانا، وله الشكر على ما أولانا ورزقنا من بهيمة الأنعام ». ۱۶
وفي النهاية ۱۷ والسرائر ۱۸ مثله ، لكن فيهما : «والحمد للّه » بدل «وله الشكر »، ولم أجد لهم مستنداً ، والأحسن ما تضمّنته الأخبار المشار إليها ، ثمّ إنّه يتحقّق الطلب بالمرّة ويستحبّ التكرار إجماعا، كما يفهم من صحيحة محمّد بن مسلم . ۱۹

1.المبسوط، ج ۱، ص ۳۸۰.

2.الاستبصار، ج ۲، ص ۲۹۹، باب التكبير أيّام التشريق.

3.البقرة (۲) : ۲۰۳ .

4.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۲۷۰، ح ۹۲۴، وص ۴۸۷، ح ۱۷۳۹؛ الاستبصار، ج ۲، ص ۲۹۹، ح ۱۰۷۱؛ وسائل الشيعة، ج ۷، ص ۴۶۵، ح ۹۸۷۳.

5.الاستبصار، ج ۲، ص ۲۹۹ ۳۰۰، ذيل الحديث ۱۰۷۱.

6.مختلف الشيعة، ج ۲، ص ۲۷۳.

7.الانتصار، ص ۱۷۱.

8.اُنظر: مدارك الأحكام، ج ۴، ص ۱۱۵ ۱۱۶؛ وج ۸ ، ص ۲۴۲ ۲۴۳.

9.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۲۷۰، ح ۹۲۳، وص ۴۸۸، ح ۱۷۴۴؛ الاستبصار، ج ۲، ص ۲۹۹، ح ۱۰۷۰؛ وسائل الشيعة، ج ۷، ص ۴۶۲، ح ۹۸۶۳، وص ۹۶۶ ۹۶۷، ح ۹۸۷۷.

10.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۲۷۰، ح ۹۲۵. ورواه أيضا في الاستبصار، ج ۲، ص ۳۰۰، ح ۱۰۷۲؛ وسائل الشيعة، ج ۷، ص ۴۶۷، ح ۹۸۷۸.

11.الاستبصار، ج ۲، ص ۳۰۰.

12.الحديث الثاني من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج ۷، ص ۴۵۸، ح ۹۸۵۳.

13.الحديث الثالث من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج ۷، ص ۴۵۹، ح ۹۸۵۴.

14.الحديث الرابع من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج ۷، ص ۴۵۹، ح ۹۸۵۵.

15.تهذيب الأحكام، ج ۳، ص ۱۳۹، ح ۳۱۳.

16.المبسوط للطوسي، ج ۱، ص ۳۸۰.

17.النهاية، ص ۱۳۶.

18.السرائر، ج ۱، ص ۶۱۰ ۶۱۱ .

19.الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج ۵ ، ص ۲۶۸، ح ۶۵۱۱ .


شرح فروع الکافي ج5
486

باب إتيان مكّة بعد الزيارة للطواف

أراد قدس سره بيان جواز إتيان مكّة للطواف المندوب في أيّام التشريق بعدما طاف طواف الحجّ ، وقد صرّح الأكثر به، وأنّ الأفضل تركه وعدم الخروج من منى ، منهم الشيخ في المبسوط، ۱ والشهيد في الدروس ، ۲ وحملوا النهي عنه في صحيحة العيص على أنّ تركه أفضل وأولى؛ للجمع بينها وبين صحيحة جميل بن درّاج، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «لا بأس أن يأتي الرجل مكّة فيطوف بها في أيّام منى ولا يبيت بها ». ۳
وصحيحة رفاعة، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن الرجل يزور البيت في أيّام التشريق؟ فقال : «نعم إن شاء ». ۴
وصحيحة يعقوب بن شعيب، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن زيارة البيت أيّام التشريق ، فقال : «حسن ». ۵
وموثّق إسحاق بن عمّار، قال : قلت لأبي إبراهيم عليه السلام : رجل زار فقضى طواف حجّه كلّه، أيطوف بالبيت أحبّ إليك أم يمضي على وجهه إلى منى؟ فقال : «أيّ ذلك شاء فعل ما لم يبت ». ۶ ويفصح عن هذا الجمع خبر المرادي . ۷

1.المبسوط للطوسي، ج ۱، ص ۳۷۹.

2.الدروس الشرعيّة، ج ۱، ص ۴۶۴، الدرس ۱۱۶.

3.الفقيه، ج ۲، ص ۴۷۹، ح ۳۰۱۳؛ تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۲۶۰، ح ۸۸۳ ، وص ۴۹۰، ح ۱۷۵۳؛ الاستبصار، ج ۲، ص ۲۹۵، ح ۱۰۵۰؛ وسائل الشيعة، ج ۱۴، ص ۲۵۹، ح ۱۹۱۴۱.

4.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۲۶۰، ح ۸۸۴ . ونحوه في الاستبصار، ج ۲، ص ۲۹۵، ح ۱۰۵۱؛ وسائل الشيعة، ج ۱۴، ص ۲۵۹، ح ۱۹۱۴۲.

5.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۲۶۰، ح ۸۸۵ ؛ وسائل الشيعة، ج ۱۴، ص ۲۵۹، ح ۱۹۱۴۳.

6.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۴۹۰، ح ۱۷۵۶؛ وسائل الشيعة، ج ۱۴، ص ۲۶۰، ح ۱۹۱۴۴.

7.الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي؛ الفقيه، ج ۲، ص ۴۷۹، ح ۳۰۱۴؛ تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۲۶۰ ۲۶۱، ح ۸۸۷ ، و ص ۴۹۰، ح ۱۷۵۵ ؛ الاستبصار، ج ۲، ص ۲۹۵، ح ۱۰۵۳؛ وسائل الشيعة، ج ۱۴، ص ۲۶۰، ح ۱۹۱۴۵.

  • نام منبع :
    شرح فروع الکافي ج5
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقيق : المحمودی، محمد جواد ؛ الدرایتی محمد حسین
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 230187
صفحه از 856
پرینت  ارسال به