495
شرح فروع الکافي ج5

شرح فروع الکافي ج5
494

باب نزول الحَصيبة

ذهب الأصحاب إلى استحباب التحصيب وهو النزول بالمُحْصّب بالأبطح والاستراحة فيه قليلاً اقتداءً برسول اللّه صلى الله عليه و آله وأهل بيته، فقد ضُربت قُبّة لرسول اللّه صلى الله عليه و آله بالأبطح فنزله ، عن أبي رافع وعن نافع عن ابن عمر: أنّه كان يصلّي به الظهر والعصر والمغرب والعشاء، ويهجع هجعة ويذكر ذلك عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله . ۱
وفي خبر أبي مريم، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «كان أبي ينزل الأبطح قليلاً ». ۲
وفي الصحيح عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : فإذا نفرت وانتهيت إلى الحصبة وهي البطحاء فشئت أن تنزل قليلاً، فإنّ أبا عبداللّه عليه السلام قال : «إنّ أبي كان ينزلها، ثمّ يرتحل مكّة من غير أن ينام بها »، وقال : «إنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله إنّما نزلها حيث بعث بعائشة مع أخيها عبد الرحمن إلى التنعيم، فاعتمرت لمكان العلّة التي أصابتها، فطافت بالبيت ثمّ سعت، ثمّ رجعت فارتحل من يومه ». ۳
وفي المنتهى:
قد اختلف العلماء في أنّه هل هو نسك أم لا؟ وفي التحقيق: الخلاف لفظي، لأنّهم إن عنوا بالنسك ما يُثاب عليه فهو كذلك لاستحبابه، لما تلوناه من الأخبار واتّفقوا عليه ، وإن عنوا ما يستحقّ العقاب بتركه فلا خلاف في أنّه ليس كذلك؛ إذ قد أجمع العلماء كافّة على أنّه ليس بواجب . ۴ انتهى .
وكأنّ من نفى كونه نسكا أراد به مناسك الحجّ وأفعاله ، وقد صرّح به الشهيد في الدروس حيث قال : «وليس التحصيب من سنن الحجّ ومناسكه، وإنّما هو فعل مستحبّ، اقتداءً برسول اللّه صلى الله عليه و آله ». ۵
فمن أثبته أثبت كونه منها، فيصير النزاع معنويّا .
ويحتمل أيضا أن يريد النافي نفي استحبابه رأسا، وهو الأظهر؛ لأنّه إنّما هو من العامّة متمسّكا بما روي عن ابن عبّاس، قال : ليس المحصّب سنّة ۶ إنّما هو منزل نزله رسول اللّه صلى الله عليه و آله . ۷
وعن عائشة أنّها قالت : إنّما نزل رسول اللّه صلى الله عليه و آله المحصّب ليكون أسمح لخروجه، ليس سنّة، من شاء تركه ومن شاء لم يتركه . ۸
ونقل طاب ثراه عن عياض أنّه قال : واختلف السلف في النزول بالمحصّب ليلة النفر، وصلاة الظهر والعصر والعشائين به، والخروج منه ليلاً إلى مكّة كما فعله النبيّ صلى الله عليه و آله ، فرآه مالك والشافعي اقتداء بفعله صلى الله عليه و آله ، ولم يره بعضهم . ۹
ثمّ إنّ الأكثر قيّدوا استحبابه بمَن نفر في النفر الأخير لخبر أبي مريم ، ۱۰ ويؤيّده أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله حيث نزل فيه كان نافراً فيه. ۱۱
ولا فرق في ذلك بين أهل اليمن وغيرهم؛ لفعل النبيّ صلى الله عليه و آله وإطلاق أكثر الأخبار ، وقد صرّح بذلك جماعة من الأصحاب من غير نقل خلاف فيه، ولا ينافيه التقييد بأهل اليمن في خبر أبي مريم المشار إليه، لكونه في كلام السائل.
على أنّه ليس في ذلك الخبر على ما رواه الصدوق ، ۱۲ فلعلّه من سهو بعض الرواة في خبر الكتاب ، وفيما رواه في التهذيب . ۱۳
واعلم أنّ المنقول عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله أنّه نزل بمسجد كان بالأبطح يقال له: مسجد الحصباء . ۱۴
وفي الدروس:
قال ابن إدريس : ليس للمسجد أثر الآن ، ۱۵ فتتأدّى السنّة بالنزول بالمحصّب من الأبطح، وهو ما بين العقبة ومكّة ، وقيل: ما بين الجبل الذي عنده مقابر قريش والجبل الذي يقابله مصعداً في الشقّ الأيمن لقاصد مكّة ، وليست المقبرة منه، واشتقاقه من الحصباء، وهي الحصى المحمولة بالسيل، وقال السيد ضياء الدين بن الفاخر: ما شاهدت أحداً يعلّمني به في زماني، وإنّما وقفني واحد على أثر مسجد بقرب منى على يمين قاصد مكّة في مسيل وادٍ ، قال : وذكر آخرون أنّه عند مخرج الأبطح إلى مكّة . ۱۶
وروى الصدوق أنّ الباقر عليه السلام كان ينزل بالأبطح قليلاً ثمّ يدخل البيوت ، ۱۷ وأكثر الروايات ليس فيها تعيين مسجد . ۱۸ انتهى .
وقال طاب ثراه :
قال عياض : المحصّب موضع بين مكّة ومنى، وهو إلى منى أقرب، وإلى منى يضاف ، ودليله قول الشاعر :
* يا راكبا قف بالمحصّب من منى *
وقال الآبيّ : البيت للشافعيّ ، وتمامه :
* واهتف بقاطن خيفها ۱۹ والناهضِ * ۲۰
وإنّما يتمّ الاحتجاج بها إذا جعل «من منى» في موضع الصّفة للمحصّب ، وأمّا إذا علّق براكب فلا يكون حجّة فيه .
وقال الخطّابيّ : هو فم الشعب الذي يخرج إلى الأبطح، وبه كانت قريش تقاسمت على بني هاشم وبني المطّلب في شأن الصحيفة . وظاهر قول المدوّنة إذا خرجوا من منى نزلوا بأبطح من مكّة فصلّوا بها الظهر والثلاثة بعدها، ويدخلون مكّة أوّل الليل، أنّه ليس من منى .
قوله في خبر أبي مريم : (أن تعجّل ) ، الخ .[ ح 1 / 7979] قد روى الصدوق لهذا الحديث تتمّة، وهي قوله : وقال : «وكان أبي عليه السلام ينزل الحصبة قليلاً، ثمّ يرتحل وهو دون خبط وحرمان ». ۲۱
وقال جدّي قدس سره في شرحه: ۲۲ الخبط: إبقاء النفس لينام حيث كان، والحرمان: حرمانها من النوم، أي واسطة بين الأمرين، وهو غيرهما أو عندهما أو قريب منهما .
وفي بعض النسخ : «ذو خبط وحرمان ».
وفي بعض كتب العامّة : «دون حائط وحرمان »، وذكر أنّه كان هناك بستان ومسجد الحصباء كان قريبا منه، وهو أظهر .

1.صحيح البخاري، ج ۲، ص ۱۹۷.

2.الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي؛ الفقيه، ج ۲، ص ۴۸۲، ح ۳۰۲۷؛ تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۲۷۵، ح ۹۴۲؛ وسائل الشيعة، ج ۱۴، ص ۲۸۵، ح ۱۹۲۱۴.

3.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۲۷۵، ح ۹۴۱؛ وسائل الشيعة، ج ۱۴، ص ۲۸۴، ح ۱۹۲۱۳.

4.منتهى المطلب، ج ۲، ص ۷۷۷.

5.الدروس الشرعيّة، ج ۱، ص ۴۶۴، الدرس ۱۱۷.

6.كذا بالأصل، وفي المصادر: «ليس بشيء».

7.مسند أحمد، ج ۱، ص ۲۲۱؛ سنن الدارمي، ج ۲، ص ۵۴ ؛ صحيح البخاري، ج ۲، ص ۱۹۵ ۱۹۶؛ وج ۴، ص ۸۵ ؛ سنن الترمذي، ج ۲، ص ۲۰۲، ح ۹۲۵؛ السنن الكبرى للبيهقي، ج ۵ ، ص ۱۶۰، وفي غير الأوّل: «التحصيب» بدل «المحصّب».

8.مسند أحمد، ج ۶ ، ص ۱۹۰؛ سنن أبي داود، ج ۱، ص ۴۴۶، ح ۲۰۰۸؛ السنن الكبرى للبيهقي، ج ۵ ، ص ۱۶۱، وفي الجميع: «فمن شاء نزله و من شاء لم ينزله»، والمذكور هنا موافق لمنتهى المطلب، ج ۲، ص ۷۷۷.

9.اُنظر: عمدة القاري، ج ۹ ، ص ۱۹۴؛ وج ۱۰، ص ۱۰۰.

10.وسائل الشيعة، ج ۱۴، ص ۲۸۵، ح ۱۹۲۱۴.

11.اُنظر: منتهى المطلب، ج ۲، ص ۷۷۷؛ مدارك الأحكام، ج ۸ ، ص ۲۶۳.

12.الفقيه، ج ۲، ص ۴۸۲ ۴۸۳، ح ۳۰۲۷.

13.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۲۷۵، ح ۹۴۲.

14.اُنظر: المقنع، ص ۲۸۹؛ الكافي في الفقه، ص ۲۱۷؛ النهاية، ص ۲۶۹؛ السرائر، ج ۱، ص ۶۱۳ .

15.السرائر، ج ۱، ص ۶۱۳ .

16.لم أعثر عليه.

17.الفقيه، ج ۲، ص ۴۸۲، ح ۳۰۲۷.

18.الدروس الشرعيّة، ج ۱، ص ۴۶۵، الدرس ۱۱۷.

19.هذا هو الظاهر الموافق لسائر المصادر، وفي الأصل: «حقّها» بدل «خيفها».

20.اُنظر: الاستذكار، ج ۴، ص ۳۴۲؛ تفسير الرازي، ج ۲۷، ص ۱۶۶؛ تفسير الآلوسي، ج ۲۵، ص ۳۲.

21.الفقيه، ج ۲، ص ۴۸۳، ح ۳۰۲۸؛ وسائل الشيعة، ج ۱۴، ص ۲۸۵، ح ۱۹۲۱۵.

22.اللوامع لصاحبقراني، ج ۸ ، ص ۲۴۷.

  • نام منبع :
    شرح فروع الکافي ج5
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقيق : المحمودی، محمد جواد ؛ الدرایتی محمد حسین
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 228834
صفحه از 856
پرینت  ارسال به