باب الشهور التي يستحبّ فيها العمرة ومَن أحرم في شهر وأحلّ في آخر
أراد قدس سره بيان تأكّد استحباب العمرة في شهر رجب وشهر رمضان ، فقد روي في كلّ منهما أنّها تعدل الحجّ، فمن طريق الأصحاب ما رواه المصنّف في الباب ، ومن طريق العامّة ما رواه مسلم عن حبيب المعلّم، عن عطاء، عن ابن عبّاس أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله قال لامرأة من الأنصار يُقال لها: اُمّ سنان : «ما منعك أن تكوني حججت معنا؟» قالت : ناضحان كانا لأبي فلان زوجها حجّ هو وابنه على أحدهما، وكان الآخر يسقي عليه غلامنا، قال : «فعمرة في رمضان تقضي حجّة أو حجّةً معي ». ۱
وبسند آخر عن ابن جريج، قال : أخبرني عطاء، قال : سمعت ابن عبّاس يحدّثنا، قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله لامرأة من الأنصار سمّاها ابن عبّاس فنسيت اسمها : «ما منعك أن تحجّي معنا؟» قالت : لم يكن لنا إلّا ناضحان، فحجّ أبو ولدها وابنها على ناضح، وترك لنا ناضحا ننضح عليه ، قال : «فإذا جاء رمضان فاعتمري، فإنّ عمرة فيه تعدل حجّة ». ۲
وعمرة رجب أفضل من عمرة شهر رمضان إجماعا ، ۳ ويدلّ عليه ما رواه الصدوق في الصحيح عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبداللّه عليه السلام أنّه سئل : «أيّ العمرة أفضل: عمرة في رجب أو عمرة في شهر رمضان؟ فقال : «لا بل عمرة في رجب أفضل ». ۴
ويؤيّده ما سبق من جواز تقديم الإحرام على الميقات لإدراك عمرته . ۵
وإذ قد عرفت فضل عمرة رجب فنقول : إذا أحرم في آخره وفعل باقي الأفعال في الذي بعده، أو أحرم قبله وفعل باقي الأفعال فيه، فيعطيه اللّه سبحانه بمنّه وفضله ثواب عمرته ، على ما دلّ عليه حسنة عبد الرحمن ۶ وما تقدّم ممّا دلّ على جواز تقديم الإحرام على الميقات لإدراك عمرته ، وما رواه الصدوق رضى الله عنهفي الصحيح عن عبداللّه بن سنان، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «إذا أحرمت وعليك من رجب يوم وليلة فعمرتك رجبيّة ». ۷ وهذا هو المراد من قول المصنّف قدس سره : ومن أحرم في شهر وأحلّ في آخر .
قوله في خبر الوليد : (تعدل حجّة ) .] ح 1 / 8027] إطلاق الحجّة يشمل الحجّ الواجب، وقد خصّها بعض العامّة ۸ بالمندوب؛ معلّلاً بأنّ ثواب غير الواجب لا يعدل الواجب ، ۹ ورُدَّ بأنّ ثواب المندوب قد يزيد على ثواب الواجب فضلاً عن أن يعدله، مستنداً بأنّ الوضع عن المعسر مندوب وإنظاره واجب . ومن المعلوم أنّ ثواب الوضع أكثر .
1.صحيح مسلم، ج ۴، ص ۶۱ ۶۲ ، باب فضل العمرة في رمضان.
2.صحيح مسلم، ج ۴، ص ۶۱ .
3.اُنظر: تذكرة الفقهاء، ج ۸ ، ص ۴۳۴، المسألة ۷۴۱؛ منتهى المطلب، ج ۲، ص ۸۷۷ ؛ مدارك الأحكام، ج ۸ ، ص ۴۶۳.
4.الفقيه، ج ۲، ص ۴۵۳ ۴۵۴، ح ۲۹۴۹؛ وسائل الشيعة، ج ۱۴، ص ۳۰۱، ح ۱۹۲۴۸.
5.اُنظر: وسائل الشيعة، ج ۱۱، ص ۳۲۲ ۳۲۵، باب عدم جواز الإحرام قبل الميقات لغير الناذر ومريد عمرة رجب مع خوف تقضيه.
6.الحديث الخامس من هذا الباب من الكافي. ورواه الصدوق في الفقيه، ج ۲، ص ۴۵۴، ح ۲۹۵۰؛ وسائل الشيعة، ج ۱۴، ص ۳۰۱، ح ۱۹۲۵۰، وص ۳۰۳، ح ۱۹۲۵۷.
7.الفقيه، ج ۲، ص ۴۵۴، ح ۲۹۵۱؛ وسائل الشيعة، ج ۱۴، ص ۳۰۱، ح ۱۹۲۴۹.
8.في هامش الأصل: «نقله أبو عبد اللّه الآبي عنهم على ما حكاه طاب ثراه عنه منه عفي عنه».
9.اُنظر: فتح الباري، ج ۳، ص ۴۸۱؛ عون المعبود، ج ۵ ، ص ۳۲۳.