باب النوادر
ذكر فيه ما يتعلّق بأبواب الحجّ من الآداب والمندوبات والمكروهات ، وقد روى فيه خبرين متعلّقين بنذر شيء للكعبة، وقد رواهما في باب ما يهدى إلى الكعبة من غير تغيير في متنهما ولا في سندهما .
قوله في خبر حنّان : (شكت الكعبة إلى اللّه عزّ وجلّ ) .] ح 32 / 8083] قال طاب ثراه : «الظاهر أنّ شكايته كانت بلسان المقال، وهو الدائر بلسان أهل الشرع ، ويمكن أن يكون بلسان الحال، أو بلسان حفظتها ».
قوله في خبر الحسين بن مسلم : (يوم الأضحى في اليوم الذي يصام فيه) ، إلى آخره .] ح 37 / 8088] قال طاب ثراه :
لعلّ المراد أنّه كان كذلك في الاُمم السابقة ، أو المراد به ما كان عليه أصحاب النسيء حيث يغيّرون الأشهر ، أو المراد به الإنكار ، وهذا الاحتمال بعيد جدّاً ؛ لأنّ الإنكار الأوّل صحيح . وأمّا الثاني فلا يخلو من ضعف؛ لأنّ يوم عاشوراء عندنا يوم فطر فلا وجه لإنكاره . انتهى .
ولا يبعد أن يقال باختصاص الخبر بوروده في شأن الاُمّة الظالمة على عترة نبيّها صلى الله عليه و آله على معنى أنّه يقع الأضحى عندهم في اليوم الذي يجوز الصيام فيه، كالتاسع من ذي الحجّة أو الحادي عشر منه، والعاشوراء في اليوم الذي لا يستحبّ الإمساك فيه حزنا مقدّما على عاشر محرّم أو مؤخّرا عنه .
ويؤيّده ما رواه الصدوق في كتاب العلل بإسناده عن رزين، قال : قال أبو عبداللّه عليه السلام : «لمّا ضرب الحسين بن عليّ صلّى اللّه عليه بالسيف فسقط، ثمّ ابتدر ليقطع رأسه نادى منادٍ من بطنان العرش : أيّتها الاُمّة المتحيّرة الضالّة بعد نبيّها! لا وفّقكم اللّه لأضحى ولا فطر »، ثمّ قال أبو عبداللّه عليه السلام : «فلا جرم واللّه ما وفّقوا ولا يوفّقون حتّى يثور ثائر الحسين عليه السلام ». ۱
وعن محمّد بن إسماعيل الرازيّ، عن أبي جعفر الثاني عليه السلام ، قال : قلت : ما تقول في العامّة، فإنّه قد روي أنّهم لا يوفّقون لصوم؟ فقال لي : «أمّا أنّهم قد اُجيبت دعوة الملك فيهم »، قال : قلت : وكيف ذلك جُعلت فداك؟ قال : «إنّ الناس لمّا قتلوا الحسين بن عليّ صلوات اللّه عليه أمر اللّه عزّ وجلّ ملكا ينادي أيّتها الاُمّة الظالمة القاتلة عترة نبيّها ! لا وفّقكم اللّه لصوم ولا فطر ».
وقال : وفي حديث آخر : «لفطر ولا أضحى ». ۲
وقد وقع في زماننا هذا حجّ الناس كذلك مرّتين، وكأنّ ذلك كان لحضور أحد من شيعة بني اُميّة، فسرت شآمته فيهم، وقد أرادوا ذلك في سنة كنت حاجّا أيضا، فلم يتيسّر لهم بعون اللّه سبحانه .