533
شرح فروع الکافي ج5

باب مقام جبرئيل عليه السلام

أراد قدس سره بيان فضيلة الدُّعاء فيه وقبوله، لاسيما دعاء الدم لمن خاف فوات زيارة النبيّ صلى الله عليه و آله ودخول المسجد وهو تحت الميزاب، فإنّه كان مكانه عليه السلام إذا استأذن على رسول اللّه صلى الله عليه و آله .
ويدلّ على ذلك حسنة معاوية بن عمّار، ۱ وما رواه الشيخ في الموثّق عن عمر بن يزيد، قال : حاضت صاحبتي وأنا بالمدينة، قال : فكان ميقات جمالنا وإبّان مقامنا وخروجنا قبل أن تطهر، ولم تقرب القبر ولا المنبر، قال : فذكرت ذلك لأبي عبداللّه عليه السلام قال : «مرها تغتسل، ثمّ لتأت مقام جبرئيل عليه السلام فإنّ جبرئيل كان يجيء، فيستأذن على رسول اللّه صلى الله عليه و آله فإن كان على حال لا ينبغي له أن يأذن له قام في مكانه حتّى يخرج إليه، وإن أذِنَ له دخل عليه »، قال قلت له : وأين المكان؟ قال : «كان بحيال الميزاب الذي إذا خرجت من الباب الذي يُقال له: باب فاطمة بحذاء القبر رفعت رأسك مع حذاء الباب والميزاب فوق رأسك، والباب وراء ظهرك»، قال : «تقعد في ذلك الموضع ولتدع ربّها». قلت : وأيّ شيءٍ تقول؟ قال : «تقول : اللّهُمَّ إنّي أسألك بأنّك أنت اللّه ليس كمثلك شيء أن تفعل بي كذا وكذا»، قال : فصنعت صاحبتي الذي أمرني وتطهّرت ودخلت المسجد، قال : وكانت لنا خادم أيضا وكانت قد حاضت، قال : فقالت : يا سيّدي، أذهب أنا زيارةً، فأصنع كما صنعت سيّدتي؟ قال : قلت : بلى، قال : فذهبت وصنعت مثل الذي صنعت مولاتها، فتطهّرت ودخلت المسجد . ۲
وفي صحيحة معاوية بن عمّار، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «إذا أشرفت المرأة على مناسكها وهي حائض، فلتغتسل ولتحتشِ ولتقف هي ونسوة خلفها، فيُؤمِّنّ على دعائها، وتقول : اللّهُمَّ إنّي أسألُك بكلّ اسمٍ هو لك أو تسمّيت به لأحدٍ من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك، وأسألُكَ باسمك الأعظم الأعظم الأعظم، وبكلّ حرفٍ أنزلته على موسى، وبكلّ حرفٍ أنزلته على عيسى، وبكلّ حرفٍ أنزلته على محمّد صلّى اللّه عليه وآله، إلّا أذهبت عنّي هذا الدم ، وإذا أرادت أن تدخل المسجد الحرام أو مسجد الرسول صلى الله عليه و آله فعلت مثل ذلك »، قال : «وتأتي مقام جبرئيل عليه السلام وهو تحت الميزاب، فإنّه كان مكانه إذا استأذن على رسول اللّه صلى الله عليه و آله » قال: «فذلك مقام لا تدعو اللّه فيه حائض تستقبل القبلة وتدعو بدعاء الدّم إلّا رأت الطهر إن شاء اللّه ». ۳
وكما يستحبّ ذلك في هذا المقام يستحبّ في حرم مكّة إذا خافت بالحيض فوات مناسك حجّها أو عمرتها، كما يدلّ عليه هذه الصحيحة .
وكذا إذا خافت فوات متعتها؛ لخبر بكر بن عبداللّه ، قال : قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : «جُعلت فداك، إنّ امرأة مسلمة صحِبتني حتّى انتهت إلى بستان بني عامر، فحرمت عليها الصلاة، فدخلها من ذلك أمرٌ عظيم، فخافت أن تذهب متعتها، فأمرتني أن أذكر ذلك لك، وأسألك كيف تصنع ؟ فقال : «قُل لها فلتغتسل نصف النهار، وتلبس ثيابا نظافا، وتجلس في مكانٍ نظيف، وتجلس حولها نساء يُؤمِّنَّ إذا دعت، وتعاهد لها زوال الشمس إذا زالت، فمرها فلتدع بهذا الدعاء وليؤمّنّ النساء على دعائها حولها كلّما دعت ، تقول : اللّهُمَّ إنّي أسألُكَ بكلّ إسمٍ هو لك، وبكلّ اسمٍ تسمّيت به لأحدٍ من خلقك، وهو مرفوع مخزون في علم الغيب عندك، وأسألُكَ باسمك الأعظم الأعظم الذي إذا سُئِلْتَ به كان حقّا عليك أن تجيب، أن تقطع عنّي هذا الدم . فإن انقطع الدم، وإلّا دعت بهذا الدّعاء الثاني، فقل لها فلتقل : اللّهُمَّ إنّي أسألُكَ بكلّ حرفٍ أنزلته على محمّدٍ صلى الله عليه و آله ، وبكلّ حرفٍ أنزلته على موسى عليه السلام ، وبكلّ حرفٍ أنزلته على عيسى عليه السلام ، وبكلّ حرفٍ أنزلته في كتابٍ من كتبك، وبكلّ دعوةٍ دعاك بها مَلكٌ من ملائكتك أن تقطع عنّي هذا الدم، فإن انقطع فلم ترَ يومها ذلك شيئا، وإلّا فلتغتسل من الغد في مثل تلك الساعة التي اغتسلت فيها بالأمس، فإذا زالت الشمس فلتصلِّ ولتدع بالدُّعاء وليِّؤمِّنَّ النسوة إذا دعت ».
ففعلت ذلك المرأة فانقطع عنها الدم حتّى قضت متعتها وحجّها وانصرفنا راجعين ، فلمّا انتهينا إلى بستان بني عامر عاودها الدم، فقلت : ادعو بهذين الدعائين في دبر صلاتي؟ فقال : «ادع بالأوّل إن أحببت ، وأمّا الآخر فلا تدع به إلّا في الأمر الفظيع ينزل بك ». ۴
وقد ورد في بعض الأخبار دواء آخر لدفع الدم، رواه الحسين بن عليّ بن يقطين،عن أبي الحسن عليه السلام قال لدفع الدم : «فليأمرها أن تأخذ قطنة وماء اللبن فتستدخلها، فإنّ الدم سينقطع عنها وتقضي مناسكها كلّها »، فأمرها ففعلت ، فانقطع عنها الدم وشهدت المناسك كلّها »، فلمّا أن ارتحلت من مكّة بعد الحجّ وصارت في المحمل عاد إليها الدم . ۵

1.الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج ۱۴، ص۳۴۶، ح ۱۹۳۶۱.

2.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۴۴۵ ۴۴۶، ح ۱۵۵۳؛ وسائل الشيعة، ج ۱۳، ص۴۶۴ ۴۶۵، ح ۱۸۲۲۰.

3.الكافي، باب دعاء الدم، ح ۱؛ وسائل الشيعة، ج ۱۳، ص۴۶۳ ۴۶۴، ح ۱۸۲۱۹.

4.الكافي، باب دعاء الدم، ح ۳؛ وسائل الشيعة، ج ۱۳، ص ۴۶۵ ۴۶۶، ح ۱۸۲۲۱.

5.الكافي، باب علاج الحائض، ح ۱؛ وسائل الشيعة، ج ۱۳ ، ص ۴۶۳، ص ۱۸۲۱۸.


شرح فروع الکافي ج5
532
  • نام منبع :
    شرح فروع الکافي ج5
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقيق : المحمودی، محمد جواد ؛ الدرایتی محمد حسین
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 189710
صفحه از 856
پرینت  ارسال به