535
شرح فروع الکافي ج5

باب فضل المقام بالمدينة والصوم والاعتكاف عند الأساطين

ظاهره قدس سره أنّ المقام بها أفضل من المقام بمكّة أيضا، وقد وقع التصريح به في موثّق الحسن بن الجهم ، ۱ والسرّ فيه تحصيل زيارة النبيّ وفاطمة والأئمّة بالبقيع عليهم السلام ، فلا ينافيه فضل الصلاة في المسجد الحرام على الصلاة في مسجدها والصوم وإن كان مطلوبا مطلقا، لكن الظاهر أنّه أراد به هنا صيام ثلاثة أيّام آخرها يوم الجمعة للاعتكاف في مسجدها بقرينة ما ذكره في الباب .
ومثله ما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «إن كان لك مقام بالمدينة ثلاثة أيّام صمت أوّل يوم الأربعاء، وتصلّي ليلة الأربعاء عند اُسطوانة أبي لبابة وهي اسطوانة التوبة التي كان ربط نفسه إليها حتّى نزل عذره من السماء وتقعد عندها يوم الأربعاء، ثمّ تأتي ليلة الخميس التي تليها ممّا يلي مقام النبيّ صلى الله عليه و آله ليلتك ويومك، وتصوم يوم الخميس، ثمّ تأتي الاُسطوانة التي تلي مقام النبيّ صلى الله عليه و آله ومصلّاه ليلة الجمعة، فتصلّي عندها ليلتك ويومك، وتصوم يوم الجمعة، فإن استطعت أن لا تتكلّم بشيء في هذه الأيّام فافعل إلّا ما لابدّ لك منه، ولا تخرج من المسجد إلّا لحاجة، ولا تنام في ليلٍ ولا نهارٍ فافعل، فإنّ ذلك ممّا يعدّ فيه الفضل ، ثمّ احمد اللّه في يوم الجمعة واثنِ عليه وصلِّ على النبيّ صلى الله عليه و آله وسَل حاجتك، وليكن فيما تقول : اللّهُمَّ ما كانت لي إليك من حاجة شرعت أنا في طلبها والتماسها، أو لم أشرع، سألتكها أو لم أسألكها، فإنّي أتوجّه إليك بنبيّك محمّد نبيّ الرحمة صلى الله عليه و آله في قضاء حوائجي صغيرها وكبيرها ، فإنّك حريٌّ أن تقضي حاجتك إن شاء اللّه ». ۲
قوله في خبر معاوية بن عمّار : (ويوم الخميس عند اُسطوانة أبي لبابة ) . [ ح 5/ 8127] وقد تسمّى تلك الاُسطوانة باُسطوانة التوبة أيضا على ما دلّ عليه صحيح معاوية المتقدِّم ، ويؤيّده قوله عليه السلام في حسنة الحلبيّ : «واليوم الثاني عند اُسطوانة التوبة ». ۳
وإنّما سمّيت بهذين الإسمين لما رواه جدّي قدس سرهفي شرح الفقيه ۴ عن أبي حمزة الثمالي قال : بلغنا أنّهم كانوا ثلاثة نفر من الأنصار أبو لبابة عبد المنذر وثعلبة وأوس، تخلّفوا عن الجهاد مع رسول اللّه صلى الله عليه و آله في تبوك، فلمّا بلغهم ما أنزله اللّه فيمن تخلّف عن نبيّه صلى الله عليه و آله أيقنوا بالهلاك، وأوثقوا نفوسهم بسواري المسجد، فلم يزالوا حتّى قدم رسول اللّه صلى الله عليه و آله فسأل عنهم، فذكروا له أنّهم أقسموا لا يحلّون أنفسهم حتّى يكون رسول اللّه صلى الله عليه و آله يحلّهم ، فقال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : «وأنا أقسم أن لا أكون أوّل من حلّهم إلّا وأن اُؤمر فيهم بأمر »، فلمّا نزل «عَسَى اللّه ُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ»۵ عمد رسول اللّه صلى الله عليه و آله وحلّهم . ۶
وروي عن أبي جعفر عليه السلام أنّها نزلت في أبي لبابة خاصّة ، ۷ وقال : «وروي فيهم أقوال ، وعلى الجميع أبو لبابة داخلٌ فيهم ».

1.الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي؛ تهذيب الأحكام، ج ۶ ، ص ۱۴، ح ۲۹؛ وسائل الشيعة، ج ۱۴، ص ۳۴۷، ح ۱۹۳۶۲.

2.تهذيب الأحكام، ج ۴، ص ۲۳۲ ۲۳۳، ح ۶۸۲ ؛ وج ۶ ، ص ۱۶، ح ۳۵؛ وسائل الشيعة، ج ۱۰، ص۲۰۲، ح۱۳۲۱۸؛ وج ۱۴، ص ۳۵۰ ۳۵۱، ح ۱۹۳۶۸.

3.الحديث الرابع من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج ۱۴، ص۳۵۱، ح ۱۹۳۷۰.

4.لم أعثر عليه في روضة المتّقين، نعم هذه القصّة مذكورة في اللوامع لصاحبقراني، ج ۸ ، ص ۵۰۰ ، لكن لم يذكر فيها اسم ثعلبة وأوس، ولا غزوة تبوك.

5.التوبة (۹) : ۱۰۲ .

6.اُنظر: التبيان، ج ۵ ، ص ۲۹۰؛ مجمع البيان، ج ۵ ، ص ۱۱۵ ۱۱۶؛ جامع البيان للطبري، ج ۱۱، ص ۱۹ ۲۲.

7.اُنظر: المصادر المتقدّمة.


شرح فروع الکافي ج5
534
  • نام منبع :
    شرح فروع الکافي ج5
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقيق : المحمودی، محمد جواد ؛ الدرایتی محمد حسین
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 189695
صفحه از 856
پرینت  ارسال به