91
الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1

وفي الرسالة المذكورة أيضا عن الحسن بن الجهم : قلت للعبد الصالح عليه السلام : هل يسعنا فيما يرد علينا منكم إلّا التسليم لكم ؟ فقال : «لا واللّه لا يسعكم إلّا التسليم لنا» . قلت : فيروى عن أبي عبداللّه عليه السلام شيء، ويروى عنه خلافه ، بأيّهما نأخذ ؟ قال : «بما خالف القوم ، وما وافق القوم فاجتنبه» . ۱
وروي بهذا الإسناد عن أبي عبداللّه البرقي ، عن أبيه ، عن محمّد بن عبيداللّه : قلت لأبي الحسن الرضا عليه السلام : كيف نصنع بالخبرين المختلفين ؟ فقال : «إذا ورد عليكم حديثان مختلفان، فانظروا ما يخالف منهما العامّة فخذوه ، وانظروا ما يوافق أخبارهم فدعوه» . ۲
الصنف الرابع : في العرض على الكتاب أوّلاً ، وإن لم يوجد في الكتاب، فالعرض على أخبار العامّة .
روى صاحب الفوائد عن الشيخ قطب الدين الراوندي بإسناده عن الصادق عليه السلام ، قال : «إذا ورد عليكم حديثان مختلفان، فاعرضوهما على كتاب اللّه ، فما وافق كتاب اللّه فخذوه ، وما خالف كتاب اللّه فذروه ، فإن لم تجدوهما في كتاب اللّه ، فاعرضوهما على أخبار العامّة ، فما وافق [أخبارهم] فذروه ، وما خالف أخبارهم فخذوه» . ۳
أقول : الظاهر أنّ المخاطبين من لهم التمكّن من تمييز الناسخ من المنسوخ ، والمحكم من المتشابه ، فاُمروا بالعرض أوّلاً على الكتاب عسى أن يظفروا بما يوجب لهم العلم بأنّ متضمّن أحد الخبرين حكم واقعي ، فإن لم يظفروا، فالعرض على أخبار العامّة المفيدُ لمعرفة مخالفها ، وذلك من باب التسليم والإطاعة ، لا لأنّ خلافهم حكم واقعي البتّة ؛ إذ ربّما يتّفق أن يكون في أخبارهم حكم واقعي ، والخبر المخالف لها كذبا موضوعا أو ممّا شبّه للراوي .

1.الفوائد المدنيّة ، ص ۳۸۱ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۲۷ ، ص ۱۱۸ ، ح ۳۳۳۶۴ ؛ بحار الأنوار ، ج ۲ ، ص ۲۳۵ ، ح ۱۸ .

2.الفوائد المدنيّة ، ص ۳۸۲ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۲۷ ، ص ۱۱۹ ، ح ۳۳۳۶۷ ؛ بحار الأنوار ، ج ۲ ، ص ۲۳۵ ، ح ۱۹ .

3.الفوائد المدنيّة ، ص ۳۸۱ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۲۷ ، ص ۱۱۸ ، ح ۳۳۳۶۲ ؛ بحار الأنوار ، ج ۲ ، ص ۲۳۵ ، ح ۲۰ .


الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1
90

الوصول إلى العالم ، مثل أن ساقه القضاء إلى بلاد العامّة ، وسيجيء في باب اختلاف الحديث عن أبي عبداللّه عليه السلام ، قال : سألته عن رجل اختلف عليه رجلان من أهل دينه في أمرٍ كلاهما يرويه ؛ أحدهما يأمره ۱ ، والآخر ينهاه عنه ، كيف يصنع ؟ قال : «يرجئه حتّى يلقى مَن يُخْبِرُه ، فهو في سعةٍ حتّى يلقاه» . ۲
الصنف الثالث : في الأخذ بما خالف القوم من غير شرط بالضيق وعدم التمكّن من وجوه ترجيح أحدهما على الآخر .
في الفوائد المدنيّة : روى الشيخ قطب الدين الراوندي في رسالة ألّفها في بيان أحوال أحاديث أصحابنا بسنده عن أبي عبداللّه عليه السلام ، قال : «إذا ورد عليكم حديثان مختلفان ، فخذوا بما خالف القوم». ۳ فلينظر ذو طبعٍ سليم عن الاعوجاج؛ هل يحتمل هذا السياق أن يكون المراد بعد عدم التمكّن من وجه من وجوه الترجيح المفيدة للظنّ ؟ بل الظاهر بيان أنّه طريق سلوك في زمان الهُدْنة ، يُثاب عليه إذا عمل به على وجه التسليم ، كأنّه عليه السلام قال : إن تيسّر لكم سلوك هذا المسلك ، فافعلوا تسليما لنا ، وانتظارا لظهور الفرج ؛ فإنّه أحد ما رخّص لكم عند ورود حديثين مختلفين عليكم .
ووجه أنّ هذا الوجه لا يهنأ لبعض الطباع أنّ المركوز فيه أنّ غرضهم عليهم السلام بيان طريق العمل عند ورود الخبرين المختلفين أن يقترب من الحكم الواقعي، كما هو دأب المخطّئة من أهل الخلاف الذين يقولون على المجتهد أن يبذل الوسع في تقوية الظنّ بالحكم الواقعي بأيّ وجه أمكنه ، فإن أصاب فله أجران ، وإن أخطأ فله أجرٌ واحد ، ومن استبصر بطريق أهل البيت عليهم السلام علم أنّ في البين مباينةً كلّية ، والحقّ أنّه لم يبهم شيء من الأحكام ، بل الكلّ محفوظ عند أهل الذكر ، واُمر الناس بالسؤال عنهم ، فإن تمكّنوا بإفتاء الأحكام الواقعيّة فالعمل عليها ، وإلّا فعلى الأحكام الواصليّة على وجه التسليم لهم ، لا على أنّه مظنون .

1.في المصدر : «يأمر بأخذه» .

2.الكافي ، ج ۱ ، ص ۶۶ ، ح ۷ .

3.الفوائد المدنيّة ، ص ۳۸۱ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۲۷ ، ص ۱۱۸ ، ح ۳۳۳۶۳ ؛ بحار الأنوار ، ج ۲ ، ص ۲۳۵ ، ح ۱۷ .

  • نام منبع :
    الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 122186
صفحه از 637
پرینت  ارسال به