وفي الرسالة المذكورة أيضا عن الحسن بن الجهم : قلت للعبد الصالح عليه السلام : هل يسعنا فيما يرد علينا منكم إلّا التسليم لكم ؟ فقال : «لا واللّه لا يسعكم إلّا التسليم لنا» . قلت : فيروى عن أبي عبداللّه عليه السلام شيء، ويروى عنه خلافه ، بأيّهما نأخذ ؟ قال : «بما خالف القوم ، وما وافق القوم فاجتنبه» . ۱
وروي بهذا الإسناد عن أبي عبداللّه البرقي ، عن أبيه ، عن محمّد بن عبيداللّه : قلت لأبي الحسن الرضا عليه السلام : كيف نصنع بالخبرين المختلفين ؟ فقال : «إذا ورد عليكم حديثان مختلفان، فانظروا ما يخالف منهما العامّة فخذوه ، وانظروا ما يوافق أخبارهم فدعوه» . ۲
الصنف الرابع : في العرض على الكتاب أوّلاً ، وإن لم يوجد في الكتاب، فالعرض على أخبار العامّة .
روى صاحب الفوائد عن الشيخ قطب الدين الراوندي بإسناده عن الصادق عليه السلام ، قال : «إذا ورد عليكم حديثان مختلفان، فاعرضوهما على كتاب اللّه ، فما وافق كتاب اللّه فخذوه ، وما خالف كتاب اللّه فذروه ، فإن لم تجدوهما في كتاب اللّه ، فاعرضوهما على أخبار العامّة ، فما وافق [أخبارهم] فذروه ، وما خالف أخبارهم فخذوه» . ۳
أقول : الظاهر أنّ المخاطبين من لهم التمكّن من تمييز الناسخ من المنسوخ ، والمحكم من المتشابه ، فاُمروا بالعرض أوّلاً على الكتاب عسى أن يظفروا بما يوجب لهم العلم بأنّ متضمّن أحد الخبرين حكم واقعي ، فإن لم يظفروا، فالعرض على أخبار العامّة المفيدُ لمعرفة مخالفها ، وذلك من باب التسليم والإطاعة ، لا لأنّ خلافهم حكم واقعي البتّة ؛ إذ ربّما يتّفق أن يكون في أخبارهم حكم واقعي ، والخبر المخالف لها كذبا موضوعا أو ممّا شبّه للراوي .
1.الفوائد المدنيّة ، ص ۳۸۱ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۲۷ ، ص ۱۱۸ ، ح ۳۳۳۶۴ ؛ بحار الأنوار ، ج ۲ ، ص ۲۳۵ ، ح ۱۸ .
2.الفوائد المدنيّة ، ص ۳۸۲ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۲۷ ، ص ۱۱۹ ، ح ۳۳۳۶۷ ؛ بحار الأنوار ، ج ۲ ، ص ۲۳۵ ، ح ۱۹ .
3.الفوائد المدنيّة ، ص ۳۸۱ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۲۷ ، ص ۱۱۸ ، ح ۳۳۳۶۲ ؛ بحار الأنوار ، ج ۲ ، ص ۲۳۵ ، ح ۲۰ .