يُريبُك إلى ما لا يُريبُك » ۱ هذا .
وقوله عليه السلام : «وأمرٌ مشكل يردّ علمه إلى اللّه ورسوله» يدلّ على أنّ التخلّص من المشكل إنّما هو بالسؤال ؛ لأنّ الردّ كناية عن ذلك .
وفي هذا ردٌّ صريح على المخطّئة الذين يقولون : لنا في المشكل أن نجيل فكرنا ونرجّح طرفا ؛ فإنّ كثيرا ممّا يحتاج إليه الاُمّة قد أبهم اللّه حكمه الذي قدّر في اللوح ، ولم يُعلم به نبيّه ؛ ليكون مجالاً لأفكار العلماء ، فيثابوا ثوابين إن اتّفق الإصابة ، وواحدا إن أخطأوا ، وليس ممّا جاء به النبيّ واستودعه اُولي الأمر وأمر الناس بالسؤال عنهم ؛ «وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِى الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَن ـ بِطُونَهُ مِنْهُمْ» ، ۲«فَسْـ?لُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ»۳ .
قال ابن الأثير في النهاية : «المحدّثون يسمّون أصحاب القياس أصحاب الرأي ؛ يعنون أنّهم يأخذون بآرائهم فيما يشكل من الحديث ، أو ما لم يأت فيه حديث ولا أثر » ۴ انتهى .
ثمّ من الظاهر أنّ السؤال عند التيسّر ، فإذا لم يتيسّر فإن أمكن التوقّف أو الاحتياط ، وإلّا فالعمل بأيّهما شاء على وجه التسليم .
وهاهنا إشكال: وهو أنّه قد بيّن صلى الله عليه و آله أنّ المجمع عليه لا ريب فيه ، فكان المناسب أن يأمر به أوّلاً، وقدّم اعتباره على اعتبار الأعدليّة .
والجواب: أنّ الغرض نهجُ عدّةِ سُبُلٍ يحصل بكلّ منها الخروج عن مضيق الحيرة في زمان الهدنة ، إلى أن يأذن اللّه لوليّ الأمر إعلان الحقّ والصدع بالأحكام الواقعيّة ، وتصيرَ كلمة اللّه هي العُليا ، ويتقشّعَ بنور الحقّ غمائم الباطل التي طبّقت وعمّت وجه
1.الانتصار ، ص ۳۶۳ ، المسألة ۱۴۵ ؛ الناصريّات ، ص ۱۳۹ ، المسألة ۳۸ ؛ إرشاد القلوب ، ج ۱ ، ص ۱۲ ؛ غررالحكم ، ص ۷۱ ؛ كشف الغمّة ، ج ۱ ، ص ۵۳۵ ؛ عوالي اللآلي ، ج ۳ ، ص ۳۳۰ ، ح ۲۱۴ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۲۷ ، ص ۱۶۷ ، ح ۳۳۵۰۶، عن جوامع الجامع . سنن الترمذي ، ج ۴ ، ص ۷۷ ؛ سنن النسائي ، ج ۸ ، ص ۳۲۷ ؛ مسند أحمد ، ج ۱ ، ص ۲۰۰ ؛ المستدرك للحاكم ، ج ۲ ، ص ۱۳ .
2.النساء (۴) : ۸۳ .
3.النحل (۱۶) : ۴۳ .
4.النهاية ، ج ۲ ، ص ۱۷۹ (رأى) .