وقوله عليه السلام : «فارجه حتّى تلقى إمامك». في القاموس : «الإرجاء : التأخير» ۱ .
فإن كان الغرض إثبات الفعل للفاعل مطلقا من غير اعتبار تعلّقه بمن وقع عليه ، نزّل التأخير المتعدّي منزلةَ اللازم ، ولم يقدّر له مفعول ، كما قيل في قوله تعالى : «هَلْ يَسْتَوِى الَّذِينَ يعْلَمُونَ وَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ» ؛ ۲ فإنّ المعنى : لايستوي من وجد له حقيقة العلم ومن لا يوجد ، فالهاء في «ارجه» للسكت ، والمعنى : فعليك بالتوقّف والحال هذه ، إلى زمان لقاء إمامك . ويحتمل أن يكون الهاء ضميرا راجعا إلى فصل الأمر المدلول عليه بسياق الكلام .
وكيف كان ، فالعمل في مدّة الإرجاء ينبغي أن يكون بالاحتياط .
ولا يجري في الواقعة المفروضة في هذا الحديث العملُ بأيّما أخذت من باب التسليم وسعك ؛ لأنّ العادة لم تجر بانفصال نزاع المتخاصمين بذلك .
نعم ، يمكن للمدّعي أن يصبر على الضرر، ويترك النزاع للاحتياط ، ولأجل هذا لم يذكر في هذا الحديث التخلّص بالعمل بأيّما شاء على وجه التسليم مع كمال البسط والتفصيل ، ولكون هذا النوع من التخلّص غير داخل في وجوه الترجيح ، بل هو ترك الترجيح ، لم أتعرّض له حين ذكر الوجوه العشرة .
وينبغي أن لا يغفل أنّ ذلك فيما يجري ذلك إنّما هو بعد ثبوت المتعارضين عن المعصوم عليه السلام ثبوتا شرعيّا ، فهو وسائر أصناف التخلّص ـ التي تحصل بإعمال الوجوه المأثورة للترجيح ـ متساويان في كونهما على وجه الإطاعة لهم عليهم السلام ، وغرضهم نهج مناهجَ تخرج شيعتهم عن بيداء الحيرة ، ويسلكونها في زمان الفترة ، فالرجوع إلى وجوه الترجيح التي قرّروها لنا وعدم القناعة بعدم الترجيح أيضا من باب التسليم لهم والائتمام بهم ، لا لتحصيل الظنّ بإصابة الواقع .
وبالجملة : المدار في هذه الأعصار ـ التي لم تصل أيدينا إلى صاحبنا صلوات اللّه عليه وعلى آبائه الطاهرين ـ العملُ بالأحكام الواصليّة ، ولا ضرورة لنا ـ معاشرَ