105
الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1

ومنها : وجوده في أصل معروف الانتساب إلى أحد الجماعة الذين أجمعوا على تصديقهم ، كزرارة ومحمّد بن مسلم والفضيل بن يسار ؛ أو على تصحيح ما يصحّ عنهم ، كصفوان بن يحيى ويونس بن عبد الرحمن وأحمد بن محمّد بن أبي نصر ؛ أو على العمل بروايتهم ، كعمّار الساباطي ونظرائه ممّن عدّهم شيخ الطائفة في كتاب العدّة، كما نقله عنه المحقّق في بحث التراوح من المعتبر .
ومنها : اندراجه في أحد الكتب التي عُرضت على أحد الأئمّة عليهم السلام ، فأثنوا على مؤلّفيها، ككتاب عبيداللّه الحلبي الذي عرض على الصادق عليه السلام ، وكتابي يونس بن عبد الرحمن والفضل بن شاذان المعروضين على العسكري عليه السلام .
ومنها : ما أخذه من أحد الكتب التي شاع بين سلفهم الوثوق بها والاعتماد عليها ، سواء كان مؤلّفوها من الفرقة الناجية الإماميّة، ككتاب الصلاة لحريز بن عبداللّه وكتب بني سعيد وعلي بن مهزيار ، أو من غير الإماميّة ككتاب حفص بن غياث القاضي والحسين بن عبيد اللّه السعدي وكتاب القبلة لعليّ بن الحسن الطاطري . وقد جرى رئيس المحدِّثين ثقة الإسلام محمّد بن بابويه ـ قدّس اللّه روحه ـ على متعارف القدماء في إطلاق الصحيح على ما يركن إليه ويعتمد عليه ، فحكم بصحّة جميع ما أورده من الأحاديث في كتاب من لا يحضره الفقيه ، وذكر أنّه استخرجها من كتب مشهورة عليها المعوّل وإليها المرجع ، وكثير من تلك الأحاديث بمعزل عن الاندراج في الصحيح على مصطلح المتأخّرين ، ومنخرط في سلك الحسان والموثّقات ، بل الضعاف .
وقد سلك على ذلك المنوال جماعة من أعيان ۱
علماء الرجال ، فحكموا بصحّة [حديث] بعض الروات الغير الإماميّة ، كعليّ بن محمّد بن رباح وغيره ؛ لما لاح لهم من القرائن المقتضية للوثوق بهم والاعتماد عليهم ، وإن لم يكونوا في عداد الجماعة الذين انعقد الإجماع على تصحيح ما يصحّ. ۲

1.في المصدر : «أعلام» .

2.مشرق الشمسين ، ص ۲۶۹ ـ ۲۷۰ .


الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1
104

المستضعفين ـ إلى الفحص والتفتيش عن الأحكام الواقعيّة بالآراء والظنون ، فمن شاء أن يرافقنا فليرافقنا .
وما أشدّ مناسبةً للمقام ما قال الحكيم الغزنوي في أواخر الحديقة (نظم) :

چار يارى گزيده اهل سنابرتن وجانشان زبنده دعا
مصطفا و وصىّ و دو پسرش۱آنكه سوگند من بُوَد به سرش
دوستدار رسول و آل وِيَمزانكه پيوسته در نوال وِيَم
گر بَدَست اين عقيده و مذهبهم برين بَدْ بدارِيَم يارب۲
وإذا كان العمل بالترجيحات المأثورة والعمل بأيّهما شئت كلاهما من باب التسليم ، ولا شكّ أنّ الثاني أسهل وأوسع، ونعمة ورخصة من أئمّتنا عليهم السلام ، وترك الأسهل والتزام الأوّل كالردّ للنِّعمة ، فصحّ قول الكليني قدّس اللّه روحه : (ولا نجد شيئا أوسع ولا أحوط من ردّ علم ذلك كلّه إلى العالم عليه السلام وقبول ما وسع من الأمر فيه بقوله : «بأيّهما أخذت من باب التسليم وسعك») .
أقول : من البيّن أنّ العمل بخبر «أيّهما أخذت» وأخبار الترجيح فرع صحّتها كما اُشير إليه ، فلابدّ من بيان معنى الصحّة وما تحصل به .
قال الشيخ الجليل بهاء الملّة والدِّين ـ قدّس اللّه روحه ـ في مقدّمة مشرق الشمسين :
قد استقرّ اصطلاح المتأخِّرين من علمائنا ـ رضي اللّه عنهم ـ على تنويع الحديث المعتبر ـ ولو في الجملة ـ إلى الأنواع الثلاثة المشهورة : أعني الصحيح، والحسن، والموثّق ؛ بأنّه إن كان جميع سلسلة سنده إماميّين ممدوحين بالتوثيق فصحيحٌ ، أو إماميّين ممدوحين بدونه كلّاً أو بعضا مع توثيق الباقي فحسنٌ ، أو كانوا كلّاً أو بعضا غير إماميّين مع توثيق الكلّ فموثّقٌ .
وهذا الاصطلاح لم يكن معروفا بين قدمائنا ـ قدّس اللّه أرواحهم ـ كما هو ظاهر لمن مارَسَ كلامهم ، بل كان المتعارف بينهم إطلاق الصحيح على كلّ حديث اعتضد بما يقتضي اعتمادهم عليه ، أو اقترن بما يوجب الوثوق به والركون إليه ، وذلك باُمور :
منها : وجوده في كثير من الاُصول الأربعمائة التي نقلوها عن مشايخهم بطرقهم المتّصلة بأصحاب العصمة سلام اللّه عليهم ، وكانت متداولة لديهم في تلك الأعصار ، مشتهرة بينهم اشتهارَ الشمس في رابعة النهار .
ومنها : تكرّره في [ أصل أو] أصلين منها فصاعدا بطرق مختلفة وأسانيدَ عديدةٍ معتبرة .

1.فى المصدر: «مرتضى و بتول و دو پسرش».

2.حديقة الحقيقة ، ص۷۴۶.

  • نام منبع :
    الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 135595
صفحه از 637
پرینت  ارسال به