107
الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1

المشهورة وغيرها ، وجَرْيُ الأعاظم ـ الذين نقلهم الشيخ في كتاب مشرق الشمسين ـ على ما جروا بناؤه على ما ذكرنا ، وليس ما نقله غير الثقة الإمامي ممّا لا يعتمد عليه عند القدماء بمجرّد نقله ، إلّا إذا اقترن بما يزيل الاطمئنان ، ولا ما نقله غير الثقة ممّا وجب العمل به عند المتأخّرين إن كان مقترنا بما يزيل الاطمئنان ، ولا ما نقله غير الثقة ـ وكان مقترنا بما يفيد الاطمئنان ـ ممّا لايعمل به عند الفريقين .
وكلّ ذلك إذا كان الخبر ممّا في الكتب المشهورة بين قدماء الأصحاب التي نقلها الصدوق ـ طاب ثراه ـ في أوّل الفقيه ۱ ، وبذلك امتاز عن سائر أخبار الآحاد .
فليس في إثبات تعدّد الاصطلاح الموجب للوحشة المحوج إلى الاعتداد كثيرُ فائدةٍ ، مع ما فيه من إثارة نَقْع ۲ القيل والقال .
فلننتقل إلى نحوٍ آخَرَ من الكلام :
اعلم أنّه أخبر المصنّف ـ قدّس اللّه روحه ـ أنّ ما أودع في هذا الكتاب كلّها من الآثار الصحيحة التي عليها العمل ، وبها يؤدّى فرض اللّه عزّوجلّ ، ولا شكّ أنّ أخبار الكافي باعتبار هذه الأخبار يكون الاطمئنان بصحاحها أقوى من الاطمئنان بصحاح عيون الأخبار وأمثاله ممّا كان الاطمئنان به من جهة السند فقط ، وكذا القول بحِسانها وموثّقاتها بالنسبة إلى موثّقاته وحسانه ، بل عندي أنّ ضِعافها تعادل موثّقاته .
ولولا منظور ثقة الإسلام رجحان أخبار الكافي على سائر الأخبار ، وكان الكلّ متساويَ الأقدام في تعرّف الحال بملاحظة السند ، لكان وصفه إيّاها بالصحّة لغوا من الكلام ، بل كاد أن يكون إغواءً لمصدّقيه ؛ وحاشاه من ذلك .
فإن قلت : إذا كان في إخباره بصحّة أخباره كفاية عن مؤونة ملاحظة السند ، فما وجه ذكر الأسانيد ؟ ولِمَ لم يقتصر على المتون ؟
قلت : إنّه ـ طاب ثراه ـ أخذ أخباره من اُصول كانت معمولاً بها ، معوّلاً عليها بين شيوخ أصحاب الأئمّة عليهم السلام وعلمائهم ، كما أنّ أخبار الفقيه أيضا كذلك على ما صرّح

1.الفقيه ، ج ۱ ، ص ۳ و ۴.

2.نقع الصوت : إذا ارتفع . كتاب العين ، ج ۱ ، ص ۱۷۱ (نقع) .


الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1
106

انتهى ما أردنا نقله عن الشيخ بهاء الملّة والدِّين من كتاب مشرق الشمسين .
ومثله قال صاحب الوافي قدّس اللّه روحه . ۱
وقال شيخنا البهائي أيضا في الكتاب المذكور بعد نقل تقسيم الأحاديث بالأقسام الأربعة :
وأوّل من سلك هذا الطريق من علمائنا المتأخّرين شيخنا العلّامة جمال الحقّ والدِّين الحسن بن المطهّر الحلّي قدّس اللّه روحه ، ثمّ إنّهم ـ أعلى اللّه مقامهم ـ ربّما يسلكون طريقة القدماء في بعض الأحيان ، ويصفون مراسيل بعض المشاهير ـ كابن أبي عمير وصفوان بن يحيى ـ بالصحّة ؛ لما شاع من أنّهم لا يرسلون إلّا عمّن يثقون بصدقه ، بل يصفون بعض الأحاديث التي في سندها من يعتقدون أنّه فطحي أو ناووسي بالصحّة ؛ نظرا إلى اندراجه فيمن أجمعوا على تصحيح ما يصحّ عنهم ، وعلى هذا جرى العلّامة قدّس اللّه روحه في المختلف حيث قال [في مسألة ظهور فسق إمام الجماعة : «إنّ حديث عبداللّه بن بكير صحيح» ۲ ، وفي الخلاصة حيث قال :] «إنّ طريق الصدوق إلى أبي مريم الأنصاري صحيح ، وإن كان في طريقه أبان بن عثمان» ۳ مستندا في الكتابين إلى إجماع العصابة على تصحيح ما يصحّ عنهما. وقد جرى شيخنا الشهيد الثاني ـ طاب ثراه ـ على هذا المنوال أيضا ، كما وصف في بحث الردّة من شرح الشرائع حديث الحسن بن محبوب عن غير واحد بالصحّة ۴ . وأمثال ذلك في كلامهم كثير ، فلا تغفل . ۵ انتهى .
وأنا أقول : لا ينبغي التوقّف في أنّ الحديث إذا كان بحال يحصل لمن يطّلع عليها سكون واطمئنان بوروده عن المعصوم عليه السلام ، جاز له التمسّك به في إثبات حكم واصلي ، وصحّة الحديث التي يحتاج إليها هي كون الحديث بهذه الحالة ، وما زاد فهو فضل غير واجب الاعتبار . اللّهمَّ إلّا أن يكون لمراتب الاطمئنان ، فتسمية مفيدٍ كلّ مرتبةٍ باسم خاصّ لا يقدح في معنى الصحّة الواجبِ اعتبارها ، المنحفظةِ في ضمن الأقسام

1.الوافي ، ج ۱ ، ص ۲۲ .

2.مختلف الشيعة ، ج ۳ ، ص ۷۱ .

3.خلاصة الأقوال ، ص ۴۳۸ .

4.مسالك الأفهام ، ج ۱۵ ، ص ۲۵ .

5.مشرق الشمسين ، ص ۲۷۰ .

  • نام منبع :
    الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 135555
صفحه از 637
پرینت  ارسال به