مؤلّفه قدس سره ، وتلك الاُصول وإن كانت لغاية شهرتها مستغنية عن أن يطلب سندها ويعتمد عليها من جهة السند ، لكنّ الشائع المتعارف روايتها عن مشايخ الإجازة من باب نقلنا لحديث الكافي عن مشايخنا في الإجازة إلى أن يبلغ إلى الكليني ، ثمّ عنه إلى المعصوم عليه السلام بالسند الذي في الكافي ، ولا نبالي بعدم ثقة المشايخ ، وكان الاعتماد فيما أخذه المصنّف ـ طاب ثراه ـ من الاُصول على شهرتها وشهرة العمل بما فيها بين علماء الأصحاب وعظمائهم ، وإن تكلّموا أحيانا في أحوال رجال السند، فذلك إمّا لحصول مراتب الاطمئنان المنحفظ في الجميع من جهة الاعتماد على المآخذ ـ أي الاُصول ـ وإمّا من جهة إظهار كمال الاطمئنان بصحّة الخبر الذي نقل عن غير العادل المحكوم عليه وعلى غيره من أخبار الكتاب في أوّل الكتاب بالصحّة ، مع إظهار أنّ الراوي ليس مرضيّا ، كما ذكر الصدوق قدس سرهفي كتاب إكمال الدِّين وإتمام النِّعمة مذمّةً كثيرةً لأحمد بن هلال ۱ ، ومع ذلك نقل عنه الأخبار في الفقيه، ۲ وذكر في أوّله : أنّي لستُ ممّن يروي كلّ ما روي له ، بل أروي ما أعتمد عليه وأحكم بصحّته ۳ . وهل عدم المبالاة بذلك إلّا لما ذكرناه ؟
ولننتقل إلى نوع آخر من الكلام :
اعلم أنّ آراء مصنّفي كتب الرجال في كثير من الرواة مختلفة يحتاج الفقيه إلى الترجيح ، وكذا أسماء كثير من الرواة مشتركة ، يحتاج في الإخراج من الاشتراك إلى الفحص عن الأمارات الظنّية ، وإذ لم يكن بدّ في تحصيل الاعتقاد بصحّة الخبر من جهة السند إلى ترجيح ظنّي ، فالظنّ بالرؤوف الرحيم ـ تعالى شأنه ـ أن لا يداقّ ذوي الألواح الساذجة التي حصل لهم بتتبّع أحوال صاحب الكافي ظنّ قويّ بأنّه صادق فيما أخبر به من أنّه أخذ أخباره من كتب معتبرة كان عليها اعتماد الأصحاب ، وبرواياتها
1.راجع : كمال الدين ، ج ۱ ، ص ۷۶ .
2.لم نجد نقله رحمه اللّه عن أحمد بن هلال في الفقيه إلاّ واحدا : ج ۳ ، ص ۱۴۳ ، ح ۳۵۲۶ .
3.الفقيه ، ج ۱ ، ص ۲ ، ونصّه هكذا : «ولم أقصد فيه قصد المصنّفين في إيراد جميع ما رَوَوْه ، بل قصدتُ إلى إيراد ما أفتى به، وأحكُمُ بصحّته، وأعتقد فيه أنّه حجّة فيما بيني و بين ربّي» .