199
الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1

ونظمها على ما هي عليه ؛ فإنّك إذا تأمّلت العالم بفكرك وميّزته ۱ بعقلك ، وجدته كالبيت المبنيّ المعدّ فيه جميعُ ما يحتاج إليه عباده ؛ فالسماء مرفوعة كالسقف ، والأرض ممدودة كالبساط ، والنجوم منضودة ۲ كالمصابيح ، والجواهر مخزونة كالذخائر ، وكلّ شيء فيها لشأنه معدّ ، والإنسان كالمملَّك ذلك البيت ، والمخوّل جميع ما فيه ، وضروب النبات مهيّأة لمآربه ، وصنوف الحيوان مصروفة في مصالحه ومنافعه ؛ ففي هذا دلالة واضحة على أنّ العالم مخلوق بتقدير وحكمة ونظام وملاءمة ، وأنّ الخالق له واحد ، وهو الذي ألّفه ونظمه بعضا إلى بعض ، جلّ قدسه ، تعالى وكرم وجهه ، ولا إله غيره ، تعالى عمّا يقول الجاحدون ، وجلّ وعظم عمّا ينتحله الملحدون» . ۳
وقال عليه السلام في كتابه الآخَر المسمّى إهليلجة :
«والعجب من المخلوق يزعم أنّ اللّه يخفى على عباده، وهو يرى أثر الصنع في نفسه بتركيب يبهر عقلَه ، وتأليفٍ يبطل حجّتَه» . ۴
وقال عليه السلام في ذلك الكتاب بعد ذكر عدّة من آثار الصنع :
«فنظرت العين إلى خلقٍ متّصل بعضه ببعض» إلى أن قال : «فعرف القلب حين دلّته العين على ما عاينت أنّ لذلك الخلق والتدبير والأمر العجيب صانعا يمسك السماء المنطبعة أن تهوى إلى الأرض ، وأنّ الذي جَعَلَ الشمسَ والنجوم فيها خالقُ السماء .
ثمّ نظرت العين إلى ما استقلّها الأرضُ ، فدلّت القلبَ على ما عاينت ، فعرف القلب أنّ ممسك الأرض الممهّدةِ ۵ أن تزول أو تهوى في الهواء ـ وهو يرى الريشة يرمى بها، فتسقط مكانها، وهي في الخفّة على ما هي عليه ـ هو الذي يمسك السماء التي فوقها ، وأنّه لولا ذلك لخسفت بما عليها ، وثقل الجبال والأنام والأشجار والبحور والرمال ؛

1.في المصدر : «وخبّرته».

2.في المصدر : «مضيئة» .

3.توحيد المفضّل ، ص ۴۷ ؛ بحار الأنوار ، ج ۳ ، ص ۶۱ .

4.بحار الأنوار ، ج ۳ ، ص ۱۵۲ ، ح ۱ .

5.في المصدر: «الممتدّة»».


الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1
198

عبارت صاحب قاموس است .
قال في فصل الفاء من باب القاف : «فرق الناقة أو الأتان فروقا : أخذها المخاض فَنَدَّتْ في الأرض ، فهي فارق . ويشبَّه بهذه السحابةُ المنفردة عن السحاب» ۱ انتهى .
ومثل اين است عبارت صاحب صحاح . ۲
وبنابر اين مى گويم : ظاهر آن است كه معنى «تفرّقه الرياح» اين باشد كه: تصيّره كالناقة الفارق التي أخذها المخاض ، فلم تملك نفسها ولم تطق القرار ، بل انطلقت من وجع الطلق ، ونفرت إلى جهة على وجه الاضطرار من غير أن تقصد إلى مكان خاصّ حتّى توافي الموضع الذي قدرت أن تضع حملها فيه .
ومراد ب «من الجهات كلّها» آنكه اين حالت كه از رياح به سحاب عارض مى شود از همه جهات ممكن است و اختصاص به جهتى دون جهتى ندارد و مخصّص ، فرمان نافذ حضرت ربّ العالمين است تعالى شأنه . صاحبان فطانت وذكا ملاحظه نمايند كه چه قدر ملايمت دارد به اين معانى كه مذكور شد قول حضرت امام عليه السلام : «إلى حيث تسوقه بإذن اللّه ربّها» فالحمد للّه على التوفيق لفهم كلام أصفيائه .
ختام مسك لرحيق تحقيق :
ولعلّك تقول : إنّ الآية التي نحن فيها وردت للتنبيه على أنّ في الاُمور الثمانية ـ أعني : السماوات ، والأرض ، واختلاف الليل والنهار ، والفُلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس ، وما أنزل اللّه من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها ، وتصريف الرياح ، والسحاب المسخّر بين السماء والأرض ـ آياتٍ للتوحيد ، وما نقلت من توحيد المفضّل إنّما هو الحِكم والفوائد والمصالح والمنافع لوجود تلك الاُمور .
فاعلم أنّ الإمام عليه السلام قد أزال هذا التوهّم بما ذكر في أوّل ذلك الكتاب حيث قال : «يا مفضّل أوّل العِبر والأدلّة على الباري ـ جلّ قدسه ـ تهيّؤه هذا العالمَ ، وتأليف أجزائه

1.القاموس المحيط ، ج ۳ ، ص ۲۷۵ (فراق) .

2.الصحاح ، ج ۴ ، ص ۱۵۴۱ (فرق) .

  • نام منبع :
    الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 128060
صفحه از 637
پرینت  ارسال به