فإذا سُئلوا عن الواجبات العقليّة من مسائل التوحيد والعدل والنبوّة والإمامة لم يرتقوا عن درجة العوامّ ، وجعلوا النهي عن البحث والتفتيش جُنّةً عن سهام الإلزام ، ولم يعلموا أنّ الزمان زمان فترة ، وأهمّ الاُمور فيه تحصيل اليقين باُصول الدِّين، والعمل بما عُلم ليُفيض اللّه تعالى علم ما لم يُعلم... .
6. إنّه بالرغم من مخالفته الشديدة للفلاسفة والعرفاء والصوفية إلّا أنّه كان يستفيد من أشعار المولوي والثنائي والعطار وبصورة واسعة وكان له علاقة شديدة بشعر اُولئك الشعراء، وكتب في (ج 1، ص136 ـ 137) في جواب هذه الشبهة قائلاً:
فإن قلت : إنّك وصفت الصوفيّة بما وصفت ، وأنت أوردت في هذا الكتاب أشعارا من السنائي والعطّار والمشهور بمولانا الرومي وهم صوفيّة أهل السنّة ؟!
قلت : ما أوردت منهم كلُّها حِكمٌ ومعارفُ، وما يتضمّن محبّة اللّه والشوق إلى لقائه والرِّضا والتسليم والتقديس والتحميد على وجه يطابق مخزونات أحاديث المعصومين عليهم السلام طباقا يحصل الظنّ القويّ بأنّهم صرفوا مُدَدَ أعمارهم في التدبّر فيها ، وكذا معارفُ غامضة لم تكن موافقة لعقائد أهل السنّة ، لا أشعريّهم ولا معتزليّهم ، مثل نفي الجبر والتفويض وإثبات الأمر بين الأمرين ، قال في المثنوي (نظم) :
شبهه جبر از قدر رسواترستزانكه جبرى حسّ خودرا منكرست
وستسمع من هذه الأبواب في الموضع المناسب لها ، وسمعت مشايخي ـ رضوان اللّه عليهم ـ مثل العالم العامل الزاهد الذي سبق ذكره، والمحقّق المدقّق مولانا محمّد باقر الخراساني، والعارف المحقّق الربّاني مولانا محمّد محسن القاساني، يذكرونهم على وجه التوقير والتعظيم ويقولون : إنّهم كانوا شيعة، ولكن مبتلين بالتقيّة من علماء العصر وسلاطينهم ؛ وذلك من أبين الأشياء لمن يتدبّر ما مدحوا به الخلفاء .
لكنّه بعد عدّة صفحات خطّأ نظرية وحدة الوجود التي ذكروها ويرى أنّها مجرّد هذيانات، ويقول: إذا أردنا أن نذكر شيئا عن هؤلاء فليس هو إلّا الأشعار الحقّه التي ذكروها والتي تكون مطابقة لرواية الأئمّة عليهم السلام .
وهكذا في (ج 2، ص 382 ـ 395) نراه يتعرّض إلى هذه المسألة مرّة اُخرى وبصورة