في تفسير البيضاوي في سورة الروم :
«ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلاً مِنْ أَنْفُسِكُمْ» منتزعا من أحوالها التي هي أقرب الاُمور إليكم «هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ» من مماليككم «مِنْ شُرَكَاءَ فِى مَا رَزَقْنَاكُمْ» من الأموال وغيرها «فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ» : فتكونون أنتم وهم فيه شرعا يتصرّفون فيه كتصرّفكم ، مع أنّهم بشرٌ مثلكم وأنّها معارة لكم .
«من» الاُولى ابتدائيّة ، والثانية للتبعيض ، والثالثة مزيدة لتأكيد الاستفهام الجاري مجرى النفي .
«تَخَافُونَهُمْ» أن يستبدّوا بتصرّف فيه «كَخِيفَتِكُمْ أَنفُسَكُمْ» كما يخاف الأحرار بعضُهم من بعض «كَذَلِكَ» : مثل ذلك التفصيل «نُفَصِّلُ الْايَاتِ» : نبيّنها ؛ فإنّ التمثيل ممّا يكشف المعاني ويوضحها «لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ» : يستعملون العقول في تدبّر الأمثال . ۱قوله :«وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا»۲.[ح ۱۲ / ۱۲]
في تفسير البيضاوي:
على حذف مضافٍ ، تقديره : ومثل داعي الذين كفروا كمثل الذي ينعق ، أو مثل الذين كفروا كمثل بهائم الذي ينعق ، والمعنى أنّ الكفرة لانهماكهم في التقليد لا يلقون أذهانهم إلى ما يُتلى عليهم ، ولا يتأمّلون فيما يقرّر معهم ؛ فهم في ذلك كالبهائم التي ينعق عليها فتسمع الصوت ولا تعرف مغزاه ، وتحسّ بالنداء ولا تفهم معناه .
وقيل : هو تمثيل في اتّباعهم الهوى على ظاهر حالهم جاهلين بحقيقتها بالبهائم التي تسمع الصوت ولا تفهم ما تحته ، أو تمثيلهم في دعائهم الأصنام بالناعق في نعقه وهو التصويت على البهائم ، وهذا يُغني عن الإضمار ، ولكن لا يساعده قوله : «إلّادعاءً ونِدَاءً» لأنّ الأصنام لا تسمع ، إلّا أن يجعل ذلك من باب التمثيل المركّب . ۳
أقول : الداعي على ما ذهب إليه نبيّ العصر ، ويجوز أن يكون المراد بالذين كفروا الكفرةَ الرؤساء الذين يدعون مقلّدتهم السفلة الجهلاء إلى ما هم عليه ، وهم يجيبونهم بمجرّد الدعاء والنداء من غير أن يفكّروا أحقٌّ ما يدعون إليه، أم باطل .