21
الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1

فإذا سُئلوا عن الواجبات العقليّة من مسائل التوحيد والعدل والنبوّة والإمامة لم يرتقوا عن درجة العوامّ ، وجعلوا النهي عن البحث والتفتيش جُنّةً عن سهام الإلزام ، ولم يعلموا أنّ الزمان زمان فترة ، وأهمّ الاُمور فيه تحصيل اليقين باُصول الدِّين، والعمل بما عُلم ليُفيض اللّه تعالى علم ما لم يُعلم... .
6. إنّه بالرغم من مخالفته الشديدة للفلاسفة والعرفاء والصوفية إلّا أنّه كان يستفيد من أشعار المولوي والثنائي والعطار وبصورة واسعة وكان له علاقة شديدة بشعر اُولئك الشعراء، وكتب في (ج 1، ص136 ـ 137) في جواب هذه الشبهة قائلاً:
فإن قلت : إنّك وصفت الصوفيّة بما وصفت ، وأنت أوردت في هذا الكتاب أشعارا من السنائي والعطّار والمشهور بمولانا الرومي وهم صوفيّة أهل السنّة ؟!
قلت : ما أوردت منهم كلُّها حِكمٌ ومعارفُ، وما يتضمّن محبّة اللّه والشوق إلى لقائه والرِّضا والتسليم والتقديس والتحميد على وجه يطابق مخزونات أحاديث المعصومين عليهم السلام طباقا يحصل الظنّ القويّ بأنّهم صرفوا مُدَدَ أعمارهم في التدبّر فيها ، وكذا معارفُ غامضة لم تكن موافقة لعقائد أهل السنّة ، لا أشعريّهم ولا معتزليّهم ، مثل نفي الجبر والتفويض وإثبات الأمر بين الأمرين ، قال في المثنوي (نظم) :

شبهه جبر از قدر رسواترستزانكه جبرى حسّ خودرا منكرست
وستسمع من هذه الأبواب في الموضع المناسب لها ، وسمعت مشايخي ـ رضوان اللّه عليهم ـ مثل العالم العامل الزاهد الذي سبق ذكره، والمحقّق المدقّق مولانا محمّد باقر الخراساني، والعارف المحقّق الربّاني مولانا محمّد محسن القاساني، يذكرونهم على وجه التوقير والتعظيم ويقولون : إنّهم كانوا شيعة، ولكن مبتلين بالتقيّة من علماء العصر وسلاطينهم ؛ وذلك من أبين الأشياء لمن يتدبّر ما مدحوا به الخلفاء .
لكنّه بعد عدّة صفحات خطّأ نظرية وحدة الوجود التي ذكروها ويرى أنّها مجرّد هذيانات، ويقول: إذا أردنا أن نذكر شيئا عن هؤلاء فليس هو إلّا الأشعار الحقّه التي ذكروها والتي تكون مطابقة لرواية الأئمّة عليهم السلام .
وهكذا في (ج 2، ص 382 ـ 395) نراه يتعرّض إلى هذه المسألة مرّة اُخرى وبصورة


الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1
20

جعفر عليه السلام أنّه قال في رسالته التي كتبها إلى سعد الخير : «وكلّ اُمّة قد رفَع اللّه عنهم علمَ الكتاب حين نبذوه ، وولّاهم [عدوَّهم] حين تولّوه ، وكان مِنْ نَبْذِهم الكتابَ أن حرّفوه وحرّفوا حدوده ، فهم يَروونَه ولا يَرْعَوْنَه ، والجهّالُ يُعجِبُهم حفظُهُم للرواية ، والعلماء يحزنهم تَرْكُهم للرعاية» .
3. لقد سعى في تصحيحه وشرحه لأحاديث الكافي أن يقيس بينها وبين الأحاديث المشابهة لها الواردة في سائر المصادر الروائية الاُخرى، ويذكر موارد الاختلاف فيما بينها، وكان يرى أنّ من أكبر وظائف علماء عصره تصحيح الأخبار والروايات وتخليصها من شوائب الموضوعات والمجعولات وغيرها، فمثلاً: في (ج 1، ص 307) وبعد مقايسته بين الحديث السادس من (باب إطلاق القول بأنّه شيء) مع ما في التوحيد للصدوق والاحتجاج للطبرسي، وإشارته إلى اختلاف ألفاظ هذين المصدرين مع ما في الكافي، قال:
ومن قاس ما في النسختين بما في الكافي أيقن أنّ أهمّ الشغل لأهل الدِّين في هذا الزمان مرمّة الأخبار بتصفّح الكتب ، والتوفيق من اللّه .
4. نراه في بعض الموارد وعند نقله لبعض الروايات الواردة في المصادر الروائية الاُخرى، يقوم بشرح وتفصيل تلك الروايات، ويبتعد عن شرح أحاديث الكافي، فمثلاً: في «شرح خطبة أبي الحسن الرضا عليه السلام في كتاب عيون الأخبار» يشرح هذا الحديث حتى يتّسع شرحه ويأخذ ما يقارب (60) صفحة من الكتاب، وكان في شرحه لذلك يعتمد كثيرا مّا على بيانات العلّامة المجلسي في بحار الأنوار.
5. كان قدس سره يعترض على التركيز والتدقيقات في بعض الفروع التي تكون فائدتها الفقهية قليلة أو نادرة، ويشتكي من غفلة الطلّاب عن التعمّق في المسائل الاعتقادية، ويكتب في (ج 1، ص 241) هكذا:
فإنّي أرى كثيرا منهم يصرفون جميع الأوقات في الفرعيّات ، ويتعمّقون فيما لا يكاد يحتاج إليه أحد طولَ عمره ، مثل الأقارير والوصايا المبهمة والحيل في البيوع وأمثال هذه ، ويتسمّون بالفقيه والمجتهد على الإطلاق ، والنائب العامّ ، والحاكم بالاستحقاق ،

  • نام منبع :
    الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 103541
صفحه از 637
پرینت  ارسال به